ذلك إلى الإخلال بالقيام بمصالح الصغير له حق المنع وإلا فلا.
قال - رحمه الله - (فإن مرضت أو حبلت فسخت) يعني إذا حبلت المرضعة أو مرضت فتفسخ الإجارة؛ لأن لبن الحبلى والمريضة يضر الصغير وهي أيضا يضرها الإرضاع فكان لها ولهم الخيار، ولو تقيأ الصبي لبنها لأهله الفسخ، وكذا إذا كانت سارقة، وكذا إذا كانت فاجرة ظاهر فجورها بخلاف ما إذا كانت كافرة، قال في النهاية ولا يبعد أن يقال عيب الفجور في هذا فوق عيب الكفر؛ لأن كفرها في اعتقادها ألا ترى أنه كان في نساء بعض الرسل كامرأتي نوح ولوط - عليهما الصلاة والسلام - وما بغت امرأة نبي قط، هكذا قال - عليه الصلاة والسلام - «ولم يتزوج نبي فاجرة» ، وكذا إذا كان الصبي لا يأخذ لبنها كان لهم أن يفسخوا ولها ذلك أيضا، وكذا عيرت به، ولو مات الصبي أو الظئر انقضت الإجارة وفي الخانية إذا ظهر الظئر كافرة أو زانية أو مجنونة أو حمقاء كان لهم الفسخ وفي الأصل أرادوا سفرا وأبت الخروج فلهم الفسخ، وكذا إذا كانت سيئة بذية اللسان.
وكذا إذا أذاها أهله باللسان كان لها الفسخ، وكذا إذا كان ألفها الصبي ولم يأخذ لبن غيرها وهي تعير بذلك كان لها الفسخ في ظاهر الرواية، وعن أبي يوسف ليس لها الفسخ قال شمس الأئمة الحلواني الاعتماد على رواية أبي يوسف وفي المحيط انتهت مدة إرضاع الظئر والصغير لا يأخذ إلا ثديها تبقى الإجارة بأجرة المثل جبرا عليها ؛ لأن الإجارة كما لا تفسخ بالأعذار تبقى بالأعذار، ولو مات أبو الصغير لم تنقض الإجارة سواء كان للصغير مال أو لم يكن له مال، ولو استأجرها لترضع صبيين كل شهر بكذا فمات أحدهما سقط نصف الأجرة؛ لأنها لا يمكنها الوفاء بهذا فانفسخت الإجارة، ولو استأجر ظئرين فمات أحدهما بقي العقد في أحدهما وانفسخ في الأخرى بحصتها، والفرق بين هذا وبين ما إذا مات أحد الصبيين أن في الظئر يقسم الأجر عليهما باعتبار قيمته؛ لأنهما متفاوتان في الإرضاع وفي الصبي الإيجار وقع لهما واستحق كل واحد منهما نصف البدل وهو لبن الظئر فيجب المبدل عليهما نصفان. اه.
وفي المنتقى استأجر امرأته لترضع ابنه من مال الصغير فهو جائز، ولو استأجر شاة لترضع ولده لا يجوز؛ لأن لبن البهائم له قيمة فوقعت الإجارة عليه وهو مجهول فلا يجوز بخلاف لبن المرأة؛ لأنه لا قيمة له والإجارة على الخدمة، ولو التقط صبيا فاستأجر له ظئرا حالا فالأجرة عليه وهو متطوع؛ لأنه لا ولاية له على الصبي. اه.
قال - رحمه الله - (وعليها إصلاح طعام الصبي) لأن خدمة الصبي واجبة عليها، وهذا منه عرفا وهو معتبر فيما لا نص فيه وغسل ثيابه منه والطعام والثياب على الوالد والدهن والريحان أعلى الظئر كما هو عادة أهل الكوفة وفي عرف ديارنا ما يعالج به الصبي على أهله وفي المضمرات والفتوى على أنه ليس على الظئر الدهن والريحان وطعام الصبي على أهله إذا كان الصبي يأكل الطعام وعلى الظئر أن تهيئه له، وفي الينابيع وعليها طبخه وعليها أن تمضغ الطعام للصبي ولا تأكل شيئا يفسد لبنها وتضمن به.
قال - رحمه الله - (فإن أرضعته بلبن شاة فلا أجر) لأنها لم تأت بالواجب عليها من العمل وهو الإرضاع، وهذا إيجار وليس بإرضاع قال في الصحاح الوجور الدواء يوجر في وسط الفم أي يصب يقال له منه وجرت الصبي وأوجر بمعنى واحد. اه.
أقول: لقائل أن يقول إن كان هذا إيجارا لا إرضاعا فلا معنى لقول المؤلف فإن أرضعته، بل عليه أن يقول فإذا وجرته بدله وإن كان إرضاعا فكيف يقول الشارح هذا إيجار لا إرضاع والجواب أن هذا من باب المشاكلة وهو ذكر الشيء بلفظ الشيء غيره لوقوعه في صحبته كقوله قلت اطبخوا لي جبة وقميصا فذكر المؤلف الإيجار بلفظ الإرضاع لوقوعه في صحبته قيد بلبن الشاة؛ لأنها لو أرضعته بلبن خادمها أو جاريتها أو بلبن ظئر استأجرتها بلا عقد فلها الأجرة كما تقدم.
قال - رحمه الله - (ولو دفع غزلا لينسجه بنصفه أو استأجره ليحمل طعامه بقفيز منه أو ليخبز له كذا اليوم بدرهم لم يجز) ؛ لأنه في المسألة الأولى والثانية جعل الأجرة بعض ما يخرج من عمله فيصير في معنى قفيز الطحان؛ ولأن المستأجر عاجز عن تسليم الأجرة؛ لأنه بعض ما يخرج والقدرة على التسليم شرط لصحة العقد وهو لا يقدر على ذلك بنفسه وإنما يقدر بغيره فلا يعد قادرا فإذا نسج أو عمل فله أجر مثله لا يجاوز به المسمى بخلاف ما لو استأجره ليحمل له نصف هذا الطعام بنصفه الآخر حيث لا يجب له شيء من الأجر؛ لأن الأجير ملك فيه النصف في الحال بالتعجيل فصار الطعام مشتركا بينهما في الحال
Bogga 26