يذكر محمد هذا في شيء من الكتب وكان الفقيه أبو بكر البلخي يقول على قولهما يستحق أجر المثل إذا خاطه في غد وعلى قول الإمام لقائل أن يقول يجب ولقائل أن يقول لا يجب ذلك وأن يقول هذا العقد هنا فاسد على قول الإمام؛ لأنه جمع بين الوقت والعمل ولم تقم قرينة على أنه أراد بالوقت التعجيل فما وجه القول بالصحة وفي العتابية إن خطته اليوم فلك درهم وإن خطته في غد فلا شيء لك فسد العقد؛ لأنه شرط القمار، وقيل يصح في اليوم ويفسد في الغد، ولو قال ما خاطه اليوم فبحساب درهم وما خاطه غدا فبحساب نصف درهم يفسد؛ لأنه مجهول، ولو قال ما خاطه من هذه الثياب روميا فبكذا وفارسيا فبكذا يفسد للجهالة، وهذا التفصيل في صورة المتن هو المذكور في الجامع الصغير وحكى الفقيه عن أبي القاسم الصفار ينبغي أن يفسد العقد في اليوم والغد بلا خلاف فإن خاطه في الغد فله أجر مثله لا يزاد على درهم ولا ينقص من نصف درهم، وهذا يشير إلى أنه يجوز أن يزيد على نصف درهم وهو رواية الأصل، وفي المسألة روايتان.
وصحح القدوري رواية ابن سماعة وهو الصحيح وهو المذكور في المتن ولم يتعرض لماذا خاط بعضه في اليوم وبعضه في غد ونحن نبين ذلك قال في العناية: ولو خاطه نصفه في اليوم ونصفه في الغد يجب في اليوم نصف درهم وفي الغد أجرة مثله لا يزاد على نصف درهم ولا ينقص عن ربع درهم وقوله زمانا في الأول قيد اتفاقي؛ لأنه لو ردد في الأجرة كذلك وأطلق في قوله زمانا في الأول فشمل ما إذا قدم الأول وأخر الغد وقدم الغد وأخر اليوم يصح العقد في الغد ويفسد في اليوم قال في الغياثية: ولو بدأ بالغد، ثم اليوم فعند الإمام الصحيح هو الأول وفي إجارة الأصل لو قال إن خطته اليوم فلك درهم وإن لم تفرغ منه اليوم فلك نصف درهم ذكر الخلاف على نحو ما ذكر في المتن.
قال - رحمه الله - (وفي الدكان والبيت والدابة مسافة وحملا) يعني يجوز أن يجعل الأجر مترددا في الدكان بأن يقول إن سكنت حدادا فبدرهمين وإن سكنت عطارا فبدرهم أو يتردد بين مسافتين في الدابة أو بين حملين بأن يقول إن ذهب إلى بغداد بكذا وإلى الكوفة بكذا أو إن حملت قطنا فبكذا وإن حملت حديدا فبكذا، وهذا قول الإمام، وعندهما لا تجوز هذه الإجارة لهما أن الأجرة والمنفعة مجهولتان؛ لأن الأجر في الأجير الخاص يجب بالتسليم من غير عمل ولا يدري أي العملين يقدر ولا أي التسميتين تجب وقت التسليم بخلاف خياطة الرومية والفارسية؛ لأن الإجارة لا تجب فيه إلا بالعمل وبه ترفع الجهالة وبخلاف الترديد في اليوم والغد؛ لأنه عندهما كمسألة الرومية أو الفارسية فلا يجب الأجر إلا بعد العمل فعند ذلك هو معلوم هذا هو القاعدة.
فإن قلت فما الفرق على قولهما بين الترديد في العمل والزمان حيث جوزاها ومنعاه في البيت والدكان، والإمام جوز هنا ومنع في الزمان، قلت قالا التفاوت في السكنى فاحشة فمنعاه والإمام قال هو رضي بإدخال الضرر على نفسه فأجازه وللإمام أنه خيره بين شيئين متغايرين وجعل لكل واحد منهما أجرا معلوما فوجب أن يجوز كما في الرومية والفارسية، والإجارة للانتفاع فالظاهر أن يستوفي المنافع، وعند الاستيفاء ترفع الجهالة بخلاف الترديد في اليوم والغد على ما تقدم وهنا يجوز الترديد بين شيئين بأن يقول أجرتك هذه الدار كل شهر بمائة أو هذه الدار بمائتين أو هذه الدار بثلاثمائة ولا يجوز بين أكثر من ذلك لما تقدم وفي الكبرى واختلف المشايخ على قول الإمام في مسألة الدابة والدار إذا سلم ولم يسكن ولم يحمل عليها ولم يركبها قال بعضهم يجب أقل الأجرين وهو المقابل بأدنى العملين والزائد مشكوك فيه فلا يجب بالشك، وقال بعضهم إذا وجد التسليم ولم توجد المنفعة جعل التسليم لهما إذ ليس أحدهما بأولى من الآخر فيجب نصف أجر كل من الحداد والقصار ونصف أجر الحمل ونصف أجر الركوب وفي التتارخانية، وذكر الكرخي من استأجر دابة من بغداد إلى البصرة بخمسة وإلى الكوفة بعشرة فإن كانت المسافة إلى البصرة نصف المسافة إلى الكوفة فالعقد جائز، وإن كان أقل أو أكثر لا يجوز على قول محمد، وقال الإمام يجوز وفي نوادر هشام عن محمد إذا قال لغيره إن حملت هذه الخشبة إلى موضع كذا فبدرهم وإن حملت هذه الأخرى إلى موضع كذا فبدرهمين فحملهما إلى ذلك الموضع فله درهمان وهو يخالف رواية ابن سماعة اه. .
قال - رحمه الله - (ولا يسافر بعبد استأجره للخدمة بلا شرط) لأن مطلق العقد تناول الخدمة في الإقامة وهو الأعم الأغلب وعليه عرف الناس
Bogga 36