خياط ثوبا فقال اقطعه حتى يصل القدم وكمه خمسة أشبار وعرضه كذا فجاء به ناقصا فإن كان قدر أصبع ونحوه، فليس بنقصان وإن كان أكثر يضمنه، ولو قال للخياط انظر إلى هذا الثوب إن كفاني قميصا اقطعه وخطه بدرهم فقطعه، ثم قال لا يكفيك يضمن الثوب، ولو قال انظر يكفيني قميصا قال نعم قال اقطعه فقطعه، ثم قال لا يكفيك لا يضمن والله أعلم.
[باب الإجارة الفاسدة]
(باب الإجارة الفاسدة)
لما فرغ من بيان الإجارة الصحيحة شرع في بيان الفاسدة وفي بيان ما يكون مفسدا ولا يخفى أن ذكر الإجارة الفاسدة بعد صحيحها لا يحتاج إلى معذرة فهي في محلها كما لا يخفى وعبر بالفاسد دون الباطل لكثرة فروعه وذكر خلاف ما ترجم له فكان عليه أن يقول: الفاسدة العقد المشتمل على منفعة لأحد المتعاقدين أو جهالة؛ لأن الفقيه نظير للأحكام والفاسد ما كان مشروعا بأصله دون وصفه وبين الفاسد والباطل فرق ها هنا فالباطل ما ليس مشروعا أصلا وحكمه أن لا يجب فيه بالاستعمال أجر بخلاف الفاسد فإنه يجب فيه بالاستعمال الأجر، كذا في الحقائق وفي جامع الفصولين بين البيع الفاسد والإجارة الفاسدة فرق فإن الفاسد من البيع يملك بالقبض والفاسد من الإجارة لا يملك بالقبض حتى إذا قبضها المستأجر لا يملكها، ولو أجرها يجب أجر المثل ولا يكون غاصبا وليس للأول أن ينقض هذا العقد كذا في الخلاصة قال - رحمه الله - (يفسد الإجارة الشرط) قال في المحيط كل جهالة تفسد البيع تفسد الإجارة؛ لأن الجهالة المتمكنة في البدل أو المبدل تفضي إلى المنازعة، وكل شرط لا يقتضيه العقد وفيه منفعة لأحد المتعاقدين يفضي إلى المنازعة فيفسد الإجارة، وفي الغياثية الفساد قد يكون لجهالة قدر العمل بأن لا يعين محل العمل، وقد يكون لجهالة قدر المنفعة بأن لا يبين المدة، وقد يكون لجهالة البدل أو المبدل، وقد يكون لشرط فاسد مخالف لمقتضى العقد، فالفاسد يجب فيه أجرة المثل لا يزاد على المسمى إن سمى وإلا فأجر المثل بالغا ما بلغ وفي الباطل لا تجب الأجرة والعين غير مضمونة في يد المستأجر سواء كانت صحيحة أو فاسدة أو باطلة. اه.
قال الشارح؛ لأنها بمنزلة البيع ألا ترى أنها تقال وتفسخ فتفسد بالشروط وفي الخلاصة رجل استأجر دارا شهرا بعشرة على أنه إن سكن فيها يوما فبعشرة فسدت الإجارة، وكذا لو استأجر دابة إلى بغداد على أنه إن حمل كذا فبأجرة كذا وإن حمل كذا فبأجرة كذا، وكذا لو استأجر أرضا على أنه إن زرع كذا فبأجرة كذا. اه.
وفي المحيط لو استأجر دارا بكذا على أن يعمرها فالإجارة فاسدة ولا يخفى أن المراد بالشرط الفاسد هو الذي لا يلائم العقد كما مر في البيع أما الشرط الملائم فإنه لا يفسد العقد وبهذا ظهر أن الإجارة الواقعة في مصر في الوقف في زماننا على أن المغارم وكلفة الكاشف على المستأجر فاسدة كما لا يخفى.
قال - رحمه الله - (وله أجر مثله لا يتجاوز به المسمى) لا يخفى أن العقد الفاسد في الإجارة له حكمان وجوب الدفع والضمان إذا انتفع ووجوب الدفع مقدم على وجوب أجرة المثل فكان عليه أن يقدم الحكم المتقدم على المتأخر، ولكن اهتم بالضمان فقدمه وترك قيدا وهو أن يقول فإن انتفع فله الأجر وأشار بقوله لا يتجاوز به المسمى إلى أن الفساد ليس لجهالة المسمى أو لعدم التسمية فلو كان الفساد لواحد منهما يجب أجر المثل بالغا ما بلغ، وكذا إذا كان بعضه معلوما وبعضه مجهولا مثل أن يسمي دابة أو ثوبا أو عشرة دراهم والظاهر من كلام الماتن والشارح أن الفساد إذا كان لغير جهالة المبدل لا يجب أجر المثل بالغا ما بلغ، بل لا يزاد على المسمى وليس كذلك؛ لأنه إذا كان البدل معلوما وفيه منفعة لأحد المتعاقدين يجب أجر المثل بالغا ما بلغ، كذا في قاضي خان وغيره قالوا لو استأجر حماما أو غيره بمال معلوم بشرط أن يرمه، وكذا إذا استأجر دارا بشرط أن لا يسكنها فالإجارة فاسدة ويجب عليه إن سكنها أجرة المثل بالغا ما بلغ، وقال زفر والشافعي يجب أجر المثل بالغا ما بلغ في الكل إذا كان الفساد لجهالة البدل أو لعدم التسمية ولنا أن المنافع غير متقومة بنفسها؛ لأن التقوم يستدعي سابقة الإحراز وما لا بقاء له لا يمكن إحرازه فلا يتقوم وإنما يتقوم بالعقد الشرعي للضرورة فإذا فسدت الإجارة وجب أن لا تجب الأجرة لعدم العقد الشرعي إلا أن الفاسد من كل عقد ملحق بصحيحه لكونه تبعا له ضرورة فيكون له قيمة في قدر ما وجد فيه شبهة العقد وهو قدر المسمى فيجب فيه المسمى بالغا ما بلغ وفيما زاد على المسمى لم يوجد فيه عقد ولا شبهة عقد فلا يتقوم ويبقى على الأصل.
Bogga 19