============================================================
الشهيد شح معالمر العدل والنوحيل واحتج أصحاب أبي هاشم بأمرين: أحدهما أن الساهي والنائم قد يفعلان الفعل لغير داع، وهذا يدل على أن الداعي ليس شرطا في وجود الفعل، إذلو كان شرطا لما صح وجوده من قبلهما.
ل وجوابه أنا قد قررنا أن الداعي شرط في وجود الفعل بما فيه مقنع وكفاية، وما ذكروه في النائم فهو رجوع إلى وجود محتمل، فإنا لا نسلم أن النائم لا يفعل ما يفعله لغير داع، بل يفعله لداع، ولهذا فإن المستيقظ من نومه يذكر أنه كان في حال نومه معتقدا أو ظانا لأمر يحدث منه أفعال بحسب ذلك الظن والاعتقاد كمن يرى آنه يضرب بالسيف أو تقطع أوصاله فيضطرب ويعلو صوته حتى يكون ذلك سببا للانتباه، وكمن يرى فور هم فيبعثه ذلك على الحزن والأسف حتى يسمع بكاؤه ونحيبه، وكمن يرى ما يسره فتسفره الغبطة والفرح فينتبه وهو يضحك.
ويؤكد ذلك أن الداعي في حقه ليس إلا الظن أو الاعتقاد، وهذا يتأتى من النائم كما يتأتى من غيره، فكيف يقال إنه يفعل ما يفعله لغير داع وغاية، ينافي هذا أن النائم حال يقظته قد لا يعلم ما دعاه إلى تلك الأفعال، وهذا لا يوجب القطع على أنها في الأصل ما صدرت عن غير داع، فإن علمه بتلك الدواعي غير الدواعي في أنفسها.
وثانيهما أنه قد يقع أحد الفعلين من القادر دون الآخر وحالهما في تناول الداعي لهما على سواء فإن من خير بين دينارين مستوين في الجودة أو تمرتين مستويتين في الحلاوة فإنه ايتناول أحدهما دون الآخر، وهذا يدل على أن الفعل غير مفتقر إلى الداعي؛ لأنه لو كان الداعي شرطا في وجوده لكان كما يحتاج إليه في أول الأمر يحتاج إليه في آخره أيضا عند فرض الاستواء.
Bogga 138