قال: واسطقسات الأقاويل التى ينحل إليها كل كلام شعرى هى سبعة: المقطع، والرباط، والفاصلة، والاسم، والكلمة، والتصريف، والقول. واسطقسات المقاطع هى أشياء غير منقسمة، أعنى الحروف، لكن ليس كلها، لكن ما كان منها من شأنه أن تتركب منه المقاطع التى هى أبسط ما ينطق بها. وذلك أن أصوات البهائم هى غير منقسمة إلى حروف، ولذلك ما نقول: إنه ولا صوت واحد منها هو مركب من حروف، ولا جزء واحد من أصواتها أيضا هو حرف. وأما هذا الصوت الذى هو المقطع فأجزاؤه: الحرف المصوت، والحرف غير المصوت. وهذا قسمان: أحدهما ما لا يقبل المد ألبتة، مثل الطاء والتاء؛ والآخر ما يقبل المد، مثل الراء والسين، وهو الذى يسمى نصف مصوت. والمصوت هو الذى يحدث عن القرع الذى يكون من الشفتين أو الأسنان أو غير ذلك من أجزاء الحلق، وهو صوت مركب غير مفصل، أعنى أنه ليس يمكن أن يفصل بالنطق من الحرف الغير مسموع. وهذه الحروف، أعنى المصوتة، هى التى تسمى عندنا حركات وحروف المد واللين. وأما الحرف الذى هو نصف مصوت فهو الذى يكون له مع القرع، أعنى الحرف المصوت، امتداد ما، وليس له على انفراده صوت مسموع. وأما الحرف الغير مصوت فهو الذى يكون مع الحرف المصوت، أعنى الحادث عن القرع، وليس له على انفراده صوت مسموع مثل ما للحرف المصوت، أعنى أن له صوتا مسموعا إذا ركب مع غيره، وهو غير المصوت. وإنما يكون للحروف الغير مصوتة صوت إذا قرنت بالتى لها صوت، مثل: أل وأب، وهى التى تعرف عندنا بالحروف الساكنة والمجزومة. وهذه الحروف تختلف بحسب اختلاف أشكال الفم والمواضع التى تتصل بها وتنفصل عنها، وبالطول أيضا والقصر، وبالحدة والثقل، وبالجملة بجميع الأطراف التى فى الأصوات والمتوسطات بينها التى تستعمل فى الألحان والأوزان.
وأما المقطع فهو صوت دال مركب من حرف مصوت، ومن حرف غير مصوت.
وهذا الذى قاله فى أمر الحروف صحيح، وذلك أن الذى تدل عليه الحاء أو الميم ليس يمكن أن ينطق به مفردا، وكذلك ما تدل عليه الفتحة والضمة؛ وإنما يحدث الصوت بمجموعها، إلا أن وجوده هو لما تدل عليه الفتحة أولا، ولما توجد فيه الفتحة ثانيا.
وبالجملة، فينبغى أن تعلم أن الصوت يحدث من شيئين: أحدهما ما ينزل منه منزلة المادة، وهو الذى يسمى حرفا غير مصوت، والثانى منزلة الصورة، وهو الذى يسمى حرفا مصوتا ويسميه أهل لساننا الحركات وحروف المد واللين.
قال: وأما الرباط فهو صوت مركب، غير دال مفردا، وذلك بمنزلة الواو العاطفة وثم، وهى بالجملة الحروف التى تربط الكلام بعضه ببعض، وذلك إما بوقوعها فى أول الكلام، مثل «أما» المفتوحة؛ وإما حروف الشرط الذى يدل على الاتصال، مثل «أو» و«متى».
Bogga 235