Talkhis Sama Wa Calam
تلخيص كتاب السماء والعالم
Noocyada
وأقول: ان الكواكب إذ كان يظهر من أمرها أنها تنتقل مع السماء، فإن الأمر لا يخلو في ذلك من أربعة أقسام: إما أن يكونا ساكنين معا، أعني السماء والكواكب (معا)، وتكون الأرض هي المتحركة كما (قد) ظن ذلك قوم. (واما ان يكونا متحركين معا). واما أن يكون أحدهما ساكنا والآخر متحركا، وهذا على ضربين: اما أن تكون الكواكب هي الساكنة والسماء هي المتحركة، (وإما أن يكون عكس هذا) ، أعني أن تكون الكواكب هي المتحركة والسماء هي الساكنة. فاما ان تكونا ساكنين (معا) وتكون الأرض هي المتحركة فامتناع ذلك أمر معروف بنفسه، وأرسطو يستقصي البحث عن ذلك، ويعدد المحالات اللازمة له فيما يستقبل على جهة الاستظهار، أعني هل [23 و: ع] يمكن أن تتحرك الأرض حركة دورية على ما كان يرى ذلك بعض القدماء. واما كون كليهما متحركين أعني الكواكب والسماء، فإن امتناع ذلك يظهر بما أقوله: وذلك أنه يعرض للكرة بالذات أن تتم جميع الدوائر الواقعة فيها على اختلافها بالصغر والكبر دورتها في زمان واحد ومعا، ولذلك قيل ان أجزاء الدوائر العظمى الواقعة في الكرة أسرع من اجزاء الدوائر الصغرى . وإنما كان هذا من خواص دوائر الكرة لكون جميعها دائرة على مركز واحد واقطاب واحدة. وإذا تقرر (له) هذا من أمر حركة الدوائر الواقعة في الكرة، فإن فرضنا كل كوكب من الكواكب متحركا بذاته مع حركة دائرته، كانت حركات الكواكب لا محالة مختلفة في السرعة والبطء لاختلاف الدوائر التي تدور فيها، وذلك ان الكوكب (لا محالة) (22 ظ) [32 ظ] الذي في الدائرة العظمى إذا فرضنا أنه يتم دورته ودورة الكوكب الذي في الدائرة الصغرى في زمان واحد فهو ضرورة أسرع حركة من الكوكب الذي في الدائرة الصغرى. وإذا كان ذلك كذلك، لم يخل ذلك من أحد أمرين: إما أن يكون سبب اختلاف الكواكب في السرعة والبطء اختلاف الدوائر التي تدور عليها حتى لو قدرنا مثلا وجود الكوكب الذي في الدائرة الصغرى في الدائرة العظمى والذي في (الدائرة) العظمى في الصغرى ، مثل لو قدرنا الكواكب (التي في بنات نعش في معدل النهار، وقدرنا) التي في معدل النهار في دائرة بنات نعش، لعرض للكوكب الأسرع أن يعود ابطأ وللأبطإ أن يعود أسرع. واما ان يكون سبب اختلافهما في السرعة والبطء انما هو طبائع الكواكب أنفسها. لكن إن أنزلنا سبب ذلك اختلاف الدوائر، لم تكن للكواكب في أنفسها حركة تخصها، وكانت حركتها تابعة لحركة الدوائر حتى إذا توهمنا الكوكب (الواحد) بعينه في دائرة أعظم كان أسرع، وإذا توهمناه في دائرة أصغر عاد أبطأ. وإذا كان ذلك كذلك، لم يكن للكواكب في أنفسها حركة تخصها، وذلك مستحيل في المتحركات الجارية (في حركتها) على نظام طبيعي، أو نسلم أن الدوائر هي التي تحرك الكواكب، والكواكب ساكنة، وان أنزلنا سبب ذلك اختلاف طبائع الكواكب، فكيف ليت شعري عرض للأشياء المختلفة الحركات، لاختلاف طبائعها، أن يوافق كل واحد منها حركة الدائرة التي فيها يدور، أعني أن تكون حركة كل واحد من الكواكب قد عرض لها ان كانت مساوية لحركة الدائرة التي تتحرك معها وعليها، حتى تكون متحركات كثيرة مختلفة الحركة تتم أدوارها في زمان سواء، وهذا انما كان يعرض لو كان ممكنا عن الاتفاق والبخت، ووجود الاتفاق والبحث في الاجرام السماوية شيء لا يليق بها إذ كانت في غاية الترتيب والنظام ولو سلمنا وجود الاتفاق والبخت في هذه الاجرام الشريفة ، لكان ذلك انما يوجد منها في الأقل، أعني في كوكب أو كوكبين، على ما يوجد عليه الأمر في الأشياء التي يعرض فيها (ما) بالاتفاق، وهي الكائنة الفاسدة . فاما ان يعرض ذلك بالبخت في جميع الكواكب فشيء خارج عن القياس. وبمثل هذا يبين أنه ليس يمكن أن يكون الفلك ساكنا والكواكب متحركة، وذلك أنه كان يعرض في انتهاء حركاتها وتمام دوراتها في وقت واحد من الاتفاق ما كان يعرض إذا فرضنا أن الدوائر معها متحركة، وبين أنه ليس يعرض شيء من هذا المحال في اختلاف حركات اجزاء الكرة الواحدة من جهة ما هي اجزاء كرة واحدة . فاما من جهة ما كل واحد من الأجزاء متحرك بذاته فيعرض عنه المحال المتقدم. وإذا امتنع أن تكون الكواكب والدوائر متحركة معا ، أو أن تكون الكواكب متحركة والدوائر ساكنة، فلم بيق إلا أن تكون الدوائر هي المتحركة والكواكب ساكنة مربوطة فيها متحركة بحركتها على جهة ما يتحرك الجزء بحركة الكل. ولذلك لسنا نقول أن السماء تنخرق وتنصدع عند حركات الكواكب كما [ 23 ظ : ع] كان يلزمنا لو وضعنا الفلك ساكنا والكواكب متحركة، وذلك أن التي تقبل الانخراق انما هي الاجرام الكائنة الفاسدة شبه الهواء والماء. وقد يظهر أيضا أن الكواكب لا يمكن أن تتحرك بذاتها ومن تلقائها من وجه آخر، وذلك أنه قد بين أصحاب التعاليم من أمرها أنها كرية الشكل، وسيبين ذلك من قولنا بعد هذا، من قبل أن طبيعتها من طبيعة الجرم الخامس. وإذا وضعنا أن أشكالها كرية، فإن كان لها حركة بذاتها فهي احدى حركتين، اما حركة دور، واما حركة دحرجة ، وذلك أن الجسم المستدير ليس يمكن فيه أن يتوهم متحركا الا باحدى هاتين الحركتين، لكن ليس للكواكب واحدة من هاتين الحركتين فالكواكب ضرورة ساكنة (غير) متحركة . فاما انها ليست تتحرك هذه الحركة المحسوسة دورا فمأخوذ من الحس، وذلك أن المتحرك دورا هو ثابت في موضع واحد بعينه، والكواكب ترى متنقلة، ولو كانت متحركة دورا مع هذه الحركة المحسوسة لها، أعني حركة النقلة بجملتها، لما كان يذهب ذلك عن الحس (في) جميعها (23 و) [33 و]، وذلك أنه لو ذهب عليه ذلك في واحد منها لما ذهب عليه ذلك في جميعها، فإنه لو وجدت هذه الحركة ، أعني الدورية، في كوكب واحد للزم أن توجد في جميعها إذ كانت طبيعتها واحدة بالنوع. فاما ما يظهر في الشمس عند الغروب والطلوع خاصة من أنها تدور، فذلك رؤية لا حقيقة، وسبب ذلك معطى في علم التعاليم. والدليل على أنها رؤية أنه ليس يعرض لها ذلك عند الاستواء والارتفاع الكثير عن الأفق والمسافة واحدة أو أقرب، وأرسطو يقول أن سبب ذلك هو ضعف البصر عن ادراكها، وذلك أنه يرى أنها في هذا الموضع أبعد من البصر إذا قاربت وسط السماء. وانما ينبني هذا على أن للشمس اختلاف منظر وذلك بأن يكون للأرض قدر محسوس بالإضافة إلى فلكها وذلك أمر مختلف فيه بين أصحاب التعاليم، ولذلك يقول أن البصر إذا ضعف عن ادراك الكواكب دار فيرى الشيء كأنه يدور مثل ما يعرض لأصحاب السدر، وهذه العلة عنده هي العلة في أن ترى الكواكب الثابتة كأنها ترتعد. وليس يرى ذلك في غير الثابتة وذلك لمكان بعد الثابتة وقرب غير الثابتة من ابصارنا. واما انها ليس تتحرك حركة دحرجة، فقد يدل على ذلك ظهور الخيال المعروف بوجه القمر في القمر على حالة واحدة، وذلك أنه تبين من أمر هذا الأثر الذي يظهر في وجه القمر أنه حقيقة لا رؤية، وذلك في علوم التعاليم. وإذا فرضناه حقيقة فلو كان للقمر حركة دحرجة لاختلفت رؤية هذا الأثر، وإذا لم توجد هذه الحركة للقمر لم توجد لسائر الكواكب، وإذا لم توجد (للكواكب) احدى هاتين الحركتين فهي ساكنة ضرورة. ونقول أيضا أنه لو كانت هذه الكواكب منتقلة من ذاتها وبجملتها لوجب (أن تختار لها الطباع) <في> آلات بها تنتقل في المكان من جهة ما هي متنفسة، فإنه من المستحيل الخارج عن كل قياس أن تكون الطبيعة قد هيأت مثل هذه الآلات للحيوان وتكون قد اغفلت ذلك في هذه الاجرام التي هي أشرف من الحيوان. وإذا لم يلف للكواكب آلة بها تتحرك فهي ضرورة ساكنة. ومن هنا يظهر أنه ليس لحركة الكواكب أصوات، كما كان يرى ذلك أقوام من القدماء، فإنهم كانوا يقولون (ان لها) أصواتا متفقة النغم بما يظهر من حدوث الصوت والقعقعة عن حركات الاجرام الكبار التي لدينا، فإنه إذا حدث ذلك في هذه الاجرام فكم بالحري أن يحدث (ذلك) في (جرم) الشمس والقمر التي هي أعظم من جميع الاجرام التي لدينا باضعاف كثيرة وأسرع حركة ، وكانوا يقولون أن العلة في أنا لا نسمع تلك الأصوات أنا نشأنا عليها منذ الصبا فألفتها أسماعنا إلفا لا نحس به. قالوا والدليل على ذلك أنه لا يتأذى بالأصوات المعتادون لها كما يتاذى بها غير المعتادين كحال الصفارين مع سائر [ 24 و: ع] الناس، أعني أن تاذى الصفار بالصوت هو أقل (ولو سلم لهم هذا على استحالته للزمهم) (...) (وأرسطو يرد عليهم بأنه ليس اعتياد الصوت مما يعوق عن ادراكه، ولو كان ذلك كذلك لعرض للصفارين وأشباههم الا يسمعوا أصوات المطارق لكثرة اعتيادهم لها وتنشئتهم عليها. ولو سلم لهم هذا لكان يلزم عن حركاتها المحدثة للأصوات تأثير كبير، فيما لدينا من الموجودات)، فإنا نرى الرعود تصدع الحجارة وتشق الأرض (حتى) ليخرج النبات المعروف بنبات الرعد. وإذا كان يعرض (مثل) هذا في هذه الاجرام الصغار فكم بالحري كان يعرض ذلك في تلك الاجرام العظام لو تحركت بذاتها، ولذلك ما يجزم أرسطو القول على أنه لو كان لها صوت لكان واجبا أن تؤثر في الموجودات التي لدينا، فضلا عن أن نسمعها. ولذلك ليس لقائل أن يقول أنه قد يمكن أن يكون لها أصوات ولا نسمعها لبعد المسافة التي بيننا وبينها على ما تبين في التعاليم، كما يقول ذلك تامسطيوس ويتشكك به على أرسطو ، فإنه لو كانت من البعد عنا بحيث تنقطع الحركة المولدة للصوت في الهواء قبل أن تصل الينا لكان أحرى ألا تصل إلينا منها استحالة محسوسة، وذلك أنه من المستحيل أن يصل التسخين المتولد عن حركتها إلينا ولا يصل الصوت (23 ظ) [ 33 ظ] المتولد عن ذلك لو كان هنالك صوت. وانما العلة في أنه ليس لها صوت انها مربوطة بجسم الفلك وهي جزء منه، ولذلك ما يجب إذا لم يكن لها صوت، وكانت من العظم وسرعة الحركة بحيث هي، ولم تكن من البعد بالاضافة إلى عظم اجزائها وسرعة حركاتها <بما هي من المقدار> الا تسمع أصواتها، ان تكون ولا بد مربوطة حتى يكون هذا الانعكاس فيها صحيحا ، أعني أنه إذا انزلنا أنها مربوطة فواجب ألا يكون لها صوت، وإذا أنزلنا أنه ليس لها صوت فواجب أن تكون مربوطة، فيكون أحد ما يبرهن به أنها متحركة بحركة الفلك انه (ليس لها صوت). ولي كما ظن (ذلك) تامسطيوس أن هذا لا ينعكس وذلك أنه لما وجد الرباط أحد أسباب فقد الصوت (لذلك) ليس يلزم أنه متى فقد الصوت باطلاق وجد الرباط إذ كان قد يفقد لأسباب أخر غير الرباط ظن الأمر كذلك في الكواكب، وليس كما ظن فإن وجود الرباط فيها سبب خاص لفقد الصوت.
Bogga 240