الغاصب ولا يمنع منه في هذه الحالة فإذا أسلم لا ينتقل إلى القيمة وله الخمر لا غير قيد المسألة بالخمر ولم يتعرض للخنزير فنقول لو كاتبه على خنزير معين ملكه بمجرد العقد فإذا أسلم أحدهما قبل القبض لا ينتقل إلى القيمة، بل له الخنزير المعين والمسلم لا يمنع من وضع يده عليه كما لو غصب الذمي خنزيرا فأسلم فله أن يرده من يد الغاصب فلو كان الخنزير غير معين فأسلم أحدهما ينتقل إلى قيمة نفس المكاتب أخذا من قولهم قيمة القيمي تقوم مقام عينه، وهذا من خواص هذا الكتاب والحمد لله الذي هدانا لهذا قال - رحمه الله - (وعتق بقبضها ) يعني يعتق بقبض قيمة الخمر؛ لأن الكتابة عقد معاوضة وسلامة أحد العوضين لأحدهما توجب سلامة العوض للآخر، وإذا أدى الخمر عتق أيضا لتضمن الكتابة تعلقا بأداء الخمر كما إذا كاتب المسلم عبده على خمر كما تقدم قال في الكافي هذا ذكره بعض المشايخ كالقاضي ظهير الدين الشيرازي ونجم الدين الأفطسي والسرخسي والنيسابوري وفي شرح الجامع الصغير وفي شرح الطحاوي والتمرتاشي.
ولو أدى الخمر لا يعتق، ولو أدى القيمة يعتق؛ لأن الكتابة انتقلت إلى القيمة ولم يبق الخمر بدلا في هذا العقد؛ لأن العقد وقع صحيحا على الخمر ابتداء وبقي بعد الإسلام على قيمته صحيحا على حاله فخرج الخمر عن كونه بدلا فيه ضرورة وبأداء غير البدل لا يعتق بخلاف مسألة المسلم حيث يعتق بأداء الخمر؛ لأن العقد فيه انعقد فاسدا فيعتق بأداء البدل المشروط لما فيه من معنى التعليق ويضمن لمولاه قيمة نفسه، وقد تقدم فرق آخر وفرق في النهاية بفرق ثالث حيث قال فإن قلت ما الفرق بين هذا وبين ما إذا كاتب المسلم عبده على الخمر ابتداء حيث يعتق العبد بأداء الخمر وإن وقع العقد فاسدا وفيما نحن فيه وهو ما إذا كاتب النصراني عبده الكافر على خمر، ثم أسلم أحدهما، ثم أدى الخمر لا يعتق مع أن القياس ينبغي أن يعتق بأداء الخمر بالطريق الأولى؛ لأن العقد في الابتداء تأكد انعقاده على الخمر قلت الفرق بينهما هو أن الكتابة في عقد المسلم على الخمر انعقدت مع الفساد فيعتق بأداء البدل المشروط لما فيه من معنى التعليق لما ذكرنا ويكون عليه قيمة نفسه، وأما هاهنا فالكتابة انعقدت صحيحة على تقدير إذا بدل يصح أداؤه وقامت القيمة مقام الحجة ولم يوجد هاهنا معنى التعليق بأداء الخمر حتى تعتق بأداء الخمر إلى هذا أشار الإمام التمرتاشي في الجامع الصغير اه. والله تعالى أعلم.
[باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله وما لا يجوز]
الظاهر أن اكتفاء المصنف في عنوان هذا الباب بما يجوز للمكاتب أن يفعله لكونه المقصود بالذات وإلا فقد ذكر في هذا الباب كثيرا مما لا يجوز للمكاتب أن يفعله قال صاحب العناية لما ذكر أحكام الكتابة الصحيحة والفاسدة شرع في بيان ما يجوز للمكاتب وما لا يجوز فإن جواز التصرف ينبني على العقد الصحيح اه .
قال - رحمه الله - (للمكاتب البيع والشراء والسفر) ؛ لأن مقصود السيد من العقد الوصول إلى بدل الكتابة ومقصود العبد به الوصول إلى الحرية وذلك إنما يحصل بالبيع والشراء، وقد لا يتفقان في الحضر فاحتاج إلى السفر ويملك البيع بالمحاباة؛ لأن عادة التجار يفعلونه إظهارا للمسامحة واستجلابا لقلوب الناس، وقد يحابي في صفقة ليربح في أخرى وأفاد إطلاقه أنه يملك أن يبيع بالنقد والنسيئة والغبن الفاحش واليسير عند الإمام، وعندهما لا يملك بالغبن الفاحش كالعبد المأذون له، ولو زاد في الثمن أو حط بسبب عيب جاز، ولو حط من غير عيب لا يجوز وشراء المكاتب وبيعه من مولاه جائز، وإذا اشترى شيئا من مال المضاربة ولا ربح فيه جاز ولا يبيع المولى ما اشترى من مكاتبه مرابحة ما لم يبين لقيام شبهة الملك له فيه، ولو أوصى بعين من ماله، ثم عتق فأجاز الوصية جازت كذا في المحيط وفي المبسوط.
ولو باع من مكاتبه درهما بدرهمين لا تجوز؛ لأن هذا صريح الربا والمكاتب في كسبه بمنزلة الحر والمكاتب في حق الشفعة فيما يستحقه أو استحق عليه كالحر. اه.
ولا يقال هذه الأحكام علمت من قوله خرج من يده دون ملكه فيكون تكرارا؛ لأنا نقول علمت هناك وإن رهن أو ارتهن أو أجر أو استأجر فهو جائز وليس له أن يقرض ضمنا لا تصريحا وما علم ضمنا لا يكون مكررا فتأمله وفي المبسوط، ولو زنى المكاتب أو سرق منه يجب القطع؛ لأنه يخاطب اه.
قال - رحمه الله - (وإن شرط أن لا يخرج من المصر) إن هذه وصلية، وهذا الكلام متصل بما قبله يعني له أن يسافر وإن شرط المولى عليه أن لا يخرج البلد كما لو خص له نوعا من التصرف دون غيره
Bogga 51