بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله العظيم، الذي لا ظل إلا ظله، والصلاة والسلام على محمد، الذي علا مقامه، ورفع محله.
وبعد: فإن الحديث المشهور، في السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه - وقد نظمهم الشيخ أبو شامة في بيتين - قد وقع التحاور فيه قديما بين الفحول، هل لهم ثامن أولا؟ فجمع شيخ الإسلام أبو الفضل ابن حجر، زيادة على ذلك سبعة أخرى، وردت في أحاديث صحاح، ونظمها في بيتين، ثم تتبع بعد ذلك، فوجد سبعتين في أحاديث في أحاديث ضعاف، ونظمها في أربعة أبيات.
وقد وقع لي زيادة على ذلك. خصال أخرى، وقد نظمت سلك الجميع في هذه الكراسة، وبينت فيها قواعد ذلك وأساسه، وذكرت ما لكل حديث من الشواهد التي فيها التصريح بالظل، والإشارة إليه دون مجرد الترغيب، وسميتها: (تمهيد الفرش في الخصال الموجبة لظل العرش) .
والله أسأل التوفيق، والهداية إلى سواء الطريق.
ذكر السبعة الأول المشهورة
أخبرتني أم الفضل بنت محمد بن محمد القدسي بقراءتي عليها أنا إبراهيم بن أحمد البعلي عن أبي روح المطعم أنا عبد لله بن عمر أنا أبو الوقت الهروي أنا أبو عاصم بن أبي منصور ثنا عبد الرحمن بن أبي شريح ثنا أبو القاسم المنيعي ثنا مصعب الزبيري عن مالك عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة وأبي سعيد ﵄: عن النبي ﷺ قال: (سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله ﷿ ورجل قلبه معلق بالمسجد، إذا خرج منه، حتى يعود إليه، ورجلان تحابا في الله، فاجتمعا على ذلك. وافترقا عليه، ورجل ذكر الله خاليا، ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة، فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.
هذا حديث صحيح.
متفق عليه، أخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك.
والترمذي عن أسحاق بن موسى عن معن بن عيسى عن مالك.
واتفقت رواة الموطأ على ذكره هكذا بالشك، عن أبي هريرة أو أبي سعيد.
(وانفرد أبو قرة عن مالك فقال: عن أبي هريرة وأبي سعيد) جمع بينهما.
وأخرجه الدارقطني في (غرائب مالك) .
من طريق أبي معاذ عن مالك، فقال: عن أبي هريرة أو أبي سعيد، أو عنهما جميعا.
ومن طريق زكريا بن يحيى عن ابن القاسم وغيره عن مالك عن أبي سعيد وحده.
وأخرجه الشيخان والنسائي من طريق عبيد الله بن عمر العمري عن خبيب عن حفص عن أبي هريرة وحده.
وعبيد الله أحد الحفاظ الأثبات.
وخبيب خاله.
وحفص جده، ولم يشك، فروايته أولى.
وقد تابعه: مبارك بن فضالة عن خبيب.
أخرجه الطياليسي.
وقد ورد من حديث سلمان: قال سعيد بن منصور في (كتاب السنن) له: حدثنا أبو معاوية عن إبراهيم الهجري عن الوليد بن عيينة عن سلمان قال: سبعة يظلهم الله في ظل عرشه يوم القيامة: رجل إذا ذكر الله خاليا، فاضت عيناه.
ورجل أفنى شبابه ونشاطه في عبادة الله.
ورجل قلبه معلق بالمساجد من حبها.
ورجل تصدق بيمينه، وكان يخفيها من شماله.
ورجلان التقيا، فقال كل واحد مهنما: إني أحبك في الله، تصادرا على ذلك.
ورجل أرسلت إليه امرأة. ذات منصب. تدعوه إلى نفسها، فقال: إني أخاف الله.
وإمام مقتصد.
هذا إسناد حسن.
وقال ابن عدي في (الكامل): حدثنا المغيرة بن أحمد أبو سهل الخاركي ثنا طالوت ثنا هشام بن سلمان عن يزيد الرقاشي عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: (أربعة في ظل الله، يوم لا ظل إلا ظله): شاب، وهب شبابه لله.
ورجل تصدق بصدقة، أخفى يمينه من شماله.
ورجل تاجر، اشترى وباع، فلم يعمل إلا حقا.
وملك ملك الناس، فأقام عليهم، بالعدل، حتى توفي.
وقال ابن أبي شيبة ف (المصنف): حدثنا أبو خالد الأحمر عن محمد بن إسحاق حدثني عمي موسى بن يسار أن سلمان كتب إلى أبي الدرداء: إن في ظل العرش:
1 / 1
إماما مقسطا، وذا مال، إذا تصدق، أخفى يمينه عن شماله، ورجلا دعته امرأة ذات حسب ومنصب، إلى نفسها، فقال: إني أخاف الله رب العالمين، ورجلا نشأ، وكانت صحبته وشبابه وقوته، فيما أحب الله، ويرضاه من العمل، ورجلا كان قلبه معلقا في المساجد من حبها، ورجلا ذكر الله، ففاضت عيناه من الدمع، من خشية الله، ورجلا التقيا، فقال أحدهما لصاحبه: إني لأحبك في الله.
ذكر شواهد هذه الخصال السبعة
أما شواهد الإمام العادل: فقد ورد في الإظلال: من حدث أبي هريرة أيضا، وسيأتي.
ووردت الإشارة إليه دون التصريح، في أحاديث منها: ما رواه مسلم والنسائي وأحمد من حديث عيد الله بن عمرو بن العاص يبلغ به النبي ﷺ قال: إن المقسطين عند الله يوم القيامة، على منابر من نور، عن يمين العرش، هم الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولو.
وروى الترمذي من طريق عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله ﷺ: إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة، وأدناهم منه مجلسا، الإمام العادل.
وقال: غريب، لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه.
وقد ورد في التحاب أحاديث مستقلة من: حديث أبي هريرة ومعاذ بن جبل والعرباض بن سارية وأبي الدرداء فحديث أبي هريرة: أخرجه مالك في الموطأ عن أبي طوالة عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: يقول الله تعالى يوم القيامة: أين المتحابون لجلالي، اليوم أظلهم في ظلي، يوم لا ظل إلا ظلي.
وأخرجه مسلم والترمذي وغيرهما.
وحديث معاذ: قال الإمام أحمد في (مسنده): ثنا وكيع ثنا جعفر بن برقان عن حبيب بن أبي مرزوق عن عطاء بن أبي رباح عن أبي إدريس الخولاني عن معاذ بن حنبل قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: المتحابون في الله على منابر من نور، في ظل العرش، يوم لا ظل إلا ظله.
وحديث العرباض: ثنا هيثم بن خارجة ثنا ابن عياش - يعني: إسماعيل - عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن ميسرة عن العرباض بن سارية قال: قال رسول الله ﷺ: قال الله ﷿: المتحابون بجلالي في ظل عرشي، يوم لا ظل إلا ظلي.
وحديث أبي الدرداء: قال الطبراني في (الأوسط): حدثنا أحمد حدثني إبراهيم بن حيوية الجرجاني أبو إسحاق - ثقة مأمون - ثنا محمد بن حاتم ثنا على بن ثابت الجزري عن يحيى بن زيد عن حكيم بن كيسان عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: المتحابون في الله ﷿ في ظل الله، يوم لا ظل إلا ظله، على منابر من نور، يفزع الناس، ولا يفزعون.
ومن الشواهد التي فيها الإشارة إلى الظل: ما رواه أحمد والطبراني من طريق شهر بن حوشب عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله ﷺ: إن لله عبادا، ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم النبيون والشهداء على منازلهم وقربهم من الله.
فقال أعرابي: من هم يا رسول الله؟ قال: ناس من بلدان شتى، لم تصل بينهم أرحام متقاربة، تحابوا في الله وتصافوا، يضع الله لهم يوم القيامة، منابر من نور، قدام الرحمن، فيحاسبهم عليها، يفزع الناس ولا يفزعون.
وروى الطبراني بسند جيد من حديث ابن عباس أن رسول الله ﷺ قال: إن لله جلساء يوم القيامة، عن يمين العرش - وكلتا يدي الله يمين - على منابر من نور، وجوههم من نور، ليسوا بأنبياء، ولا شهداء، ولا صديقين.
قيل: يا رسول الله من هم؟ قال: هم: المتحابون بجلال اله ﵎.
وروى أيضا بسند جيد عن أبي أمامة قال: قال رسول الله ﷺ: إن لله عبادا، يجلسهم يوم القيامة على منابر من نور، يغشى وجوههم النور، حتى يفزع من حساب الخلائق.
وروى أيضا بسند لا بأس به عن أبي أيوب: عن النبي ﷺ قال: المتحابون في الله، على كرسي من ياقوت، حول العرش.
وروى أيضا بسند ضعيف عن أبي عبيدة ابن الجراح قال: قال ٢ ب رسول الله ﷺ: ما تحاب اثنان في الله، إلا وضع لهما كرسيا، فأجلسا عليه، حتى يفرغ الله من الحساب.
فقال معاذ: صدق أبو عبيدة.
وروى أيضا بسند ضعيف عن معاذ: عن النبي ﷺ قال:
1 / 2
إن رجالا ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يوضع لهم يوم القيامة، منابر من نور، يأمنون من الفزع الأكبر.
قال رجل: يا نبي الله، ومن أولئك؟ قال: نزاع القبائل، يتحابون في الله.
وأما خصلة (ورجل دعته امرأة..) .
فقد ورد في الإظلال من حديث: أبي أمامة، وسيأتي.
وأما خصلة الصدقة، فمن شواهده: ما رواه أحمد قال: ثنا علي بن أسحاق قال ثنا ابن المبارك عن حرملة بن عمران عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله ﷺ: الرجل في ظل صدقته، حتى يقضى بين الناس.
وروى الطبراني من حديث عبد الرحمن بن سمرة قال: خرج رسول الله ﷺ، فقال: إني رأيت البارحة عجبا، الحديث. وفيه: ورأيت رجلا من أمتي، يتقي وهج النار عن وجهه، فجاءته صدقته، فصارت طلاء على رأسه، وسترا عن وجهه.
أنبئت عن أبي أسحاق البعلي عن ابي الهدى بن أبي شامة أنشدنا أبي لنفسه:
وَقالَ النَبِيُّ المُصطَفى إِنَّ سَبعَةً ... يُظِلُّهُم اللَهُ العَظيمُ بِظِلِّهِ
مُحِبٌّ عَفيفٌ مُتَصَدِّقٌ ... وَباكٍ مُصَلٍّ وَالإِمامُ بِعَدلِه
ذكر السبعة الثانية التي أوردها شيخ الإسلام
وهي ملفقة من أربعة أحاديث
الحديث الأول
أخبرتني هاجر بنت أبي عبد الرحمن الأثري قراءة أنا أبو إسحاق التنوخي أنا أحمد بن نعمه أنا أبو المنجى ابن اللتي أنا أبو الوقت أنا أبو الحسن الداودي أنا أبو محمد السرخسي أنا أبو محمد الشاشي أنا عبد بن حميد ثنا عبد الرحيم بن عبد الرحمن المحاربي ثنا زائدة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن حراش عن أبي اليسر ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: من أنظر معسرا، ووضع عنه، أظله الله، في ظله، يوم لا ظل إلا ظله.
هذا حديث صحيح.
أخرجه أحمد عن حسين بن علي ومعاوية بن عمر وكلاهما عن زائدة.
ومسلم مطولا عن هارون بن معروف عن حاتم بن إسماعيل عن يعقوب بن مجاهد عن عباة بن الوليد عن أبي اليسر.
وابن ماجه من طريق حنظلة بن قيس عن أبي اليسر.
وأخرجه الطبراني في (الكبير) بلفظ: إن أول الناس، يستظل في ظل الله يوم القيامة، لرجل أنظر معسرا، أو تصدق عليه.
وإسناده حسن.
وفيه فائدة: إن هذا، أول من يستظل.
وورد ذلك من حديث أبي قتادة وأبي هريرة وعثمان وشداد بن أوس وجابر وعائشة وكعب بن عجرة وأبي الدرداء، وأسعد بن زرارة.
فحديث أبي قتادة: أخرجه أحمد والدارمي معا قالا: ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي عن محمد بن كعب القرظي عن أبي قتادة ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: من نفس عن غريمه، أو محي عنه، كان في ظل العرش يوم القيامة.
وحديث أبي هريرة: أخرجه الترميذي قال: حدثنا أبو كريب قال ثنا أسحاق بن سليمان الرازي عن داهو بن قيس عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: من أنظر معسرا، أو وضع له، أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه، يوم لا ظل إلا ظله.
وقال: حسن صحيح.
وحديث عثمان: أخرجه عبد الله بن الإمام أحمد: حدثني أبو يحيى البزار ثنا الحسن بن بشر بن سلم الكوفي ثنا العباس بن الفضل الأنصاري عن هشام بن زياد القرشي عن أبيه عن محجن مولى عثمان عن عثمان قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: أظل الله عبدا في ظله، يوم لا ظل إلا ظله، أنظر معسرا، أو ترك لغارم.
وحديث شداد: قال الطبراني في (الأوسط): ثنا علي سعيد ثنا الحسين بن معاوية البزار المصري ثنا يحيى بن سلام الإفريقي عن أيوب بن نهيك عن يعلى بن شداد بن أوس عن أبيه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: من أنظر معسرا، أو تصدق عليه، أظله الله في ظله يوم القيامة.
يحيى ضعيف.
وحديث جابر: قال أيضا: ثنا عبدان بن أحمد ثنا هشام بن عمار ثنا إسماعيل بن عياش عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي قتادة وجابر بن عبد الله: أن النبي ﷺ قال: من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة، وأن يظله تحت عرشه، فلينظر معسرا.
هذا حديث، رجاله رجال الصحيح.
وحديث عائشة: قال أيضا:
1 / 3
حدثنا موسى بن جمهور ثنا دحيم ثنا يحيى بن يزيد بن عبد الملك النوفلي ثنا إسماعيل بن إبراهيم الربعي عن أبيه عن عائشة: أن رسول الله ﷺ قال: من أنظر معسرا، أظله الله في ظله، يوم القيامة.
يحيى ضعيف.
وحديث كعب: قال أيضا: حدثنا العباس بن أحمد البغدادي ثنا الحسين بن حريث المروزي ثنا الفضل بن موسى السيناني، عن عبيدة بن معتب الضبي عن أبي مالك الأنصاري عن زيد بن وهب عن كفب بن عجرة قال: قال رسول الله ﷺ: من انظر معسرا، أو يسر عليه، أظله الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله.
عبيدة ضعيف متروك.
وحديث أبي الدرداء: قال الطبراني في (الكبير): ثنا أبو زرعة الدمشقي ثنا إسحاق بن إبراهيم أبو النضر ثنا خالد بن عبد الرحمن المخزوني عن عمران بن سويد عن سعيد بن المسيب عن أبي الدرداء عن النبي ﷺ قال: من أنظر معسرا، أو وضع عنه، أظله الله في ظله يوم القيامة.
خالد مجمع على ضعفه.
وحديث أسعد: قال في (الكبير): حدثنا عبد الله بن محمد بن شعيب الرجاني ثنا يحيى بن حكيم المقوم ثنا محمد بن بكر البرساني ثنا عبيد الله بن أبي زياد حدثني عاصم بن عبيد الله عن أسعد بن زرارة قال: قال رسول الله ﷺ: من سره أن يظله الله يوم لا ظل إلا ظله، فلييسر على معسر، أو ليضع عنه.
عاصم ضعيف، ولم يدرك أسعد.
الحديث الثاني: وبالسند الماضي إلى عبد بن حميد: حدثنا زكريا بن عدي ثنا عبدي الله بن عمرو عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عبد الله بن سهل بن حنيف عن أبيه: أن رسول الله ﷺ قال: من أعان مجاهدا في سبيل الله، أو غارما في عسرته، أو مكاتبا في رقبته، أظله الله يوم لا ظل إلا ظله.
هذا حديث صحيح.
أخرجه أحمد عن زكريا، فوافقناه بعلو.
وأخرجه الطبراني والحاكم من رواية زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل.
الحديث الثالث: أخبرني شيخنا الإمام تقي الدين أحمد بن محمد الشمني ﵀ بقراءتي عليه: أنا عبد الله بن علي أنا أبو الحسين الدمشقي أنبأتنا زينب بنت مكي.
وأخبرني عاليا أبو عبد الله الحلي مكاتبه عن الصلاح بن أبي عمر أنا أبو الحسن بن السخاوي قالا: أنا أبو علي الرصافي أنا أبو القاسم الشيباني أنا أبو علي المذهب أنا أبو بكر القطيعي ثنا عبد الله بن أحمد ثنا أبي حدثنا يونس بن محمد ثنا الليث بن سعد حدثني الوليد بن أبي الوليد عن عثمان بن عبد الله بن سراقة عن عمر بن الخطاب ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: من أظل رأس غاز، أظله الله يوم القيامة.
هذا حديث صحيح.
أخرجه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يونس وابن حبان في (صحيحة) عن الحسن بن سفيان عن أبي بكر.
وأبو يعلى عن أحمد عن إبراهيم الدورقي عن أبي عبد الرحمن المقري عن الليث.
والعدني عن الدراوردي عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن الوليد.
والوليد مدني، أثنى عليه أبو داود خيرا.
ولينه ابن جرير.
الحديث الرابع: أخبرتني أم الفضل بنت محمد قراءة.
أنا إبراهيم بن أحمد أنا أحمد بن أبي طالب سماعا.
وعيسى بن عبد الرحمن إجازة قالا: أنا أبو المنجي - قال الأول: إجازة: والثاني: سماعا - أنا أبو الوقت قال: قرىء على أم الفضل بنت عبد الصمد وأنا أسمع أن عبد الرحمن بن أحمد الأنصاري أخبرهم حدثنا محمد بنعقيل بن الأزهر ثنا عباد بن الوليد ثنا عثمان بن الهيثم ثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: سبعة في ظل العرش، يوم لا ظل إلا ظله.
رجل ذكر الله، ففاضت عيناه، ورجل قلبه معلق بالمساجد، من شدة حبه إياها، ورجل يحب عبدا لا يحبه إلا الله، وإمام مقسط في رعيته، ورجل يعطي الصدقة بيمينه، يكاد يخفيها عن شماله، ورجل عرضت عليه امرأة نفسها، ذات منصب وجمال، فتركها لجلال الله، ورجل كان في سرة مع قوم، فلقوا العدو، فانكشفوا، فحمى آثارهم، حتى نجوا، ونجى أو استشهد.
قال شيخ الإسلام: قال شيخ الإسلام: هذه حديث حسن، غريب جدا في غالب ألفاظه.
والخصلة السابعة فيه أشد غرابة.
وترجمة هشام عن محمد عن أبي هريرة أخرج بها الشيخان عدة أحاديث.
1 / 4
لكن عثمان - وهو العبدي البصري المؤذن - وإن أخرج له البخاري، فقد قال أبو حاتم: إنه صار يلقن بأخرة، فيتلقن.
وعليه يتنزل قول الدارقطني: كان كثير الخطأ.
وبهذه الخصلة، كملت الخصال في الأحاديث المذكورة سبعة، انتهى.
والحديث المذكور: أخرجه ابن عساكر في (تاريخ دمشق) من طريق أبي روق الدمشقي عن محمد بن غالب عن عمر بن القاسم عن هشام بن حسان به.
وللخصلة السابعة شواهد في الترغيب، فمنها: ما أخرجه الترمذي والحاكم عن أبي هريرة!!: عن النبي ﷺ قال: ثلاثة يحبهم الله: رجل كان في سرية، فلقي العدو، فهزموا، فأقبل بصدره حتى يقتل، أو يفتح له.
وأخرج الحاكم عن أبي الدرداء مرفوعا: ثلاثة يحبهم الله، ويضحك إليهم الذي إذا انكشف فئة، قاتل وراءها بنفسه لله ﷿.
وأخرج أبو نعيم عن ربيعة بن وقاص مرفوعا: ثلاثة لهم دعوة: رجل تكون معه فئة، فيفر عنه أصحابه، فيثبت.
أنشدني شيخ الإسلام في عموم إجازته لنفسه:
وَزِد سَبعَةً: إِظلالَ غازٍ وَعَونِه ... وَإِنظارُ ذي عُسرٍ وَتَخفيفِ حَملِه
وَحامي غُزاةَ حينَ وَلّوا وَعَونِ ذي ... غَرامَةَ حَقٍّ مَع مُكاتِبِ أَهلِهِ
ذكر السبعتين اللتين أوردهما شيخ الإسلام
وفي أحاديثهما ضعف، وهي عشرة أحاديث
الحديث الأول
أخبرني القاضي نجم الدين عبد الرحمن بن عبد الوارث البكري بالفسطاط أنا أبو الحسن البالسي أنا أبو الفرج بن عبد الهادي أنا أبو العباس بن نعمة أنا أبو الفرج الثقفي أنا أبو القاسم الأصبهاني في (الترغيب) أنا أبو بكر بن أحمد أنا جعفر بن محمد بن جعفر أنا عبد الله بن محمد بن حيان ثنا عبد الرحمن بن محمد بن حماد ثنا سلمة بن شبيب ثنا عبد الله بن إبراهيم الغفاري حدثني أبي عن أبي بكر المنكدر عن جابر بن عبد الله ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: ثلاث من كن فيه، أظله الله تحت عرشه، يوم لا ظل إلا ظله: الوضوء على المكاره، والمشي إلى المساجد في الظلم، وإطعام الجائع.
قال شيخ الإسلام: هذا حديث غريب.
أخرجه أبو الشيخ في (كتاب الثواب) عن عبد الرحمن هكذا.
وعبد الله بن إبراهيم أخرج له الترمذي. وابن ماجه، وهو ضعيف جدا.
لكنه ورد في الترغيب في كل من هذه الخصال أحاديث قوية.
وأخرج الطبراني في (مكارم الأخلاق) بهذا السند عن جابر مرفوعا: من أطعم الجائع حتى يشبع، أظله الله تحت ظل عرشه.
الحديث الثاني
وبه إلى الأصبهاني أنا عبد السلام بن محمد أنا عبد الجبار بن أحمد ثنا محمد بن إبراهيم بن الحسن ثنا أبو جعفر محمد بن عمر بن حفص ثنا يحيى بن شبيب عن حميد عن أنس بن مالك ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: التاجر الصدوق تحت ظل العرش، يوم القيامة.
هذا حديث غريب.
أخرجه الديلمي في (مسند الفردوس) عن أبي بكر محمد إبراهيم الكرجي عن عبد الجبار بن أحمد القاضي به.
قال شيخ الإسلام: تفرد به يحيى، وهو منكر الحديث متهم عند الأئمة.
قلت: لكن له شاهد في الإظلال من حديث أبي هريرة سيأتي.
ومن مرسل قتادة: قال ابن جرير في (تفسيره): حدثنا بشر بن معاذ ثنا يزيد ثنا سعيد عن قتادة قال: كنا نحدث: أن التاجر الأمين الصدوق مع السبعة في ظل العرش يوم القيامة.
وقال عبد الرزاق: أنا معمر عن قتادة أن سلمان قال: التاجر الصدوق مع السبعة في ظل عرش الله يوم القيامة.
أخرجه البيهقي في (الأسماء والصفات) من طريقة.
وله شواهد في (الترغيب والترهيب)، منها: حديث أبي سعيد: التاجر الأمين الصدوق مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة.
رواه الترمذي.
وحديث ابن عمر: التاجر الصدوق الأمين المسلم مع الشهداء يوم القيامة.
رواه ابن ماجة.
الحديث الثالث
أخبرني أبوعبد الله الحلبي في (كتابه) عن أبي عبد الله بن أحمد أن أبا الحسن الحنبلي أخبره عن أبي المكارم بن اللبان أنا أبو نعيم أنا الطبراني في الأوسط حدثنا محمود - هو ابن علي الأصبهاني - ثنا هارون بن موسى ثنا عبد الله بن سعيد المقبري عن أخيه عن أبيه عن جابر بن عبد الله ﵄ قال: اشهد لسمعت رسول الله ﷺ يقول:
1 / 5
أظل الله في ظله يوم القيامة، من أنظر معسرا، أو أعان أخرق.
هذا حديث غريب.
أخرجه الطبراني في (مكارم الأخلاق) .
وعبد الله ضعيف.
الحديث الرابع
وبه إلى الطبراني: حدثنا هاشم بن مرشد ثنا المعافي بن سليمان عن موسى بن أعين عن الخليل بن مرة عن إسماعيل بن إبراهيم عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ: (من كفل يتيما أو أرملة أظله الله في ظله يوم القيامة) .
هذا حديث غريب.
أخرجه الطبراني في (مكارم الأخلاق) عن سليمان بن المعافي عن أبيه.
وابن شاهين في (الترغيب) عن أحمد بن علي الرازي عن سليمان.
وإسماعيل مجهول.
والخليل ضعفه الأكثر.
لكن قال ابن عدي: ولم أجد له حديثا منكرا، يجاوز الحد، وهو ممن يكتب حديثه.
وله شاهد: قال أبو الحسين بن النقور: أنا أبو القاسم بن الجراح أنا محمد نوح ثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بتستر ثنا جعفر بن جسر عن أبيه جسر بن فرقد عن بكر بن عبد الله المزني، عن ابن مسعود: عن النبي ﷺ قال: قال داود ﵇: يا رب، ما جزاء، من أعال أرملة أو يتيما ابتغاء مرضاتك؟ قال: أظله في ظلي، يوم لا ظل إلا ظلي.
هذا حديث غريب.
أخرجه الديلمي في (مسند الفردوس) عن نصر الإمام عن ابن النقور.
وابن عساكر في (تاريخه) عن أبي نصر المبارك بن أحمد البيع عن ابن النقور.
وجسر فيه ضعف.
وكذا ابنه.
وبكر عن ابن مسعود، منقطع.
وأخرج عبد الرزاق في (جامعة) عن عبد الرحمن بن عمرو المكي ثنا عثمان بن الأسود أن أمية بن صفوان، قال: وجد في تراب صفوان صحيفة مربوطة، فيها: سأل إبراهيم ﵇ ربه، فقال: أي رب، ما جزاء من سدد أرملة، ابتغاء وجهك؟ قال: وما تسديد الأرملة؟ قال: يؤويها.
قال: أظله في ظلي، وأدخله جنتي.
أخرج الطبراني في (الدعاء) .
قال شيخ الإسلام.
(وهو شاهد جيد) .
ولم يذكر له غير هذين الشاهدين.
قلت: ووجدت له شواهد أخر.
وبالسند الماضي إلى أبي نعيم: حدثنا أحمد بن إسحاق وعبد الله بن محمد قالا ثنا أبو بكر بن أبي عاصم ثنا أبو أيوب الخبائري ثنا سعيد بن موسى ثنا رباح بن زيد عن معمر عن الزهري عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: إن الله تعالى، قال لموسى: إن أحببت أن تسكن في ظل عرشي، يوم لا ظل إلا ظلي، فكن لليتيم كالأب الرحيم، وكن للأرملة كالزوج العطوف.
هكذا أخرجه في (الحلية)، وقال: (غريب من حديث الزهري، لم نكتبه إلا من حديث رباح عن معمر. ورباح فمن فوقه عدول. والخبائري في حديثه لين ونكارة) انتهى.
والحديث أخرجه ابن أبي عاصم المذكور في (كتاب السنة) بإسناده هكذا.
وبه إلى أبي نعيم: حدثنا أحمد بن جعفر بن سليمان ثنا عبد الصمد بن معقل عن عمه وهب بن منبه.
قال داود ﵇: إلهي، ما جزاء من سدد الأرملة واليتيم، ابتغاء مرضاتك؟ قال: جزاؤه، أن أظله في ظل عرشي، يوم لا ظل إلا ظلي وبه إلى أبي نعيم: حدثنا أحمد ثنا الحسن بن علوية القطان ثنا إسماعيل بن عيسى العطار ثنا إسحاق بن مبشر القرشي أبو حذيفة عن سعيد عن قتادة عن كفب: قال موسى ﵇: يا رب جزاء من آوى يتيمًا، حتى يستغني، أو كفل أرملة؟ قال: أسكنه جنتي، وأظله يوم لا ظل إلا ظلي.
وقال ابن المبارك في (الزهد): حدثنا صالح المري عن أبي عمران الجوني قال: قرأت في مسألة داود ربه: إلهي، ما جزاء من يسند اليتيم والأرملة، ابتغاء مرضاتك؟ قال: جزاؤه أن أظله في ظلي، يوم لا ظل إلا ظلي.
أخرجه الإمام أحمد في (الزهد)، وابن أبي الدنيا في (العزاء) .
وقال عبد الله بن الإمام أحمد في (زوائد الزهد) حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري ثنا جعفر بن سليمان ثنا الجعد قال: بلغنا أن داود ﵇، قال: إلهي، ما جزاء من أسند يتيما أو أرملة، لا يريد به إلا وجهك؟ قال: جزاؤه أن أظله في ظل عرشي، يوم لا ظل إلا ظلي.
الحديث الخامس
وبه إلى الطبراني: حدثنا محمد بن داود ثنا عمرو بن سواد ثنا مؤمل بن عبد الرحمن الثقفي ثنا أبو أمية ابن يعلى عن سعيد المقبري عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: أوحى الله إلى إبراهيم ﵇:
1 / 6
يا خليلي، حسن خلقك، ولو مع الكفار، تدخل مداخل الأبرار، وإن كلمتي سبقت لمن حسن خلقه، أن أظله تحت عرشي، وأسقيه من حظيرة قدسي، وأدنيه من جواري.
هذا حديث غريب.
أخرجه ابن عدي في الكامل عن موسى بن الحسن الكوفي عن عمرو، وقال: (تفرد به مؤمل عن أبي أمية) واسمه إسماعيل وهو ضعيف وأخرجه الأصبهاني في الترغيب من طريق سليمان بن الربيع الخزار عن كادح بن رحمة عن أبي أمية.
وكادح واه.
الحديث الخامس
وبالسند الماضي إلى الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن إسحاق وإسحاق بن عيسى وحسن بن موسى قالوا: ثنا ابن لهيعة ثنا خالد بن أبي عمران عن القاسم عن عائشة ﵂ قالت: قال رسول الله ﷺ: أتدرون من السابقون إلى ظل الله يوم القيامة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: الذين إذا أعطوا الحق قبلوه، وإذا سئلوه بذلوه، وحكموا للناس، كحكمهم لأنفسهم.
هذا حديث غريب.
أخرجه ابن منيع في مسنده عن حسن بن موسى والبيهقي في الشعب من طريق آخر عن ابن لهيعة.
قال شيخ الإسلام: ولم أره إلا من حديث ابن لهيعة، وحاله معروف.
الحديث السابع
أخبرني الحافظ أبو الفضل بن محمد الهاشمي إجازة عن إبراهيم بن أحمد أن القاسم بن مظفر أخبره عن أبي نصر بن محمد أنا الحافظ أبو القاسم بن عساكر أنا أبو سهل محمد بن إبراهيم الديبلي ثنا علي بن الفرائضي ثنا موسى بن داود ثنا يعقوب بن إبراهيم عن يحيى بن سعيد عن رجل عن أبي مسلم الخولاني أبي ذر قال: قال رسول الله ﷺ: صلى على الجنائز، لعل ذلك يحزنك، فإن الحزين في ظل الله.
هذا حديث غريب.
أخرجه ابن شاهين في الترغيب.
قال شيخ الإسلام: والرجل المبهم ما عرفته.
وقد أخرجه الحاكم في المستدرك بحذفه، وزاد بين أبي مسلم وأبي ذر: عبيد بن عمير.
وكذا أخرجه ابن أبي الدنيا في (كتاب القبور) .
وموسى وثقه أحمد وغيره.
وقال أبو حاتم: في حدثيه اضطراب.
وشيخه كأنه المدني الذي ذكره ابن عدي وأشار إلى أنه مجهول.
الحديث الثامن
وبالسند الماضي إلى الأصبهاني في (الترغيب): أنا أبو الفتح الهمداني أنا أبو الحسين بن منجويه ثنا محمد بن الحسن بن كوثر ثنا محمد بن غالب بن حرب ثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى ثنا سليمان بن رجاء ثنا عبد العزيز بن مسلم عن أبي نصيرة عن أبي رجاء العطاردي قال: سمعت أبا بكر الصديق وهو على المنبر يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: الوالي العادل المتواضع ظل الله ورمحه في الأرض، فمن نصحه في نفسه وفي عباد الله، حشره الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ومن غشه في نفسه وفي عباد الله، خذله الله يوم القيامة.
أخرجه ابن شاهي في الترغيب عن أحمد بن إسحاق بن بهلول عن أبيه عن محمد بن عمران به. بلفظ (أظله الله بظله) ورجاله معروفون، إلا سليمان بن رجاء، قال أبو حاتم: (إنه مجهول) .
وأبو نصيرة مستور.
الحديث التاسع
قال ابن شاهين في (ترغيبه): ثنا أحمد بن عيسى البلدي ثنا أبو فروة يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان ثنا أبو محمد بن يزيد عن أبيه حدثني أسحاق بن راشد عن أبي نصيرة سمعت أبا رجاء العطاردي عن أبي بكر الصديق ﵁ قال: قال موسى بن عمران ﵇: يا رب ما لمن عزى الثكلى؟ قال: أظله بظلي يوم لا ظل إلا ظلي.
قال شيخ الإسلام: سنده أوهى مما قبله.
قلت: رواه ابن السني في (عمل اليوم والليلة) أخبرني الحسين بن عبد الله القطان عن محمد بن وهب عن محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن أبي محمد عن يحيى الجزار عن أبي رجاء العطاردي عن أبي بكر وعمران ابن حصين قالا: قال رسول الله ﷺ: قال موسى لربه: ما جزاء من عزى الثكلى؟ قال: أظله في ظلي، يوم لا ظل إلا ظلي.
وأخرجه الطبسي في ترغيبه من طريق الحراني عن محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم ابن أنيسة عن أبي رجاء به.
وقال سعيد بن منصور في سننه: حدثنا أبو معاوية عن العوام بن جويرية عن الحسن قال: قال موسى ﵇: يا رب ما جزاء ما عزى الثحلي؟ قال: أظله في ظلي، يوم لا ظل إلا ظلي.
الحديث العاشر
وبالسند الماضي إلى أبي نعيم:
1 / 7
حدثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا أحمد بن سليمان ثنا رشدين بن سعد عن مهاجر بن غانم المذحجي ثنا أبو عبد الله الصنابحي سمعت أبا بكر الصديق يقول على المنبر: قال النبي ﷺ: من سره أن يقيه الله من فور جهنم، يوم القيامة، ويجعله في ظله، فلا يكو غليظا على المؤمنين، وليكن بهم رحيما.
هكذا أخرجه في الحلية وقال: (رواه عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن حسان عن مهاجر مثله) وأخرجه أبو الفضل الطبسي في ترغيبه من طريق أحمد بن سليمان.
وأخرجه البيهقي في الشعب وأبو الشيخ في الثواب وأبو بكر بن لال في مكارم الأخلاق من طريق عبد الرحيم بلفظ: (من أراد أن يظله الله بظله..) .
ومهاجر مجهول.
أنشدني شيخ الإسلام إجازة عامة لنفسه:
وَزِد مَع ضِعفٍ سَبعَتَين إِعانَة ... لِأَخرَقَ مَع أَخذٍ لِحَقٍّ وَبذلِه
وَكُرهِ وَضوءٍ ثُمَّ مَشى لِمَسجِدٍ ... وَتَحسين خُلُقٍ ثُمَّ مَطعَمٍ فَضلِهِ
وَكافِلٍ ذي يُتمٍ وَأَرمَلَةُ وَهَت ... وَتاجِرٍ صِدقٍ في المَقالِ وَفِعلِهِ
وَحُزنٍ وَتَصبيرٍ وَنُصحٍ وَرَأفةٍ ... تُرَبَّع بِها السَبعاتُ في فَيضٍ فَضلِهِ
قلت: قد اغفل خصلة من حديث عائشة وهي: (وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم) .
وسيأتي ذكرها في أبياتي إن شاء الله تعالى.
ذكر الخصال التي وقعت لي
قال أبو الشيخ ابن حيان في الثواب: حدثنا الهيثم بن جماز عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: ثلاثة في ظل العرش يوم القيامة، يوم لا ظل إلا ظله: واصل الرحم، يزيد الله في رزقه، ويمد في أجله، وامرأة مات زوجها، وترك علها أيتاما صفارا، فقالت: لا أتزوج، أقيم على أيتامي، حتى يموتوا، أو يغنيهم الله، وعبد صنع طعاما، فأضاف ضيفه، وأحسن نفقته، فدعا عليه اليتيم والمسكين، فأطعمهم لوجه الله.
هذا حديث غريب.
أخرجه الأصبهاني في الرغيب. وأخرجه الطبسي في ترغيبه من طريق آخر، عن الهيثم به، بلفظ: (رجل وصول لرحمه، متعطف عليهم، ورجل صنع طعاما، فأطابه، فدعا عليه الفقراء والمساكين..) الحديث.
وقال الطبراني: حدثنا عمر بن علي عن بشر بن نمير عن القاسم عن أبي أمامة قال: قال رسول الله ﷺ: ثلاثة في ظل الله يوم القيامة: رجل حيث توجه، علم أن الله معه، ورجل دعته امرأة إلى نفسها، فتركها من خشية الله، ورجل يحب الناس لجلال الله.
هذا حديث غريب.
أخرجه الديلمي في مسند الفردوس بلفظ: (ثلاثة في ظل العرش..) .
وبشر متروك.
والخصلة الأولى منه، وقعت مقترنة بغالب خصال الظلال السبعة في أثر.
وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر أنا أبو غالب ابن البنا أنا الحسن بن علي الجوهري أنا أبو بكر محمد بن إسماعيل الوراق ثنا يحيى بن محمد بن صاعد ثنا الحسين بن الحسن المروزي ثنا عبد الله بن المبارك أنا ابن لهيعة حدثني الحارث بن يزيد عن علي بن رباح سمعت وهبا الذماري يحدث عن فضاله بن عبيد: أن داود ﵇ قال: يا رب أخبرني، بأحبابك من خلقك، أحبهم لك.
قال: ذو سلطان يرحم الناس، ويحكم للناس كما يحكم لنفسه، ورجل آتاه الله مالا، فهو ينفق منه ابتغاء وجه الله، وفي طاعة الله، ورجل يفني شبابه وقوته في طاعة الله، ورجل كان قلبه معلقا في المساجد، من حبه إياها، رجل لقي امرأة حسناء، فأمكنته من نفسها، فتركها من خشية الله، ورجل حيث كان يعلم أن الله تعالى معه.
نقية قلوبهم، طيبة كسبهم، يتحابون لجلالي، أذكرهم، ويذكروني. بذكري.
ورجل فاضت عيناه من خشية الله ﷿.
وقال الديلمي في مسند لفردوس: أنا عبدوس بن عبد الله بن محمد بن عبدوس عن محمد بن عيسى عن أحمد بن إبراهيم بن حازم عن عبد الرحمن بن حمدان عن أحمد بن إبراهيم بن فيل عن إسحاق بن سعيد أبي سلمة الدمشقي عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي عن مكحول عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ:
1 / 8
أهل الجوع في الدنيا، هما لذين يقبض الله أرواحهم، وهم الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإن شهدوا لم يعرفوا، أخفياء في الدنيا، معروفون في السماء، إذا رآهم الجاهل ظن بهم سقما، وما بهم سقم إلا الخوف من الله، يستظلون يوم القيامة، يوم لا ظل إلا ظله.
هذا حديث غريب.
وإسحاق بن سعيد، قال أبو حاتم: مجهول، وقال الدارقطني: منكر الحديث، وقال الذهبي: ضعفوه.
ورواية مكحول أخرجها أبو داود والترمذي، ويقال إنها مرسلة.
وله شاهد: أخرجه أبو نعيم في الحلية والطبراني من طريق الفضل بن الحباب عن شاذان الفياض عن أبي قحذم عن أبي قلابة عن ابن عمر عن معاذ بن جبل مرفوعا: أقرب الناس إلى الله، من طال جوعه وعطشه وخوفه، الأخفياء الأبرياء، الذين إن شهدوا لم يعرفوا، وإذا غابوا لم يفتقدوا.
وفي الحديث إشارة إلى الإظلال.
ورواه أحمد بن منيع في مسنده عن كثير بن هشام عن أبي قحذم عن أبي قلابة عن ابن عمر عن عمر عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله ﷺ: إن أحب العباد إلى الله الأتقياء الأخفياء، الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإن شهدوا لم يعرفوا أولئك أئمة الهدى، ومفاتيح العلم.
وفيه رواية صحابي عن صحابي عن صحابي.
وقال الديلمي.
أنا والدي أنا أبو طاهر الأمين أنا المظفر بن الحسين السمسار.
وقال ابن النجار في تاريخ بغداد: أنبأنا أبو القاسم الأزجي قال: كتب إلي أبو الرجاء أحمد بن محمد الكسائي أن ابا نصر عبد الكريم بن محمد بن أحمد بن هارون الشيرازي أخبره: حدثنا أبو معشر عبد الله بن إبراهيم الواعظ الهمداني ثنا أبو بكر أحمد بن علي بن لال الفقيه قالا: ثنا علي بن محمد بن عامر النهاوندي ثنا علي بن العباس بن الوليد المقانعي بالكوفة ثنا جعفر بن محمد بن الحسين الزهري ثنا حسن بن الحسين ثنا صالح بن الأسود عن مخارق بن عبد الرحمن عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله ﷺ: أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب أهل بيته، وعلى قراءة القرآن، فإن حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلا طله، مع أنبيائه وأصفيائه.
هذا حديث غريب، وقد وجدت له شاهدا جيدا: أخبرني أبو العباس الجمالي أتنا سارة بنت شيخ الإسلام تقي الدين السبكي أنا أبو العباس الجزري أنا محمد بن عبد الهادي أنا السلفي إجازة أنا أبو سعيد الأسدي أنا أبو علي بن شاذان ثنا أبو الفوارس شجاع بن جعفر بن أحمد بن خالد الأنصاري الصوفي ثنا عباس بن محمد الدوري ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ثنا أبو عامر الأسلمي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: سبعة يظلهم الله تحت ظل عرشه، يوم لا ظل إلا ظله: إمام مقسط، ورجل لقيته امرأة ذات جمال ومنصب، فعرضت نفسها عليه، فقال: إني أخاف الله رب العالمين، ورجل تعلم القرآن في صغره، فهو يتلوه في كبره، ورجل تصدق بصدقة بيمينه، فأخفاها عن شماله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجل لقي رجلا، فقال له: إني أحبك في الله، ورجل ذكر الله بين يديه، ففاضت عيناه خشية من الله.
هذا حديث غريب في غالب ألفاظه.
والخصلة الثالثة بدلها في الصحيح: (وشاب نشأ في عبادة الله) .
وبالسند الماضي إلى الأصبهاني في الترغيب قال في باب غض البصر عما لا يحل): أخبرنا أحمد بن عبد الله الأديب ثنا علي بن محمد ثنا عبد الله بن جعفر ثنا إبراهيم بن فهد ثنا غسان بن مالك السلمي ثنا عنبسة بن عبد الرحمن القرشي عن محمد بن رستم عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: ثلاثة يتحدثون في ظل العرش آمنين، والناس في الحساب: رجل لم تأخذه في الله لومة لائم، ورجل لم يمد يديه إلى ما لا يحل له، ورجل لم ينظر إلى ما حرم الله عليه.
هذا حديث غريب.
وعنبسة متروك متهم، أخرج له الترمذي، وابن ماجة.
وللخصلة الثانية منها شاهد.
أخرجه ابن لال في مكارم الأخلاق حدثنا أحمد بن حمويه ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا كثير بن هشام عن عيسى بن إبراهيم عن مقاتل بن قيس الأسدي عن علقمة بن مرثد عن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله ﷺ: جلساء الله غدا أهل الورع والزهد في الدنيا.
وفيه إشارة إلى الإظلال.
ويشهد للثالثة:
1 / 9
ما رواه الديلمي في مسند الفردوس أنا عبدوس بن عبد الله أنا أبو نصر بن المكسار ثنا عبد الله بن يوسف ثنا علي بن زنجويه ثنا سلمة ثنا عبد الله بن إبراهيم الغفاري ثنا عبد الله بن أبي بكر بن المنكدر عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ: إذا كان يوم القيامة، قال الله: أين الذين كانوا ينزهون أسماعهم وأبصارهم عن مزامير الشيطان، ميزوهم، فيميزون في كثب المسك والعنبر، ثم يقول للملائكة: اسمعوهم من تسبيحي وتمجيدي وتهليلي.
قال: فيسبحون بأصوات لم يسمع السامعون بمثلها قط.
وقال البيهقي: أنا علي بن عبد الله الهاشمي ثنا أبو جعفر البختري ثنا محمد بن يونس بن موسى ثنا أبو عتاب سهل بن حماد الدلال ثنا بقية عن بحير بن سعيد عن خالد بن معدان عن أم الدرداء عن أبي الدرداء ﵄ قال: قال موسى بن عمران ﵇: يا رب من يساكنك في حظيرة القدس، ومن يستظل بظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك.
قال: أولئك الذين لا تنظر أعينهم في الزنا، ولا يبتغون في أموالهم الربا، ولا يأخذون على أحكامهم الرشا، أولئك طوبى لهم، وحسن مآب.
هذا حديث غريب.
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق عن زاهر بن طاهر عن البيهقي، وليس في رواته من اتفق على تركه، وما كان أبو الدرداء ليأخذ عن أهل الكتاب، والظاهر أن لحديثه حكم الرفع.
وله شاهد مرفوع: أخرجه أبو نعيم في الحلية قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن ثنا أحمد بن إبراهيم بن عبد الله ثنا نصر بن مرزوق ثنا أبو حازم عبد الغفار بنالحسن ثنا محمد بن منصور عن أبي الفرج عن ربيعة عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: ثلاثة هم حداث الله يوم القيامة: رجل لم يمش بين اثنين بمراء قط، ورجل لم يحدث نفسه بزنا قط، ورجل لم يخلط كسبه بربا قط.
وقال: غريب لم نكتبه إلا من حديث أبي حازم، وأبو الفرج قيل هو: النضر بن محرز الشامي.
وقال أبو عبد الله الحاكم في تاريخ نيسابور: حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم الذهلي ثنا علي بن زنجويه الدينوري ثنا محمد بن إبراهيم بن عمر بن يوسف بن أبي طيبة حدثني أبي عن جدي عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: ثلاثة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله.
التاجر الأمين، والإمام المقتصد، وراعي الشمس بالنهار.
هذا حديث غريب: أخرجه الديلمي في مسند الفردوس من طريق الحاكم. وفي إسناده من لا يعرف.
ويشهد للخصلة الثالثة: حديث أبي هريرة: أحب عباد الله إلى الله، الذين يراعون الشمس والقمر - وفي لفظ: والنجوم - والأظلة لذكر الله.
أخرجه الحاكم وغيره بإسناد صحيح.
ووردت أيضا في أثر عن سلمان يأتي آخر الكتاب.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال: إن أحب عباد الله إلى الله لرعاة الشمس والقمر.
وفي الفردوس عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: ثلاثة تحت عرش الله يوم لا ظل إلا ظله: من فرج عن مكروب أمتي، ومن أحيى سنتي، ومن أكثر الصلاة علي.
وبيض له في مسنده، فلم يذكر له إسنادا.
ونسب إلى فوائد الخلعي من حديث أبي هريرة، ولم أجده فيها.
ويشهد له ما أخرجه أبو الفضل الطبسي في ترغيبه: أنا أبو الحسن البخاري ثنا أبو عبد الله الطبري ثنا علي بن محمد بن عيسى الصفار القزويني ثنا محمد بن مسعود بن الحارث ثنا عبد الله بن زناد البغدادي ثنا علي بن عاصم عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس قال: قالت عائشة: يا رسول الله، من يجاور الله غدا في ملكوت جنته.
فقال: من أحيى سنتي، وفرج عن مكروب أمتي.
وقال ابن أبي الدنيا في كتاب العزاء: حدثنا محمد بن علي بن الحسين ثنا إبراهيم بن الأشعث سمعت فضيل بن عياض قال: بلغني أن موسى ﵇ قال: يا رب من يظل تحت ظل عرشك، يوم لا ظل إلا ظلك.
قال: يا موسى؛ الذين يعودون المرضى، ويشعون الهلكى، ويعزون الثكلى.
وقد تقدم في التعزية حديث مستقل.
وبذلك يعرف أن كل خصلة من الثلاثة مستقلة بالإظلال.
وبه إلى إبراهيم بن الأشعث حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن أبيه قال: كان يقال: ثلاثة في ظل العرش يوم القيامة: عائد المرضى، ومشيع الهلكى، ومعزي الثكلى.
هكذا أخرجه أيضا في كتاب العزاء
1 / 10
وهو صريح في أن كل خصلة مستقلة بإظلال وللعيادة شاهد مرفوع: أخرجه ابن شاهين والطبسي كلاهما في الترغيب من طريق سفيان الثوري عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب: عن النبي ﷺ قال: يصيح صائح يوم القيامة: أين الذين عادوا المرضى في الدنيا، فيجلسون على منابر من نور، يحدثون الله ﷿ والناس في الحساب.
وفي ذلك إشارة إلى الإظلال.
وأخرجه الديلمي من وجه آخر عن زيد بن أسلم.
وقال ابن أبي الدنيا في كتاب الأهوال: حدثنا عمار بن نصر ثنا الوليد بن مسلم ثنا أبو بكر بن سعيد أنه سمع مغيث بن سمي يقول: تركد الشمس فوق رؤوسهم على أذرع، وتفتح أبواب جنهم، فتهب عليهم رياحها وسمومها، ويخرج عليهم نفحاتها، حتى تجري الأرض من عرقهم، أنتن من الجيف، والصائمون في ظل العرش.
ومثل هذا لا يقال من قبل الرأي.
وله شاهد مرفوع: أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الجوع.
حدثنا يعقوب بن عبيد عن مسلم بن سالم عن جعفر بن الحارث النخعي عن شيخ من أهل البصرة عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: الصائمون ينفخ من أفواههم ريح المسك، ويوضع لهم يوم القيامة مائدة، تحت العرش، فيأكلون منها، والناس في شدة.
وفيه إشارة ألى الإظلال، أو تصريح به.
وروى الطبراني في الأوسط: حدثنا يعقوب بن إسحاق ثنا عبد المجيد بن كثير الحراني ثنا بقية بن الوليد حدثني أبو بكر العنسي ثنا أبو قبيل المصري عن أنس بن مالك: عن النبي صلى اله عليه وسلم قال: إن لله مائدة عليها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، لا يقعد عليها إلا الصائمون.
وروى أبو محمد ابن حيان في الثواب: حدثنا إسحاق بن أحمد الفارسي ثنا يحيى بن عبد الرحمن بقزوين ثنا عبد الصمد بن عبد العزيز ثنا حماد أبو عمرو عن النضر بن حميد عن سعيد عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى اله عليه وسلم: إذا كان يوم القيامة، يخرج الصوام من قبورهم، يعرفون بريح صيامهم، أفواههم أطيب من ريح المسك فيلقون بالموائد والأباريق مختمة بالمسك، فيقال لهم: كلوا فقد جعتم، واشربوا فقد عطشتم، ذروا الناس واستريحوا، فقد أعييتم إذا استراحوا الناس، فيأكلون ويشربون، ويستريحون، والناس في الحساب في عناء وظمأ.
وأخرج الديلمي من طريق أبي عصمة نوح بن أبي مريم الجامع عن شهر بن حوشب عن أبي الدرداء مرفوعا: يوضع للصائم تحت العرش مائدة من ذهب مكللة بالدر والجوهر، عليها من أنواع أطعمة الجنة وأشربتها وثمارها، فهم يأكلون ويشربون ويتنعمون، والناس في شدة الحساب.
وأبو عصمة كذاب وضاع.
وقد تحصل من هذه الأحاديث عشرون خصلة، مع الخصلة التي بقيت من حديث عائشة، فصارت ثلاث سبعات مع الأربع السابقة، وذلك سبع سبعات.
وقد نظمتها، فقلت:
وَزِد مَعَ ضِعفٍ مَن يُضيفُ وَعِزبَةٍ ... لأَيتامِها ثُمَّ القَريبُ بِوَصلِهِ
وَعَلِمَ بَأَنَّ اللَهَ مَعهُ وَحُبُّهُ ... لإِجلالِهِ وَالجوعُ مَع أَهلِ حَبلِهِ
وَزُهدٌ وَتَفريجٌ وَغَضٌّ وَقُوَّةٌ ... صَلاةٌ عَلى الهادي، وَإِحياءُ فِعلِهِ
وَتَركُ رَبًا سُحتٍ زِنا وَرِعايةٌ ... لِشَمسٍ وَحُكمٌ لِلأُناسِ كَمِثلِهِ
وَصَومٌ وَتَشييعٌ لِمَيِّتٍ عِيادةٌ ... فَسَبِّع بِها السبعاتِ يا زَينَ أَهلِهِ
ثم وجدت خصالا أخرى: أخبرني شيخنا شيخ الإسلام البلقيني شفاها عن عبد الله بن محمد المقدسي أنا أبو عبد الله الزراد إجازة إن لم يكن سماعا. أنا أبو علي الحافظ أنا أبو روح الهروي أنا أبو القاسم المستملي أنا أبو سعد الكنجرودي في فوائده - تخريج أبي سعيد السكري - أنا نصر بن أحمد العطار أنا سليمان بن أحمد بن يحيى - هو الملطي - أنا رضوان بن محمد الإحميمي ثنا أبو الفيض ثوبان بن إبراهيم ذو النون المصري ثنا سلم الخواص - هو ابن ميمون - عن جعفر الصادق عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسن بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى اله عليه وسلم: السابقون إلى ظل العرش يوم القيامة طوبى لهم.
قيل: يا رسول الله، ومن هم؟ قال: هم شيعتك يا علي ومحبوك.
قال السكري:
1 / 11
هذا حديث غريب من حديث سلم، وهو قليل الحديث جدا، عزيز من حديث ذي النون، تفرد به رضوان، إن ثبت عنه.
وقال أبو حاتم: الخواص لا يكتب حديثه.
وقال العقيلي: له مناكير، لا يتابع عليها.
قالك ابن حبان: شغله الصلاح عن تحفظ الحديث، حتى كثرت المناكير في روايته.
والملطي رماه الدارقطني بالكذب، وهو المتهم به.
أخبرني أبو عبد الله بن أبي الحسن الشاذلي إجازة عن أبي الحسن بن أبي المجد عن سليمان بن مرة أنا جعفر بن علي أنا السلفي أنا علي بن أحمد بن بيان ثنا طلحة بن علي أنا أحمد بن عثمان الآدمي ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا إبراهيم بن إسحاق الصيني ثنا يعقوب القمي ثنا جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ﵄ قال: من قرأ إذا صلى الغداة ثلاث آيات من أول سورة الأنعام إلى (وَيَعلَمُ ما تَكسِبون)، نزل إليه أربعون ألف ملك، تكتب له مثل أعمالهم، ونزل إليه ملك من فوق سبع سماوات، ومعه، تكتب له مثل أعمالهم، ونزل إليه ملك من فوق سبع سماوات، ومعه مرزبة من حديد، فإن أوحى الشيطان في قلبه شيئا من الشر، ضربة ضربة، حتى يكون بينه وبينه سبعون حجابا، فإذا كان يوم القيامة، قال الله تعالى: (أَنا رَبُّكَ عَبدي، أَمشِ في ظِلِّي، وَاَشرَب مِن الكَوثَر، وَاِغتَسِل مِن السَلسَبيل، وَاِدخُل الجَنَّةَ، بِغَيرِ حِسابٍ وَلا عَذاب) .
هذا حديث غريب.
والمتهم به إبراهيم بن إسحاق.
قال الدارقطني: إنه متروك.
قال الأزدي: زائغ.
لكن ذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما خالف.
والراوي عنه فيه بعض الضعف، ولم يترك.
قلت: وجدت له شاهدا: قال الديلمي في مسند القردوس: أنا والدي أنا أبو نصر الزينبي ثنا محمد بن عمر الوراق ثنا أبو بكر محمد بن علي بن عثمان التمار ثنا علي بن حرب الموصلي ثنا أبو معاوية الضرير عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمه عن ابن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: من صلى الفجر في جماعة، وقعد في مصلاة، وقرأ ثلاث آيات من أول سورة الأنعام، وكل الله به سبعين ملكا، يسبحون الله، ويستغفرون له، إلى يوم القيامة.
ثم وجدت له شاهدا آخر في الإظلال: قال ابن الضريس في فضائل القرآن: أنا سلمة بن شبيب ثنا زيد بن الحباب ثنا الحارث بن موسى الطائي ثنا حبيب بن عيسى العمي أبو محمد الفارسي قال: من قرأ ثلاث آيات من أول سورة الأنعام بعث الله سبعين ألف ملك، يستغفرون له، إلى يوم القيامة، وله مثل أجورهم، فإذا كان يوم القيامة، أدخله الله الجنة، وأظله في ظل عرشه، وأطعمه من ثمار الجنة، وشرب من الكوثر، واغتسل من السلسبيل، وقال الله: أنا ربك، وأنت عبدي.
وبالسند الماضي إلى أبي نعيم في الحلية: حدثنا الحسين بن محمد ثنا آمية بن محمد الصواف ثنا محمد بن يحيى الأزدي ثنا ابن أبي إلياس اليماني عن أبيه عن وهب بن منبه قال: قال موسى ﵇: إلهي، ما جزاء من ذكرك بلسانه وقلبه؟ قال: يا موسى. أظله. أظله يوم القيامة بظل عرشي، وأجعله في كتفي.
وبه قال: حدثنا أحمد ثنا الحسن بن علوية القطان ثنا إسماعيل بن عيسى العطار ثنا إسحاق بن بشر القرشي ثنا حذيفة عن سعيد عن قتادة عن كعب مثله.
وله شاهد مرفوع: قال ابن المبارك في الزهد: حدثنا عبد الوهاب بن الورد - وهو وهيب واسمه عبد الوهاب - قال: قال سعيد بن المسيب: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله أخبرني بجلساء الله، يوم القيامة؟ قال: هم الخائفون المتواضعون، الذاكرون الله كثيرا.
قال: يا نبي الله، أفهم أول الناس، يدخلون الجنة؟ قال: لا.
قال.
فمن أول الناس يدخل الجنة؟ قال: الفقراء يسبقون الناس إلى الجنة. فيخرج إليهم منها ملائكة، فيقولون: ارجعوا إلى الحساب.
فيقولون: على مانحاسب!! والله ما أفيضت علينا أموال، نقبض فيها ولا نبسط، وما كنا أمراء، فنعدل أو نجور، بل جاءنا أمر الله، فعبدناه، حتى أتانا اليقين.
وبه إلى أبي نعيم: أنا القاضي أبو أحمد في كتابه: ثنا موسى بن إسحاق ثنا أبو إبراهيم الترجماني إسماعيل بن إبراهيم بن بسام ثنا عصام بن طليق عن شيبان السدوسي وفرقد السبخي وأبان كلهم عن كعب قال: أوحى الله إلى موسى في التوراة:
1 / 12
يا موسى، من أمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، ودعا الناس إلى طاعتي، فله صحبتي في الدنيا، وفي القبر، وفي القيامة ظلي.
وقال الإمام أحمد في الزهد: ثنا عبد الرحمن عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار: أن موسى ﵇، سأل ربه تعالى، فقال: يا رب، أخبرني بأهلك، الذين هم أهلك. الذين تؤوبهم في ظل عرشك، يوم لا ظل إلا ظلك.
قال: هم الطاهرة قلوبهم، البريئة أيديهم، الذين يتحابون لجلالي، الذين إذا ذكرت ذكروا بي، وإذا ذكروا ذكرت بهم، الذين يسبغون الوضوء في المكاره، وينيبون إلى ذكري، كما تنيب النسور إلى وكرها، ويغضبون لمحارمي إذا استحلت، كما يغضب النمر إذا حرب، ويكلفون بحبي، كما يكلف الصبى بحب الناس.
أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء من هذا الطريق.
وأخرجه البيهقي من طريق مالك بن دينار قال: بلغنا أن موسى قال: فذكر نحوه.
ورواه ابن عساكر في تاريخه من طريق ابن المبارك في الزهد: أنا معمر عن رجل من قريش قال: قال موسى: فذكره، وزاد: الذين يعمرون مساجدي، ويستغفرون بالأسحار.
ثم رواه ابن عساكر بهذه الزيادة من طريق الحسن بن طريق عن إسماعيل بن عياش عن زيد بن أسلم.
وخصلة الإسباغ والمحبة الجلالة وبراءة الأيدي وإعمار المساجد، ورد فيها أحاديث كما سبق.
وفي ذلك دلالة على أن كل خصلة من المذكورات مستقلة بالإظلال، لأن المجموع مقتض لذلك، وقد تقدم نظريه.
والإسناد إلى أبي نعيم: حدثنا محمد بن إبراهيم ثنا محمد بن الحسن ثنا محمد بن عمرو المقري ثنا عثمان بن سعيد ثنا محمد بن مهاجر عن ابن حلبس ثنا أبو إدريس عائذ الله الخولاني قال: قال موسى: رب من في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك؟ قال: الذين أذكرهم ويذكروني، ويتحابون لجلالي، فأولئك في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي.
قال: يا رب من يسكن حظيرة القدس عندك؟ قال: الذين لا تنظر أعينهم في الزنا، ولا يضعون في أموالهم الربا، ولا يأخذون على أحكامهم الرشا، في قلوبهم الحق، وعلى ألسنتهم الصدق.
وبه إلى أبي نعيم: حدثنا فاروق بن عبد الكبير ثنا عباس الفضل الأسقاطي ثنا أحمد بن يونس ثنا زهير عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال: لما تعجل موسى إلى ربه، رأى رجلا في ظل العرش، فغبطه بمكانه، وقال: إن هذا الكريم على الله.
فسأل ربه أن يخبره باسمه.
فقال: لكن سأنبئك من عمله كان لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، ولا يمشي بالنميمة، ولا يعق والديه.
أخرجه الإمام أحمد في الزهد.
وابن أبي الدنيا في كتاب الحسد وفي كتاب مكارم الأخلاق والأصبهاني في الترغيب.
والخرائطي في مساوىء الأخلاق.
وأخرجه ابن عساكر في تاريخه من طريق عمرو بن ميمون وغيره عن ابن مسعود، فقال: أخبرنا أبو البركات العلوي أنا محمد بن أحمد أنا أحمد بن عبد الله بن الحسن الجغفي أنا محمد بن جعفر الأشجعي ثنا علي منذر الكوفي ثنا محمد بن فضيل ثنا فضيل عن عبد الرحمن بن مروان عن هزيل بن شرحبيل عن ابن مسعود قال: إن موسى لما قربه الله نجيا بطور سيناء، أبصر عبدا جالسا في ظل العرش، سأله: أي رب من هذا؟ قال: هذا عبد لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، بر بالوالدين، لا يمشي بالنميمة.
وأخرجه البيهقي في الشعب من طريق سعيد بن منصور في سننه ثنا ابن جريح ثنا أبو إسحاق عن عمرو عن رجل من أصحاب النبي ﷺ قال: تعجل موسى إلى ربه، فرأى في ظل العرش رجلا، فعجب له، وقال: من هذا يا رب؟ قال: لا أحدثك من هو، ولكن سأخبرك بثلاث فيه: كان لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، ولا يعق والديه، ولا يمشي بالنميمة.
وأخرج ابن أبي الدنيا من مرسل أبي المخارق قال: قال النبي ﷺ: مررت ليلة أسري بي برجل مغيب في نور العرش، قلت: من هذا؟ ملك؟؟ قيل: لا.
قلت: نبي؟؟ قيل: لا.
قلت: من هو؟ قال: هذا رجل كان في الدنيا لسانه رطب من ذكر الله، وقلبه معلق بالمساجد، ولم يستسب لوالديه قط.
وقد حصل من هذه الآثار أربع عشرة خصلة.
وقد نظمتها، فقلت:
وَزِد سَبعَتَينِ الحُبُّ لِلَّهِ بالغًا ... وَتَطهيرُ قَلبٍ والغَضوبُ لأَجلِهِ
1 / 13
وَحُبُّ عَلِيٍّ ثُمَّ ذِكرُ إِنابَةٍ ... وَأَمرٌ وَنَهيٌ وَالدُعاءُ لِسُبُلِهِ
وَمَن أَوَّل الأَنعامِ يَقرَأُ غَداتِهِ ... وَمُستَغفِرُ الأَسحارِ يا طيبَ فِعلِهِ
وَبَرٌّ وَتَركٌ النّمِّ وَالحَسَد الَّذي ... يَشينُ الفَتى فَاِشكُر لِجامِعِ شَملِهِ
ثم تتبعت لأجد سبعة أخرى، فتكمل سبعين
وبالسند الماضي إلى الإمام أحمد: عن عتبة بن عبد السلمى قال: قال رسول الله ﷺ: القتلى ثلاثة: رجل مؤمن جاهد بنفسه وماله في سبيل الله، حتى إذا لقي العدو قاتلهم، حتى يقتل، فذلك الشهدي المفتخر.
- لفظ الطبراني في الكبير: الممتحن - في خيمة الله، تحت عرشه، لا يفضله النبيون، إلا بدرجة النبوة..الحديث.
- هذا حديث صحيح.
- أخرجة الطبراني، فقال: - ثنا أبو شعيب الحراني ثنا يحيى بن عبد الله البابلتي ثنا صفوان بن عمرو ثنا أبو المثنى المليكي عن عتبة.
ثنا ساقة ثانيا عن: عبد الله بن أحمد حدثني محمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنطاكي ثنا عبد الله بن المبارك وعيسى بن يونس عن صفوان به.
ورجاله رجال الصحيح، إلا أبا المثنى، وهو ثقة.
وله شواهد: قال البزار: حدثنا سلمة بن شبيب فيما أحسب ثنا محمد بن معاوية ثنا مسلم بن خالد عن شريك بن أبينمر عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: الشهداء ثلاثة: رجل خرج بنفسه وماله، محتسبا في سبيل الله، لا يريد أن يقاتل ولا يقتل، يكثر سواد المسلمين، فإن مات أو قتل، غفرت له ذنوبه كلها، وأجير من عذاب القبر، ويؤمن من الفزع الأكبر، ويزوج من الحور العين، ويوضع على رأسه تاج الوقار والخلد.
والثاني: خرج بنفسه وماله محتسبا، يريد أن يقتل ولا يقتل، فإن مات أو قتل، كانت ركبته مع إبراهيم خليل الرحمن بين يدي الله ﵎، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
والثالث: خرج بنفسه وماله، محتسبا، يريد أن يقتل ويقتل، فإن مات أو قتل، جاء يوم القيامة، شاهرا سيفه، واضعه على عاتقه، والناس جاثون على الركب، يقولون: ألا أفسحوا لنا، حتى يأتوا منابر من نور، تحت العرش، فيجلسون عليها، ينظرون كيف يقضى بين الناس.
هذا حديث غريب.
ومحمد بن معاوية هو النيسابوري: متروك.
وقال أبو بكر الشافعي في الغيلانيات: حدثنا محمد بن يونس بن موسى ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي ثنا يزيد بن إبراهيم التستري عن أبي هارون الغنوي عن مسلم بن شداد عن عبيد بن عمير عن أبي بن كعب قال: الشهداء يوم القيامة، بفناء العرش في قباب ورياض بين يدي الله تعالى.
وروى ابن ماجة: عن محمد بن الصباح عن ابن عيينة عن عمار الدهني عن سالم بن أبي الجعد عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: أقرب الخلائق من عرش الرحمن، يوم القيامة، المؤمن الذي قتل مظلوما، راسه عن يمينه، وقاتله عن شماله، وأوداجه تشخب دما، فيقول: رب سل فيم قتلني؟ وقال الحافظ أبو بكر الخطيب في التاريخ: أنا الحسن بن محمد الخلال ثنا يوسف بن بحر القواس ثنا أبو الطيب محمد الفرخان بن روزبة مولى المتوكل ثنا أبي ثنا الحسن بن عرفة ثنا أبو معاوية الضرير محمد بن خازم عن الأعمش عن أبي وائل عن ابن عباس مرفوعا: اللهم اغفر للمعلمين، وأطل أعمارهم، وأظلهم تحت ظلك، فإنهم يعلمون كتابك المنزل.
قال الخطيب: أبو الطيب: غير ثقة.
قلت: له شواهد: روى أبو نعيم في الحلية والدارقطني في الأفراد من طريق إسماعيل بن يحيى - وهو ضعيف، سيء الحال جدا، متروك - عن مسعر عن عطية العوفي عن ابن عمر مرفوعا: إذا كان يوم القيامة، وضعت منابر من ذهب - ولفظ الدارقطني: من نور - عليها قباب من فضة، مفضضة بالدر والياقوت والزمرد وجلالها السندس والإستبرق.
ثم يجاء بالعلماء، فيجلسون عليها، ثم ينادي منادي الرحمن: أين من حمل إلى أمة محمد ﷺ علما، يريد به وجه الله، اجلسوا على هذه المنابر، فلا خوف عليكم حتى تدخلوا الجنة.
وقال أبو بكر الشافعي في الغيلانيات: حدثنا محمد بن غالب ثنا عبد الصمد بن النعمان ثنا ركين أبو عبد الله عن مكحول عن أبي أمامة عن: النبي ﷺ قال: ذراري المسلمين يوم القيامة تحت العرش، شافع ومشفع.
1 / 14
أخرجه أبو نعيم في الحلية بلفظ: شافعين ومشفعين وله شاهد: أخرج الطبراني في الكبير بسند رجاله ثقات عن ابن عمر أن رجلا من الأنصار - كان له ابن - يروح معه، فسأله رسول الله ﷺ.
أتحبه؟ فقال: يا نبي الله، نعم، فأحبك الله كما أحبه.
فقال: إن الله أشد لي حبا منك له.
فلم يلبث أن مات. فقال له النبي ﷺ: أما ترضى أن يكون ابنك مع ابني إبراهيم، يلاعبه تحت ظل العرش.
قال: بلى.
وله شاهد آخر أصرح منه: قال الديلمي: أنا الحافظ أحمد بن نصر ثنا أبو طالب بن الصباح أنا محمد بن عمر الصوفي ثنا إبراهيم ثنا الحسين ثنا إسماعيل عن أبان عن أنس بن مالك مرفوعا قال: يؤتى يوم القيامة بالمتقاعسين - وهم أطفال المؤمنين - اشتد عليهم الموقف، فيتصايحون، فيقول: يا جبريل أظلهم تحت ظل عرشي، فيظلهم.
وقال الحارث بن أبي أسامة: حدثنا الحسن بن قتيبة عن أبي الحسن المصيصي - وكان رجلا صالحا - عن أبي خيثمة عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله ﷺ: من صلى ركعتين بعد ركعتي المغرب، قرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد، خمس عشرة مرة، جاء يوم القيامة، فلا يحجب، حتى ينتهي، إلى ظل عرش الرحمن.
وقال العقيلي: حدثنا المقدام بن داود ثنا أسد بن موسى ثنا إسماعيل بن عياش عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال: الشهداء عند الله على منابر من ياقوت، في ظل عرش الله، يوم لا ظل إلا ظله.
وبالسند الماضي إلى أبي نعيم: حدثنا أبو بكر الآجري وعبد الله بن محمد بن أحمد قالا: ثنا جعفر الفريابي ثنا الهيثم بن أيوب الطالقاني ثنا فضيل بن عياض عن منصور عن خيثمة قال: قيل لعبد الله بن عمرو إن ابن مسعود يقول: إن الرجل ليسبح في عرقه حتى يبلغ أنفه.
فقال عبد الله بن عمرو: إن للمؤمنين كراسي من لؤلؤ، يجلسون عليها، ويظلل عليهم بالغمام، ويكون يوم القيامة عليهم، كساعة من نهار، أو كأخذ طرفة عين.
هذا حديث صحيح.
ومثله لا يقال من قبل الرأي، فله حكم الرفع.
وقد أخرجه البيهقي في البعث من طريق آدم بن أبي العباس عن حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن خيتمة عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: يشتد كرب ذلك اليوم، حتى يلجم الكافر العرق، قيل له: فأين المؤمنين؟ قال: على كراسي من ذهب، ويظلل عليهم الغمام.
ثم رأيت الطبراني أخرجه في الكبير مصرحا برفعه عن النبي ﷺ قال: يجتمعون يوم القيامة، فيقال: أين فقراء هذه الأمة ومساكينها؟ فيقومون، فيقال لهم: ماذا عملتم؟ فيقولون: ربنا ابتليتنا فصبرنا، ووليت الأمور، والسلطان غيرنا.
فيقول الله تعالى: صدقتم، أو نحو هذا.
فيدخلون الجنة، قبل الناس بزمان، ويبقى شدة الحساب على ذوي الأمور والسلطان.
قالوا: فأين المؤمنون يومئذ؟ قال: يوضع لهم منابر من نور، مظلل عليهم بالغمام.
ورجاله رجال الصحيح، إلا أبا كثير الزبيدي وهو ثقة.
وقال ابن المبارك: حدثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن سلمان قال: تدنو الشمس من الناس يوم القيامة، حتى تكون من رؤوسهم، قاب قوس أو قوسين، وليس على أحد يومئذ طحرية، ولا يرى فيها عورة مؤمن ولا مؤمنة، ولا يضر حرها يومئذ مؤمنا ولا مؤمنة، وأما الآخرون - أو قال الكافرون - فتطحنهم، فإنما تقول أجوافهم: غق غق.
قال أبو نعيم: الطحرية: الخرقة.
وظاهر هذه الآثار: أن المؤمنين كلهم في الظل، وينبغي تخصيصه بالمتقين.
وقد وجدت حديثا يدل على هذا التخصيص: قال أبو يعلى: حدثنا حسين بن السود ثنا أبو أسامة ثنا يزيد بن سنان أبو فروة حدثني أبو منيب الحمصي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله ﷺ: خلق الله تعالى الجن ثلاثة أصناف: صنف حيات وعقارب وخشاش الأرض.
وصنف كالريح في الهواء.
وصنف عليهم الحساب والعقاب.
وخلق الله الإنس ثلاثة أصناف: صنف كالبهائم، قال الله تعالى: (لَهُم قُلوبٌ لا يَفقَهونَ بِها.) الآيات.
وصنف أجسادهم أجساد بني آدم، وأرواحهم أرواح الشياطين.
وصنف في ظل الله، يوم لا ظل إلا ظله.
1 / 15
هذا حديث غريب.
وأصرح منه في الدلالة: ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان عن أبي موسى قال: الشمس فوق رؤوس الناس يوم القيامة، وأعمالهم تظللهم أو تصحبهم.
أخرجه البيهقي في الشعب.
فإن قلت: ظاهر هذا أن الظل للأعمال لا للعرش.
قلت: لا ظل هناك إلا ظل العرش، وإضافة الظل إلى الأعمال إضافة سبب.
قال القرطبي في التذكرة في قول سلمان: (ولا يجد حرها مؤمن ولا مؤمنة): (ظاهرة العموم في المؤمنين، وليس كذلك، وإنما المراد - والله أعلم - مؤمن كامل الإيمان، أو من استظل بظل العرش، كما في الحديث (سبعة في ظل العرش) وكذا ما جاء (إن المرء في ظل صدقته) وكذلك الأعمال الصالحة، أصحابها في ظلها، وكل ذلك في ظل العرش) انتهى.
وقد رأيت أن الحق بما تقدم. ما ورد فيه الإشارة إلى الظل إشارة ظاهرة، بدون تصريح به، ككونهم على منابر من نور أو كراسي أو كثب المسك أو جلساء الله أو أقرب الخلق إليه أو في كنفه يوم القيامة، لما في ذلك من ظهور كونهم في الظل، بدليل أحاديث المتحابين في الله، والإمام العادل، والصوم، وترك الزنا والربا، والعيادة، فمن ذلك: ما رواه الترمذي عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: ثلاثة على كثبان المسك، لا يهولهم الفزع الأكبر، يوم القيامة: رجل أم قوما وهم له راضون.
ورجل كان يؤذن في كل يوم وليلة.
وعبد أدى حق الله، وحق مواليه.
وللبيهقي في الشعب من حديث أبي سعيد وأبي هريرة قالا: سمعنا رسول الله ﷺ يقول: ثلاثة على كثيب من مسك أسود يوم القيامة، لا يهولهم الفزع الأكبر، ولا ينالهم الحساب.
رجل قرأ القرآن ابتغاء وجه الله، وأم قوما، وهم به راضون ورجل أذن في مسجد، دعا إلى الله، ابتغاء وجه الله.
ورجل ابتلي بالرق في الدنيا، فلم يشغله ذلك عن طلب الآخرة.
وأخرج الخطيب في التاريخ من طريق: إسماعيل بن يحيى عن مسعر عن عطية العوفي عن أبي سعيد مرفوعا: إذا كان يوم القيامة، جيء بكراسي من ذهب، مكللة بالدر والياقوت، مفروشة بالسندس والاستبرق، ثم يضرب عليها قباب من نور، ثم ينادى: أين المؤذنون؟ فيقومون، وهم أطول الناس أعناقا.
فيقال لهم: اجلسوا على تلك الكراسي، تحت تلك القباب، حتى يفرغ الله من حساب الخلائق، فإنه لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون.
وقال: غريب، تفرد به إسماعيل، وهو ضعيف، سيء الحال جدا.
قال ابن عدي: يحدث عن الثقات بالأباطيل.
وقال الدارقطني: كذاب متروك.
وروى الطبراني في الكبير وأبو نعيم في الحلية من طريق: أحمد بن طارق عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: إن لله عبادا استخصهم لنفسه، لقضاء حوائج الناس، وآلي على نفسه، أن لا يعذبهم بالنار، فإذا كان يوم القيامة، أجلسوا على منابر من نور، يحادثون الله، والناس في الحساب.
وروى أبو الشيخ في الثواب: حدثني محمد بن يوسف ثنا إسحاق بن إبراهيم عن أحمد بن الأزهر النيسابوري ثنا إبراهيم بن الحكم عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: إن لله عبادا، يفزع الناس إليهم في حوائجهم، هم الآمنون يوم القيامة، من عذاب الله.
وأخرج البزار من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ: إن للمهاجرين منابر من ذهب، يجلسون عليها، يوم القيامة، قد آمنوا من الفزع.
ثم رأيت في الزهد للإمام أحمد من رواية ولده عبد الله قال: حدثني خديجة أم محمد - كانت تجيء إلى أبي تسمع منه قبل الثلاثين - قالت: ثنا يزيد بن هارون ثنا العوام عن إبراهيم التيمي عن سلمان الفارسي ﵁ قال: سبعة في ظل الله يوم القيامة، يوم لا ظل إلا ظله: رجل لقي أخاه، فقال: إني أحبك في الله، وقال الآخر: مثل ذلك. ورجل ذكر الله ففاضت عيناه من مخافة الله.
ورجل يتصدق بيمينه، يخفيها من شماله.
ورجل دعته امرأة ذات حسب وجمال إلى نفسها، فقال: إني أخاف الله.
ورجل قلبه معلق بالمساجد من حبها.
ورجل يراعي الشمس، لمواقيت الصلاة.
ورجل إن تكلم تكلم بعلم، وإن سكت سكت على حلم.
وقال البيهقي في الأسماء والصفات.
1 / 16
أنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني بنيسابور، وأبو بكر محمد بن أبي بكر الشافعي ببغداد وأبو عمرو محمد بن جعفر العدل قالوا: ثنا جعفر بن محمد بن الليث ثنا عمرو بن مرزوق أنا شعبة عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: سبعة يظلهم الله تحت ظل عرشه، يوم لا ظل إلا ظله: رجل قلبه معلق بالمساجد.
ورجل دعته امرأة ذات منصب، فقال: إني أخاف الله.
ورجل غض عينه عن محارم الله.
وعين حرست في سبيل الله.
وعين بكت من خشية الله.
وقد انتقيت من هذه الأحاديث خصالا، تممت بها السبعين، وزادت، فقلت:
وَزِد بَعدَ ذا قاضي الحَوائِج صالِحَ ... العَبيدِ وَطَفلًا وَالشَهيد بِقَتلِه
وَأَمًّا وَتَعليمًا آذانًا وَهَجرَةً ... فَزادَت عَلى السَبعينَ مِن فَيضِ فَضلِه
وقال الديلمي: أنا محمد بن طاهر بن ممان ثنا أبو محمد بن ماهك أنا ابن تركان أنا عبد الله بن أحمد بن محمد الزعفراني ثنا محمد بن عبد الوهاب بن موسى بن أبي قرصافة ثنا آدم بن أبي إياس ثنا حماد بن سلمة عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: يوق الله ﷿: قربوا أهل لا إله إلا الله، من ظل عرشي، فإني أحبهم.
1 / 17