الحديث والقرءآن التنكزية، ودار الحديث الفاضلية، ودار الحديث العُروّية١.
عرف منزلة الذهبي هذه، ومكانته، أفاضلُ أهل العلم من تلاميذه الذين أخذوا وتلقوا عنه، ومعاصريه الذين أدركوا فضله ومكانته، ومن جاء بعده من أهل العلم والفضل، فذكروه بخير، وأثنوا عليه بالجميل.
فقال تلميذه صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي في ترجمته: " ... أبو عبد الله الذهبي، حافظ لا يجارَى، ولافظ لا يبارَى، أتقن الحديث ورجاله، ونظر علله وأحواله، وعرف تراجم الناس، وأزال الإيهام في تواريخهم والإلباس، مع ذهن يتوقد ذكاؤه، ويصح إلى الذهب نسبته وانتماؤه، جمع الكثير، ونفع الجم الغفير، وأكثَر من التصنيف، ووفر بالاختصار مؤونة التطويل في التأليف ... اجتمعت به وأخذت عنه، وقرأت عليه كثيرًا من تصانيفه، ... له دُربة بأقوال الناس، ومذاهب الأئمة من السلف، وأرباب المقالات، وأعجبني ما يعانيه في تصانيفه من أنه لا يتعدى حديثًا يورده حتى يبين ما فيه من ضعف متن، أو ظلام إسناد، أو طعن في رواة، وهذا لم أر غيره يعاني هذه الفائدة فيما يورده"٢.
وقال ابن ناصر الدين: " ... كان آية في نقد الرجال، عمدة في الجرح والتعديل، عالمًا بالتفريع والتأصيل، إمامًا في القراءات، فقيهًا في النظريات، له دُربة بمذاهب الأئمة وأرباب المقالات، قائمًا بين الخلف، ينشر السنة ومذهب السلف ... " ٣.
وقال عنه السيوطي: " ... وطلب الحديث وله ثماني عشرة سنة، فسمع الكثير، ورحل، وعني بهذا الشأن، وتعب فيه وخدمه، إلى أن رسخت فيه
_________
١ راجع عن هذه المدارس ومشيخة الذهبي لها: الذهبي ومنهجه في كتابه تاريخ الإسلام: ص ١٣٣. ومقدمة د. بشار لسير أعلام النبلاء: ١/٤١.
٢ نكت الهميان: ص ٢٤١.
٣ الرد الوافر: ص٦٥، بتحقيق: زهير الشاويش، ط: الأولى ١٤٠٠هـ، نشر: المكتب الإسلامي.
1 / 65