الإقالة فيجوز اشتراط الخيار فيها بخلاف النكاح؛ لأنه ليس بمعاوضة فلا يصح شرط الخيار فيه وبخلاف الصرف والسلم فلا يصح شرط الخيار فيهما؛ لأنه يمنع تمام القبض المستحق بالعقد، والعقد فيهما موجب للقبض في المجلس وفوات بعض المعقود عليه لا يمنع الرد بالعيب فكذا بخيار الشرط للضرورة بخلاف البيع؛ لأنه يمكن فسخ البيع في جميع المبيع فلا ضرورة ألا ترى أن المستأجر يجبر على القبض بعد مضي بعض المدة من غير شرط الخيار للضرورة وفي المبيع لا يجبر عليه بعد هلاك بعضه لعدم الضرورة، وقد تقدم في البيع أنه يشترط حضور الآخر في الفسخ، وقد تقدم الصحيح هناك.
[تفسخ بخيار الرؤية أي الإجارة]
قال - رحمه الله - (وبخيار الرؤية) أي وتفسخ بخيار الرؤية، وقال الإمام الشافعي لا يجوز استئجار ما لم يره للجهالة قلت الجهالة إنما تمنع الجواز إذا كانت مفضية للنزاع وهذه لا تفضي إليه؛ لأنه إن لم يوافق برده فلا يمنع الجواز فإذا رآه ثبت له خيار الفسخ؛ لأن العقد لا يتم إلا بالرضا ولا رضا بدون العلم، وقال - عليه الصلاة والسلام - «من اشترى ما لم يره فله الخيار إذا رآه» ؛ ولأن الإجارة شراء المنافع فتناولها الحديث.
قال - رحمه الله - (وتفسخ بالعذر وهو عجز أحد العاقدين عن المضي في موجبه إلا بتحمل ضرر زائد لم يستحق به كمن استأجر رجلا ليقلع ضرسه فسكن الوجع) يعني تفسخ الإجارة بالعذر الذي هو العجز عن المضي في موجب العقد إلا بتحمل ضرر زائد لم يستحق بالعقد أي بنفس العقد كمن استأجر إلخ، وقال الإمام الشافعي لا تفسخ بالأعذار إلا بالعيب؛ لأن المنافع عنده بمنزلة الأعيان كما تقدم، وقد فسر العذر في التجريد حيث قال: والعذر أن يحدث في العين ما يمنع الانتفاع به أو ينقض المنفعة وفسره في الهداية كما فسره المؤلف وفي المحيط وكل عذر يمنع المضي في موجبه شرعا كمن استأجر رجلا ليقلع ضرسه فسكن الوجع تنقض الإجارة من غير نقض؛ لأنه لا فائدة في بقائه فتنتقض ضرورة وكل عذر لا يمنع المضي في موجب العقد شرعا، ولكن لا يمكنه المضي إلا بضرر زائد يلزمه فإنه لا ينتقض إلا بالنقض وهل يكون قضاء القاضي والوصي شرطا في النقض ذكره في الزيادات وجعل قضاء القاضي شرطا قال شمس الأئمة السرخسي هو الأصح وذكر في المبسوط والجامع الصغير أنه ليس بشرط وينفرد العاقد بالنقض وهو الصحيح، وقد تقدم الكلام عليه وفي الخلاصة وإن انهدم منزل المؤجر وليس له منزل آخر وأراد أن يسكن البيت المؤجر ويفسخ الإجارة ليس له ذلك، ولو استأجر دكانا ليبيع فيه ويشتري فأراد أن يترك هذا العمل ويعمل غيره فهذا عذر اه.
وفي المحيط ذكر في فتاوى الأصل إن تهيأ له العمل الثاني على ذلك الدكان ليس له النقض وفيها لو استأجر ليبيع الطعام، ثم بدا له أن يأخذ في عمل آخر فهذا ليس بعذر في الأصل، وقال في الأصل إذا استأجر حانوتا ليبيع فيه الطعام، ثم بدا له أن يقعد في سوق الصيارف فهو عذر، وفي التجريد لو أجر نفسه في عمل أو صناعة، ثم بدا له أن يترك ذلك العمل فإن كان ذلك العمل ليس من عمله وهو مما يعاب به كان له أن يفسخ. اه .
ومن الأعذار الموجبة للفسخ شرعا لو استأجره ليقطع يده لأكلة فيها فبرئ منها وفي التتارخانية ولو استأجره للحجامة أو الفصد، ثم بدا له أن لا يفعل كان عذرا، ولو امتنع الأجير عن العمل في هذه الحالة يجبر عليه.
قال - رحمه الله - (أو ليطبخ له طعاما للوليمة فاختلعت منه) يعني يجوز له أن يفسخ العقد في هذه المسألة؛ لأنه لا يمكنه المضي إلا بتحمل ضرر زائد لم يستحق بالعقد ويلحق به ما لو استأجر ليطبخ له طعاما لقدوم الأمير أو الحاج فلم يقدم الأمير والحاج وفي التتارخانية استأجر رجلا ليخيط له أو ليقطع قميصا أو يبني بيتا، ثم بدا له أن لا يفعل كان عذرا.
قال - رحمه الله - (أو حانوتا ليتجر فيه فأفلس أو أجره ولزمه دين بعيان أو بيان أو بإقرار ولا مال له غيره) يعني لو استأجر حانوتا ليتجر فيه فأفلس كان عذرا في الفسخ ولم يذكر الشارح الذي يتحقق به الإفلاس وسنذكر ذلك وقوله حانوتا مثال، قال في الجامع الصغير استأجر الخياط غلاما ليخيط معه فأفلس الخياط أو مرض وقام من السوق فهو عذر يفسخ به وتأويل المسألة إذا كان يخيط لنفسه أما إذا كان يخيط بأجر فرأس مال الخياط الخيط والمخيط والمقراض فلا يتحقق الإفلاس فيه، وقال محمد في الخياط الذي يخيط لغيره بأجرة لا يتحقق إفلاسه إلا بأن تظهر خيانته للناس فيمتنعون عن تسليم الثياب إليه اه.
فظاهره أن الإفلاس في التاجر بأن يظهر ذلك فيه فيمتنع الناس من معاملته قوله أو أجره ولزمه دين بعيان إلخ يعني له أن
Bogga 42