يجوز وفي العيون والكبرى كل شيء استأجره أحدهما من صاحبه مما يكون العمل فيه لهما فإنه لا يجوز فإن عمل فلا أجر له وذلك مثل الدابة يعني لو استأجر دابة مشتركة لحمل طعام بينهما فلا أجر له وكل شيء استأجره أحدهما من صاحبه مما لا يكون العمل فيه لهما فهو جائز نحو الجوالق والسفينة والدار قال فخر الدين والفتوى على ما ذكر في العيون وفي النوادر استأجر رجلين ليحملا له هذه الحنطة إلى منزله بدرهم فحملها أحدهما فله نصف الدرهم وهو متطوع إذا لم يكونا شريكين قبل العمل، وكذا إذا استأجرهما لبناء حائط أو حفر بئر فلو كانا شريكين في العمل يجب الأجر كله ويكون بينهما وفي الأصل استأجر قوما ليحفروا له سردابا إجارة صحيحة فعملوا وتعاونوا في العمل إن كان يسيرا قسم الأجر بينهما على عدد الرءوس وإن كان فاحشا يقسم على قدر العمل، وإن لم يعمل أحدهما لمرض أو عذر سقطت حصته وفي الغياثية لرجل بيت على نهر فجاء آخر بحجر ومتاعها فوضعهما في البيت واشتركا على أن يطحنا حبوب الناس فما حصل قسماه نصفين جاز وهو شركة التقبل وليس للبيت والمتاع أجر.
قال - رحمه الله - (كراهن استأجر الرهن من المرتهن) يعني لا يجوز استئجار الشريك هنا كما لا يجوز في مسألة الراهن؛ لأنه ملكه والمرتهن ليس بمالك حتى يؤجره فلا يتأتى منه تمليك المنافع بعوض؛ لأن التمليك من غير المالك محال والراهن إنما يمكن من الانتفاع من حيث إنه ملكه ومن انتفع بملك نفسه لا أجرة عليه.
قال - رحمه الله - (ومن استأجر أرضا ولم يذكر أنه يزرعها أو أي شيء يزرعها فزرعها فمضى الأجل فله المسمى) لأن الأرض تؤجر للزراعة ولغيرها من البناء والمراح ونصب الخيم، وكذا ما يزرع فيها يختلف كما تقدم فلا يجوز العقد حتى يبين ما يزرع ويبين جنسه، وإذا زرع ومضى الأجل جاز استحسانا؛ لأن الجهالة ارتفعت قبل تمام العقد فينقلب جائزا قال صاحب العناية في حل قوله قبل تمام العقد ينقض الحكم أقول: لا يخفى على ذي تأمل إن جعل العقد تاما ينقض الحكم مما لا تقبله الفطرة السليمة فإن العقد ينفسخ من الأصل بنقض الحاكم إياه فكيف يتصور أن تتم به وتمام الشيء من أثر بقائه به والحق أن المراد بقوله قبل تمام العقد قبل تمام مدة العقد، قال في النهاية فإن قيل إذا ارتفعت الجهالة بمجرد الزراعة لم يرتفع ما هو الموجب للفساد وهو احتمال أن يزرع فيها ما يضر بالأرض فكيف ينقلب إلى الجواز بتحقق شيء احتماله مفسد للعقد؛ ولأن المعقود عليه إذا كان مجهولا لا يتعين إلا بتعيينهما صونا عن الإضرار بالآخر ولا ينفرد به أحدهما، قلت الأصل إجارة العقد عند انتفاء المانع؛ لأن العقود تصح بقدر الإمكان والمانع الذي فسد العقد باعتباره توقع المنازعة بينهما، وعند استيفاء المنافع يزول هذا. اه.
وفي غاية البيان ويجب المسمى إذا لم يكن ذلك بعد نقض القاضي العقد. اه.
وفي بعض النسخ قيل: وهذا تحريف من الكاتب يعني إذا كان بعده فله أجر المثل لا يقال هذه المسألة متكررة مع قوله والأرض للزراعة إن بين ما يزرع؛ لأنا نقول الأول باعتبار ما يصح من العقود وذكرها هنا باعتبار ما يفسد من العقود قال الأكمل لا يقال هذه المسألة متكررة مع ما ذكره أول الباب؛ لأن ذلك وضع القدوري، وهذا موضع الجامع الصغير يشتمل على زيادة قوله فله يشير إلى أنه انعقد فاسدا وزال الفساد بالزرع على ما فيه.
قال - رحمه الله - (وإن استأجر حمارا إلى مكة ولم يسم ما يحمل فحمل ما يحمل الناس فنفق لم يضمن) لأن العين أمانة في يده وإن كانت الإجارة فاسدة؛ لأن الفاسد يعتبر بالصحيح لكونه مشروعا من وجه فلا يضمن ما لم يتعد فإذا تعدى ضمن ولا أجر عليه ، قال - رحمه الله - (وإن بلغ مكة فله المسمى) ؛ لأن الفساد كان لجهالة ما يحمل فإذا حمل عليه شيئا تعين ذلك فانقلب صحيحا لزوال الموجب للفساد، ولو استأجر دابة وجحد الإجارة في أثناء الطريق وجب عليه أجر ما ركب قبل الإنكار ولا يجب الأجر لما بعده عند أبي يوسف؛ لأنه بالجحود صار غاصبا والأجر والضمان لا يجتمعان، وقال محمد يجب الأجر كله. اه.
قال - رحمه الله - (وإن تشاحا قبل الزرع والحمل نقضت الإجارة دفعا للفساد) إذ الفساد باق قبل أن ترتفع الجهالة بالتعيين بالزرع والحمل، فإن قلت حكم الإجارة الفاسدة نقضها قبل تمام الأجرة بعد الاستعمال فكان ينبغي أن يقدم على وجوب الأجرة بعد الاستعمال قلنا قدم الأجرة لكثرة وقوعها فتأمل ولا يخفى أن رفع الفاسد واجب سواء تشاحا أو لم يتشاحا فكان
Bogga 29