============================================================
العهيد شح معالم العدل والنوحيل الواحدة في الوقت الواحد في جزأين، وهو باطل، وإن كان الثاني لزم انقسام ذاته وهو باطل لما مر، فبطل أن يكون حالا في محل.
المسلك الثالث لو كان الله تعالى حالا في محل لزم أن يكون محتاجا إلى المحل، والمحتاج إلى المحل مكن الوجود، وهو تعالى واجب الوجود، فبطل أن يكون محتاجا إلى المحل. وإنما قلنا إنه لو صح حلوله في محل لكان محتاجا إليه؛ فلأنا لا نعني بالحاجة إلا أنه لا يصح اا وجوده من دون محله، والمخالف يعتقد أنه كذلك. وإنما قلنا إن المحتاج إلى غيره ممكن الوجود؛ فلأن الممكن هو الذي لولا غيره لم يصح وجوده، فثبت أنه لو كان محتاجا إلى المحل لكان ممكنا. وإنما قلنا إنه تعالى واجب الوجود فلما قدمنا من أن وجوده لذاته، فبطل ان يكون تعالى حالا في محل، وهو المطلوب.
المسألة الخامسة في أنه تعالى لا يجوز عليه الألم واللذة.
زعم بعض المتكلمين أن ماهية اللذة هي إدراك ما يلائم المزاج، وأن ماهية الألم هي ادراك ما ينافي المزاج، وهذا التعريف يضعف لأمرين: أما أولا فلأن الغرض من التعريف إيضاح المجهول بالمعلوم، وأظهر العلوم وأجلاها في الحصول العلم بالمحسوسات والأمور الموجودة من النفس، ومنها الألم واللذة، فإنهما من الأمور المحسوسة ومعلومان بالوجدان من النفس، فإن كل عاقل يعلمهما من نفسه ويدرك التفرقة بينهما وبين غيرهما من سائر المحسوسات.
وأما ثانيا فهو أن الملاءمة للمزاج والمنافاة له أمران خفيان، فكيف يمكن جعلهما أصلا في معقول ماهية الألم واللذة، وهما أخفى بكثير منهما.
Bogga 284