يجوز والمراد هنا استئجار التيس لينزو على الغنم ويحبلها بأجر أما لو فعل ذلك من غير أجر لا بأس به؛ لأن به يبقى النسل، وفي المحيط ومهر البغي في الحديث هو أن يؤاجر أمته على الزنا وما أخذه من المهر فهو حرام عندهما، وعند الإمام إن أخذه بغير عقد بأن زنى بأمته، ثم أعطاها شيئا فهو حرام؛ لأنه أخذه بغير حق وإن استأجرها ليزني بها، ثم أعطاها مهرها أو ما شرط لها لا بأس بأخذه؛ لأنه في إجارة فاسدة فيطيب له وإن كان السبب حراما.
قال - رحمه الله - (والأذان والحج والإمامة وتعليم القرآن والفقه) يعني لا يجوز استئجار هذه الأشياء، وقال الإمام الشافعي يجوز؛ لأنه استئجار على عمل غير متعين عليه وكونه عبارة لا ينافي ذلك ألا ترى أنه يجوز الاستئجار على بناء المسجد وأداء الزكاة وكتابة المصحف والفقه ولنا قوله - عليه الصلاة والسلام - «اقرءوا القرآن ولا تأكلوا به» ، وقال - عليه الصلاة والسلام - لعثمان بن أبي وقاص «لا تأخذ على الأذان أجرا» ؛ ولأن القربة تقع للعامل فلا يجوز أخذ الأجر على عمل وقع له كما في الصوم والصلاة؛ ولأن التعليم مما لا يقدر عليه المعلم إلا بمعنى من جهة المتعلم فيكون ملتزما ما لا يقدر على تسليمه فلا يجوز بخلاف بناء المسجد وأداء الزكاة وكتابة المصحف والفقه فإنه يقدر عليها الأجير، وكذا الأجير يكون للآمر لوقوع الفعل عنه نيابة ولهذا لا تشترط أهلية المأمور فيهما، بل أهلية الآمر حتى جاز أن يستأجر الكافر فيهما ولا يجوز فيما نحن فيه كذا قالوا وينتقض هذا بما ذكروا في باب الحج عن الغير أن الحج يقع عن الآمر وأن للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره قيد بأفعال الطاعة؛ لأنه لو استأجره ليعلم ولده الكتابة أو النحو أو الطب أو التعبير يجوز بالاتفاق كذا في التتارخانية وفي الكبرى تعليم الفرائض والحساب والوصايا بأجر يجوز وفي الذخيرة لو استأجره ليعلم ولده الشعر والأدب إذا بين له مدة جاز ويستحق المسمى إذا سلم نفسه تعلم أو لم يتعلم، وإذا لم يذكر له مدة فالعقد فاسد ويستحق أجرة المثل إذا تعلم. اه.
وفيها أيضا ويجوز الاستئجار على تعليم الصنعة والتجارة والهدم والبناء والحفر وأشباه ذلك فإذا أجره عبده ليعلمه كذا على إعطاء المولى شيئا معينا فهو جائز وإن شرط المعلم على المولى أن يعطيه في كل شهر كذا ويقوم على غلامه في تعليم كذا فهو جائز، وإذا لم يشترط كل واحد منهما شيئا، فلما فرغ وتعلم قال المعلم لي الأجرة على رب العبد كذا، وقال سيد العبد لي الأجرة على المعلم ينظر في ذلك إلى عرف تلك البلدة فإن كان سيد العبد هو الذي يعطي فالأجرة عليه وإن كان المعلم هو الذي يعطي فالأجرة على المعلم. اه.
قال - رحمه الله - (والفتوى اليوم على جواز الاستئجار لتعليم القرآن) ، وهذا مذهب المتأخرين من مشايخ بلخ استحسنوا ذلك وقالوا بنى أصحابنا المتقدمون الجواب على ما شاهدوا من قلة الحفاظ ورغبة الناس فيهم؛ ولأن الحفاظ والمعلمين كان لهم عطايا في بيت المال وافتقادات من المتعلمين في مجازات التعليم من غير شرط، وهذا الزمان قل ذلك واشتغل الحفاظ بمعائشهم فلو لم يفتح لهم باب التعليم بالأجر لذهب القرآن فأفتوا بالجواز، والأحكام تختلف باختلاف الزمان وكان محمد بن الفضل يفتي بأن الأجرة تجب ويحبس عليها وفي الخلاصة إذا أخذ المعلم من الصبي شيئا من المأكول أو دفع الصبي ذلك إلى ولد المعلم لا يحل له بخلاف ثمن الحصر؛ لأن ذلك تمليك من أب الصغير. اه.
وفي الحاوي للكرابيسي إذا استأجره ليختم عنده القرآن ولم يسم له أجرا ليس له أن يأخذ أقل من خمسة وأربعين درهما شرعا أما إذا سمى أجرا لزم ما سمى لكن يأثم المستأجر إذا عقد على أقل من خمسة وأربعين درهما إلا أن يهب المستأجر ما بقي من تمام القدر أو يشترط أن يكون ثواب ما فوقه لنفسه فلا يأثم، وكذا إذا قال اقرأ بقدر ما قدرت عليه فله من الأجر بقدر ما قرأ، وهذا يجب حفظه كما في المبسوط.
أقول: وهذا في عرفهم أما في عرفنا فيجوز ذلك، وفي الخلاصة رجل استأجر قوما يحملون جنازة ويغسلون ميتا إن كان في موضع لا يجد من يغسله غيرهم ولا من يحمله فلا أجر لهم وإن كان هناك غيرهم فلهم الأجر. اه.
وفي المحيط استأجر الإمام رجلا ليقتل مرتدا أو أسيرا أو لاستيفاء القصاص في النفس لم يجز عندهما، ولو استأجره لاستيفاء القصاص فيما دون النفس يجوز، ولو استأجر مصحفا ليقرأ فيه لم يجز وإن قرأ فيه فلا أجر عليه والقاضي كالإمام، ولو استأجر القاضي رجلا ليقوم عليه في مجلس القضاء شهرا جاز، ولو استأجر من له القصاص رجلا ليقتص له فلا أجر له لا يجوز هذا العقد عند الأول والثاني ويجوز عند الثالث وفي قاضي خان أهل الذمة إذا استأجروا ذميا ليصلي بهم
Bogga 22