فانصرف إليه فلا يكون له أن ينقله إلى خدمة السفر؛ لأنه أشق؛ ولأن مؤنة الرد على المولى فيلحقه ضرر بذلك فلا يملكه إلا بإذنه بخلاف العبد الموصى بخدمته حيث لا يتقيد بالحضر؛ لأن مؤنة الرد عليه ولم يوجد العرف في حقه لا يقال لما ملك المنفعة ملك أن يسافر به كالمولى؛ لأنا نقول المولى إنما ملك ذلك؛ لأنه ملك الرقبة قيد بقوله ولا يسافر فأفاد أن له أن يستعمل فيما دون السفر ففي المحيط استأجر عبدا ليخدمه ولم يبين مكان الخدمة له أن يستخدمه بالكوفة دون خارج الكوفة، قال شمس الأئمة يعني لا يسافر بالعبد وله أن يخرجه إلى القرى وأفنية المصر ويستخدمه إلى العشاء الأخيرة وليس له أن يضربه وله أن يكلفه أنواع الخدمة ويخدم ضيفانه وامرأته وأطلق في قوله ولا يسافر وهو مقيد بما إذا لم يكن متهيئا للسفر، وقد عرف بذلك ؛ لأن المعروف كالمشروط، ولو سافر به صار غاصبا ولا أجر عليه إن سلم؛ لأن الضمان والأجر لا يجتمعان وفي المحيط لا يكلفه الخبز والطبخ والخياطة وعلف الدواب، قال تفسيره أن يعقده خياطا ليخيط للناس أو خبازا ليخبز للناس؛ لأنه ليس من الخدمة، بل من التجارة.
وأما إذا خاط له وخبز له فله ذلك؛ لأنه من أنواع الخدمة، ولو دفع عبده إلى حائك ليعلمه النسج واشترط عليه أن يحدقه في ثلاثة أشهر لم يجز؛ لأن التحديق ليس بعلم معلوم، ولو أجر عبده سنة فأعتق العبد في خلال السنة جاز عتقه والعبد بالخيار إن شاء أجاز العقد فيما بقي وله أجر ما بقي من السنة وإن شاء فسخ وليس للعبد أن يقبض الأجرة إلا بوكالة من المولى فإن كان المولى قبض الأجرة معجلا فأعتق العبد في خلال السنة فإن أجاز العبد العقد فيما بقي سلم ذلك للسيد، ولو كان العبد هو الذي أجر نفسه بإذن المولى، ثم أعتق العبد فله الخيار كما تقدم إلا أن العبد هو الذي يقبض الأجرة وفي الغياثية وإن قبض المولى جميع الأجرة قبل عتقه فذلك له إن لم يكن على العبد دين وإن كان صرف إلى غرمائه والفضل له؛ لأنه كسب عبده وأفاد قوله استأجر عبدا أن كلا منهما ذكر؛ لأنه لو استأجر أمة لا بد فيه من تفصيل أو استأجر المرأة ذكر لتخدمه لا بد فيه من تفصيل أو استأجرت حرا لا بد فيه من تفصيل، ولو أجر عبده سنة فأقام العبد بينة أن مولاه أعتقه قبل الإجارة فالأجرة للعبد.
ولو قال العبد أنا حر، وقد فسخت الإجارة فلم يقم بينة ودفعه القاضي إلى مولاه فأجبر على العمل فأقام بينة أنه حر وأن المولى أعتقه قبل الإجارة فلا أجر للعبد؛ لأنه لو لم يقل فسخت كان الأجر للعبد، ولو كان غير بالغ وادعى العتق، وقد أخره، وقال فسخت، ثم عمل فالأجر للغلام. اه. مختصرا.
وفي التتارخانية ويكره للرجل أن يستأجر امرأة للخدمة حرة كانت أو أمة وإن كان له عيال فلا بأس بذلك إذا كان ثقة وبه يفتى، ولو استأجر الرجل امرأته للخدمة لا يجوز ولا أجر لها، ولو لغسل الثياب والخياطة يجوز، ولو استأجرت المرأة زوجها للخدمة لا يجوز ولا أجر عليها لو خدم، ولو استأجر أباه للخدمة لا يجوز ولا أجر له لا فرق بين الكافر والمسلم، ولو استأجر أباه لرعي غنمه يجوز، ولو استأجر أمه أو جدته للخدمة لا يجوز، ولو خدم فله المسمى، ولو استأجر عمه وهو أكبر منه أو أخاه وهو أكبر منه لا يجوز، وفي فتاوى الفضلي لا يجوز إجارة المسلم نفسه من كافر في الخدمة وفيما غير الخدمة يجوز، وذكر في صلح الأصل ادعى على آخر دارا فصالحه على خدمة عبده سنة كان له أن يخرج بالعبد إلى أهله قال شمس الأئمة الحلواني لم يرد بإخراجه إلى أهله السفر وإنما أراد القرية وأفنية المصر، وقال شمس الأئمة السرخسي له في مسألة الصلح أن يسافر بخلاف مسألة الإجارة اه. ويطلب الفرق.
قال - رحمه الله - (ولا يأخذ المستأجر من عبد محجور عليه أجرا دفعه لعمله) يعني لو استأجر رجل عبدا محجورا عليه من نفسه فعمل وأعطاه الأجر ليس للمستأجر أن يأخذ منه، والقياس له أن يأخذه منه؛ لأن عقد المحجور عليه لا يجوز فيبقى على ملك المستأجر؛ لأنه بالاستعمال صار غاصبا له ولهذا يجب عليه ضمان قيمته إذا هلك ومنافع المغصوب لا تضمن عندنا فيبقى المدفوع على ملكه فله أن يسترده قياسا وفي الاستحسان لا يسترد؛ لأن التصرف من العبد في هذه الحالة نافع على تقدير السلامة صار على تقدير الهلاك والنافع مأذون فيه فيملكه العبد فيخرج الأجر عن ملكه فبعدما سلم تمحض نفعا في حق المولى؛ لأنه إذا جاز تحصل للمولى الأجر، ولو لم يجز ضاعت منافع العبد فتعين القول بالجواز وصح قبض العبد الأجرة فلا يسترد بخلاف ما إذا هلك العبد في حالة الاستعمال فإنه يجب على المستأجر قيمته، وإذا ضمن صار غاصبا من وقت الاستعمال
Bogga 37