كالمأمور بقضاء الدين.
قال - رحمه الله - (وإن استأجره ليجيء بعياله فمات بعضهم فجاء بمن بقي فله الأجر بحسابه) لأنه أوفى ببعض المعقود عليه فيستحق الأجر بحسابه قال الفقيه أبو جعفر الهندواني هذا إذا كانوا معلومين حتى يكون الأجر مقابلا لجملتهم وإن كانوا غير معلومين يجب الأجر. اه.
وفي الخلاصة وإذا كانوا غير معلومين فالإجارة فاسدة وفي النهاية نقلا عن الفضلي إذا استأجره في المصر ليحمل له الحنطة من القرية فذهب فلم يجد الحنطة فعاد إن كان قال استأجرت منك من المصر حتى أحمل الحنطة من القرية يجب نصف الأجر بالذهاب، وإن قال استأجرت منك حتى أحمل الحنطة من القرية لا يجب شيء؛ لأن الإجارة على الحمل لا غير، وفي الأول على الذهاب والحمل وعزاه إلى الذخيرة، وروى هشام عن محمد لا أجر ومثله في السفينة اه. كلام الشارح.
وفي التتارخانية من باب ما يستحق الفارس استأجره ليحمل له كذا كذا من المطمورة فذهب فلم يجد المطمورة استحق نصف الأجرة. اه. فظهر أنه لا فرق كما ذكره الشارح.
قال - رحمه الله - (ولا أجر لحامل الكتاب للجواب ولا لحامل الطعام إن رده للموت) يعني إذا استأجره ليذهب بطعامه إلى فلان بمكة أو ليذهب بكتابه إليه ويجيء بجوابه فذهب ووجد فلانا ميتا ورده فلا أجر له؛ لأنه نقض المعقود عليه بالرد فصار كأنه لم يفعل فلا يستحق الأجر، وقال زفر له الأجر في الطعام؛ لأن الأجرة بمقابلة حمل الطعام إلى مكة، وقد وفى بالمشروط عليه فاستحقت الأجرة، وقال محمد له الأجر للذهاب في نقل الكتاب؛ لأنه أوفى ببعض المعقود عليه، قلنا الأجرة مقابلة بالجواب والنقل ولم يوجد ولم يأت بالمعقود عليه فلا أجر له كما لو نقض الخياط الخياطة بعد الفراغ من العمل فلو وجده غائبا فهو كما لو وجده ميتا لتعذر الوصول إليه، ولو ترك الكتاب هناك ليوصله إليه أو إلى ورثته فله الأجر في الذهاب؛ لأنه أتى بأقصى ما في وسعه قال في المحيط، ولو استأجر رسولا ليبلغ رسالته إلى فلان ببغداد فلم يجد فلانا وعاد فله الأجر؛ لأن الأجر بقطع المسافة؛ لأنه أتى بما في وسعه، وأما الاجتماع، فليس في وسعه فلا يقابله الأجر وفي الخلاصة ولو استأجره ليبلغ الرسالة إلى فلان بالبصرة فذهب الرجل فلم يجد المرسل إليه أو وجده، لكن لم يبلغ الرسالة ورجع فله الأجر اه.
أقول: لعله لم يبلغ الرسالة لعدم تمكنه من التبليغ فعذره، قال في الخلاصة: والفرق بين الرسالة والكتاب أن الرسالة قد تكون سرا لا برضى المرسل أن يطلع عليها غيره أما الكتاب فمختوم قال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني: لا نسلم الفرق، بل هما سواء في الحكم اه.
وفي المحيط استأجر خياطا ليخيط قميصا فخاطه ففتقه رجل قبل أن يقبضه رب الثوب فلا أجر له؛ لأنه تلف قبل التسليم ولا يجبر الخياط على أن يعيده، فإن كان الخياط فتقه يجبر على عوده، استأجر ملاحا لحمل طعام إلى موضع كذا فرد السفينة إنسان فلا أجر للملاح وليس له أن يعيد السفينة وإن ردها الملاح بنفسه لزمه الرد، ولو استأجر سفينة مدة معلومة فانقضت المدة في أثناء البحر تترك السفينة في يده إلى بلوغ ذلك المكان، ولو استأجر سفينة لحمل طعام إلى موضع كذا، فلما بلغت السفينة الموضع أو بعضه ردها الريح إلى الموضع الذي اكتراها منه قال محمد إن كان صاحب الطعام معه فعليه الأجر كله أو بعضه بقدر ما بلغ وإن لم يكن صاحب الطعام معه فلا أجر عليه؛ لأنه انتقض الحمل بالرد فلم يستوف المعقود عليه، وكذا لو اكترى بغلا إلى موضع كذا، فلما سار بعض الطريق جمع فرده إلى الموضع الذي خرج منه فعليه من الكراء بقدر ما سار؛ لأنه صار مستوفيا للمنفعة بنفسه فلا يسقط عنه البدل بعد التسليم، قيد بقوله للجواب؛ لأنه لو لم يشترط الرد للجواب.
قال الحدادي، ولو تركه حتى يوصله إليه حيث كان غائبا أو إلى قريبه حيث كان ميتا استحق الأجر كاملا قال فلو شرط عليه الجواب فدفعه إليه فلم يقرأه حتى عاد من غير جواب له الأجر كاملا؛ لأنه أتى بما في وسعه، ولو لم يجده أو وجده ولم يدفع له، بل رد الكتاب فلا أجر له، ولو نسي الكتاب هناك لا يستحق أجرة الذهاب. اه. والله تعالى أعلم.
[باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها]
(باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها)
قال في النهاية لما ذكر مقدمات الإجارة ذكر في هذا الباب ما هو المقصود منها وهو بيان ما يجوز من عقود الإجارة وما لا يجوز وفي غاية البيان لما فرغ من ذكر الإجارة وشرطها ووقت استحقاق الأجرة ذكر ما يجوز من الإجارة بإطلاق اللفظ
Bogga 10