القيمة فأدى لم يعتق إلا أن يكون قال له المولى إن أديت فأنت حر وذكر صاحب الإملاء أنه يعتق بالدفع قال المولى إن أديت إلي فأنت حر أو لم يقل كما لو كاتب على خمر وجه ما ذكر عن الإمام أن العين لم يصر بدلا في هذا العقد بتسميته؛ لأنه لا يقدر على تسليمه فلا ينعقد بالعقد أصلا.
قال - رحمه الله - (أو بمائة ليرد عليه سيده وصيفا فسد) قوله فسد هذا خبر لقوله وإن كاتب يعني لو كاتبه على مائة ليرد عليه سيده وصيفا فالكتابة فاسدة على قول الإمام ومحمد، وقال أبو يوسف الكتابة صحيحة وتقسم المائة على قيمة المكاتب والوصيف الوسط فما أصاب الوصيف الوسط يسقط عنه ويكون مكاتبا وتقسم المائة بما بقي؛ لأن كل ما جاز إيراد العقد عليه جاز استثناؤه من العقد والكتابة ولهما أن بدل الكتابة مجهول القدر فلا يصح كما إذا كاتبه على قيمة الوصيف هذا؛ لأن الأصل المذكور صحيح فيما إذا صح الاستثناء من غير أن يؤدي إلى فساد العقد وهنا استثناء العبد من الدراهم غير صحيح؛ لأن الوصيف لا يمكن استثناؤه من الدنانير إلا باعتبار القيمة وتسمية القيمة تفسد العقد؛ ولأن هذا عقد يشتمل على الكتابة والبيع؛ لأن ما كان من الدنانير بأداء الوصيف الذي يرده المولى بيع وما كان بمقابلة رقبة المكاتب هو مكاتبة فيبطل لجهالة المثمن والثمن فهو صفقة في صفقة فلا يجوز للنهي عنها.
وإذا كاتبه على حيوان وبين جنسه كالعبد والفرس ولم يبين أنه تركي أو هندي ولا الوصف أنه جيد أو رديء جازت الكتابة ويصرف إلى الوسط وقدر الإمام الوسط بما قيمته أربعون، وقالا هو على قدر غلاء السعر ورخصه ولا ينظر في قيمة الوسط إلى قيمة المكاتب ويجبر على قبول قيمته وإنما يصح العقد مع الجهالة؛ لأنها يسيرة فصار كما لو كاتب وجعل الأجل الحصاد ولقائل أن يقول مقتضى هذا التعليل أن لا تصح الكتابة فيما إذا كاتبه على مائة على أن يرد عليه عبدا معينا؛ لأن قيمة المعين مجهولة جهالة فاحشة ولهذا لو كاتبه عليها لم يصح، وقد صرحوا فيما إذا شرط على أن يرد عليه عبدا معينا أن يصح بالاتفاق نقله في الكافي والدرر والغرر وفي المبسوط، ولو كاتبه على خمر أو خنزير فسد فإن أداه قبل أن يترافعا إلى القاضي، وقد قال له إن أديت فأنت حر ولم يقل فإنه يعتق وتلزمه قيمة نفسه، وإذا جاء المكاتب بالمال قبل حلول الأجل فأبى المولى أن يقبله يجبر على القبول اه.
قال - رحمه الله - (فإن أدى الخمر عتق) ؛ لأن العقد ينعقد وإن كان فاسدا فيعتق بالأداء يعني إذا كان قبل إبطال القاضي وفي العتابية فإن أدى الخمر والخنزير عتق، وقال زفر لا يعتق إلا بأداء قيمة الخمر وأطلق في قوله يعتق فشمل ما إذا قال إن أديت فأنت حر أو لم يقل، وعن أبي حنيفة يعتق إن قال إن أديت وإن لم يقل لا يعتق ونظيره ما إذا كاتبه على ميتة أو دم فإنه لا يعتق إلا في صورة التعليق نصا وفي ظاهر الرواية يعتق بأداء الخمر، وكذا الخنزير والفرق بين الخمر والخنزير والميتة والدم أن الخمر والخنزير مال في الجملة والميتة والدم ليسا بمال أصلا عند أحد فلم ينعقد العقد أصلا فاعتبر فيهما معنى الشرط لا غير ذلك بالتعليق قال ابن فرشتة هذا إذا كان السيد مسلما؛ لأن الكافر إذا كاتب عبده الكافر، ثم أسلم لا يعتق بأداء الخمر اتفاقا اه.
وفي شرح الطحاوي فإذا أسلم أو أسلم أحدهما يعتق بأداء القيمة ولا يعتق بأداء الخمر والفرق بين المسلم والكافر حيث قلنا في المسلم العقد فاسد ويعتق بأداء الخمر وفي الكافر صحيح فأقول: المسلم لا يعتق بأداء الخمر إذ المسلم لما كان الخمر في حقه ليس بمال فالظاهر من حاله إرادته التعليق على الأداء فيعتق بالأداء والكافر لما كان في حقه مالا فالظاهر انتفاء التعليق في حقه، بل إرادة العرض وبالإسلام انتفى كونه عرضا والتعليق منتف فلا يعتق بأداء قيمة الخمر قال - رحمه الله - (وسعى في قيمته) يعني إذا عتق بأداء الخمر وجب عليه أن يسعى في قيمته؛ لأنه وجب عليه رد رقبته لفساد العقد، وقد تعذر الرد للعتق فيجب عليه كما في البيع الفاسد إذا أعتق المشتري العبد أو أتلفه.
قال - رحمه الله - (ولم ينقص عن المسمى وزيد عليه) هذه المسألة لا تعلق لها بمسألة الخمر، بل مسألة مبتدأة ومعناها كاتب عبده على ألف وخدمته أبدا أو على ألف وهدية فالخدمة أبدا والهدية لا تصلح بدلا فالعقد فاسد فإذا أدى الألف عتق فإن كان الألف قدر قيمته لم يبق للمولى عليه سبيل وإن كان قيمته أكثر رجع عليه السيد بالزيادة وإن كانت الألف أكثر من قيمته فلا يعتق إلا بدفعها، ولو كاتبه على ألف ورطل من الخمر لا يعتق حتى يدفع الألف والرطل من الخمر كذا في المحيط مختصرا قال الشارح؛ لأنه عقد فاسد
Bogga 49