بيت المستأجر تجب الأجرة له بحسابه حتى إذا سرق الثوب بعدما خاط بعضه يستحق الأجرة بحسابه واستشهد في الأصل لهذا بما إذا استأجر إنسانا ليبني له حائطا فبنى بعضه، ثم انهدم فله أجر ما بنى فهذا يدل على أنه يستحق الأجرة ببعض العمل إلا أن يشترط فيه التسليم إلى المستأجر ونقل هذا عن الكرخي وجزم به في غاية البيان فكان هو المذهب ففي سكنى الدار وقطع المسافة صار مسلما له بمجرد تسليم الدار وقطع المسافة وفي الخياطة ونحوها لا يكون مسلما إليه إلا إذا سلمه إلى صاحبه حقيقة وفي الخياطة في منزل المستأجر يحصل التسليم بمجرد العمل إذ هو في منزله والمنزل في يده فلا يحتاج إلى تسليم ليده ويعرف توزيع الأجرة بقول أهل الخبرة بها والخيط والإبرة على الخياط حيث كان العرف ذلك.
قال - رحمه الله - (وللخباز بعد إخراج الخبز من التنور) يعني إذا أطلق الأجرة ولم يبين وقتها فللخباز أن يطالب بها بعد إخراج الخبز من التنور؛ لأنه بإخراجه قد فرغ من عمله فيملك المطالبة كالخياط إذا فرغ من العمل حتى إذا خبزه في بيت المستأجر؛ لأنه صار مسلما إليه بمجرد الإخراج فيستحق الأجرة وإن كان في منزل الخباز لم يكن مسلما بمجرد الإخراج من التنور فلا بد من التسليم إلى يده، وفي المحيط استأجر دابة ليطحن عليها كل يوم عشرة أقفزة فوجدها لا تطيق إلا خمسة فله الخيار وعليه الأجر بحساب ما عمل من الأيام ولا يحط من الأجر شيئا؛ لأن الإجارة وقعت على الوقت لا على العمل فلا توزع الأجرة على العمل، وفي المسألة إشكال على قول الإمام؛ لأنه إذا استأجر خبازا ليخبز له اليوم بدرهم يكون فاسدا، والفرق أن مقدار العمل في باب الطحن في العرف والعادة لا يذكر لتعليق العقد بالعمل، وإنما يذكر لبيان قوة الدابة فبقيت الإجارة على الوقت وفي الخبز يذكر مقدار العمل لتعليق العقد بالعمل لا لبيان قوة الخباز فيصير العقد مجهولا فيفسد.
قال - رحمه الله - (فإن أخرجه فاحترق فله الأجر ولا ضمان عليه) يعني إذا أخرج الخبز من التنور، ثم احترق هذا إذا خبز في منزل المستأجر؛ لأنه بمجرد الإخراج صار مسلما ولا يجب عليه الضمان إذا هلك بعد ذلك بالإجماع؛ لأنه هلك بعد التسليم، ولو احترق في التنور قبل الإخراج قال في النهاية يضمن؛ لأنه جناية يده وإن كان الخباز يخبز في منزل نفسه لا يستحق الأجر بالإخراج ولا يجب عليه الضمان عند الإمام، وعندهما يجب الضمان، وإذا صار ضامنا فالمالك بالخيار، إن شاء ضمنه دقيقا مثل دقيقه ولا أجر له وإن شاء ضمنه قيمة الخبز وأعطاه الأجر ولا يجب عليه ضمان الحطب والملح؛ لأن ذلك صار مستهلكا قبل وجوب الضمان عليه وحين ما وجب عليه الضمان كان رمادا.
قال - رحمه الله - (وللطباخ بعد الغرف) يعني للطباخ أن يطالب بالأجرة بعد الغرف؛ لأن الغرف عليه، وهذا إذا طبخ للوليمة أو للعرس فإن كان يطبخ قدرا خاصا، فليس عليه الغرف؛ لأن العادة لم تجر به والمعتبر هو العرف، وفي التتارخانية وإن استأجر دابة للحمل ففي الإكاف والجوالق يعتبر العرف، ولو للركوب ففي اللجام والسرج يعتبر العرف وفي إدخال الطعام المنزل وإخراج الحمل يعتبر العرف وإحثاء التراب على القبر على الحفار وحمل الثوب على القصار.
قال - رحمه الله - (وللبان بعد الإقامة) يعني إذا استأجره ليضرب له لبنا في أرضه يستحق الأجرة إذا أقامه عند الإمام، وقالا لا يستحق حتى يشرجه؛ لأن التشريج من تمام عمله؛ لأنه لا يؤمن عليه الفساد إلا به؛ ولأنه هو الذي يتولاه عادة والمعتاد كالمشروط، وقولهما استحسان وللإمام أن العمل قد تم بالإقامة والانتفاع به ممكن وثمرة الخلاف تظهر فيما إذا أفسده المطر ونحوه بعد الإقامة فعنده تجب الأجرة، وعندهما لا تجب هذا إذا لبن في أرض المستأجر؛ لأنه يصير مسلما إليه بالإقامة أو بالتشريج على اختلاف الأصلين، ولو لبن في أرض نفسه لا تستحق الأجرة حتى يسلمه إليه، وفي الجوهرة وفائدة الخلاف تظهر فيما إذا تلف اللبن قبل التشريج فعند الإمام هلك من مال المستأجر، وعندهما من مال الأجير والتشريج أن يركب بعضه على بعض بعد الجفاف.
قال - رحمه الله - (ومن لعمله أثر في العين كالصباغ والقصار يحبسها للأجر) يعني لمن ذكر أن يحبس العين إذا عمل حتى يستوفي الأجر؛ لأن المعقود عليه وصف في المحل فكان له حق الحبس لاستيفاء البدل كما في البيع، قال في النهاية: القصار إذا ظهر عمله باستعمال النشا كان له حق الحبس وإن لم يكن لعمله إلا إزالة الدرن اختلفوا فيه والأصح أن له الحبس على كل حال؛ لأن البياض كان مستترا، وقد ظهر بفعله
Bogga 8