وتقيده وذكر أيضا من الأفعال ما يعد خلافا من الأجير للمؤجر وما لا يعد خلافا. قال - رحمه الله - (صح إجارة الدور والحوانيت بلا بيان ما يعمل فيها) والقياس أن لا تجوز هذه الإجارة حتى يبين ما يعمل فيها؛ لأن الدار تصلح للسكنى ولغيرها، وكذا الحوانيت تصلح لأشياء مختلفة فينبغي أن لا تجوز حتى يبين ما يعمل فيها كاستئجار الأرض للزراعة والثياب للبس، وجه الاستحسان أن العمل المتعارف فيها السكنى والمتعارف كالمشروط؛ ولأن إجارتها لا تختلف باختلاف العامل والعمل فجاز إجارتها مطلقا بخلاف الأراضي والثياب؛ لأنهما يختلفان وعبارة المؤلف أحسن من عبارة صاحب الهداية حيث زاد للسكنى لسلامته عما أورد على هذا اللفظ قال تاج الشريعة قوله للسكنى صلة الدور والحوانيت لا صلة الاستئجار يعني ويجوز استئجار الدور والحوانيت المعدة للسكنى لا أن يقول زمان العقد استأجرت هذه الدار للسكنى؛ لأنه لو نص على هذا وقت العقد لا يكون له أن يعمل فيها غير السكنى اه. كلامه.
قال صاحب غاية البيان ويجوز أن يتعلق قوله للسكنى بالاستئجار أي يجوز استئجار الدور والحوانيت للسكنى وله أن يعمل فيها كل شيء لا يوهن البناء ولا يفسده، وهو الظاهر من كلام القدوري اه.
وقول تاج الشريعة لو نص على السكنى ليس له أن يعمل غيرها كما سيأتي ليس بظاهر؛ لأنه لو عمل غيرها بما هو أنفع من السكنى بأن خزن فيها برا أو غيره يجوز؛ لأن التقييد فيما لا يتفاوت لا يعتبر، ولو استحق المستأجر من يد المستأجر، وقد هلك عنده وضمنه يرجع على الذي أجره ولا أجر عليه فيما استعمله؛ لأن الأجرة والضمان لا يجتمعان.
قال - رحمه الله - (وله أن يعمل فيها كل شيء) لما ذكرنا من أنها لا تختلف باختلاف العامل والعمل فجاز له أن يعمل فيها ما شاء عند الإطلاق وله أن يسكن غيره معه أو ينفرد؛ ولأن كثرة السكان لا يضر بها، بل يزيد في عمارتها؛ لأن خراب المسكن بترك السكان وله أن يضع فيها ما بدا له حتى الحيوان وله أن يعمل فيها ما بدا له من العمل كالوضوء والاغتسال وغسل الثياب وكسر الحطب؛ لأن ذلك كله من توابع السكنى وذكر في النهاية أنه لا يدخل الحيوان في عرفنا؛ لأن المنازل ضيقة. اه.
وبربطها على الباب فإن أجره صحن الدار ربطها في الصحن وليس للمؤجر أن يدخل دابته الدار بعدما أجرها، ولو كان فيها بئر أو بالوعة فسدت لا يجبر على إصلاحها، ولو بنى المستأجر التنور في الدار المستأجرة فاحترق شيء من الدار لم يضمن، كذا في الخلاصة وفي المحيط وله أن يربط الدابة إن كان في الدار سعة أما إن كانت ضيقة فلا، ولو استأجر دارا على أن يسكنها وحده فله أن يترك امرأته معه؛ لأنه شرط لا فائدة فيه. اه.
وفي الخلاصة وإذا ربط الدابة فضربت إنسانا أو هدمت الحائط لم يضمن اه.
قال - رحمه الله - (إلا أنه لا يسكن حدادا أو قصارا أو طحانا) لأن في نصب الرحى واستعمالها في هذه الأشياء ضررا ظاهرا؛ لأنه يوهن البناء فيتقيد العقد بما وراءها دلالة، والمراد بالرحى رحى الماء والثور، وأما رحى اليد فلا يمنع منها؛ لأنها لا تضر بالبناء وفي الحدادي رحى اليد إذا بنيت في الحائط يمنع منها وله أن يكسر فيها الحطب الكسر المعتاد وله أن يطبخ فيها الطبخ المعتاد وإن زاد على العادة بحيث يوهن البناء، فليس له ذلك إلا برضا صاحب الدار وينبغي أن يكون الدق على هذا التفصيل فظهر أن الحاصل كل ما يوهن البناء أو فيه ضرر ليس له أن يعمل فيها إلا بإذن، وكل ما لا ضرر فيه جاز بمطلق العقد واستحقه به ولم يتعرض المؤلف لبيان ما يجب عليه إذا فعل ذلك ونحن نبينه فلو أقعد حدادا فهدم البناء بعمله وجب الضمان؛ لأنه متعدي ولا أجر؛ لأن الضمان والأجر لا يجتمعان، ولو لم ينهدم وجب عليه الأجر استحسانا والقياس أن لا يجب؛ لأن هذا العمل غير داخل تحت العقد، ووجه الاستحسان أن المعقود عليه هو السكنى وفي الحدادة وأخواتها السكنى وزيادة فيصير مستوفيا للمعقود عليه فيجب عليه الأجر بشرط السلامة فصار نظير ما لو استأجر دابة ليحمل عليها قدرا معلوما فزاد عليها وسلمت الدابة فإنه يجب عليه الأجر، ولو اختلف المؤجر والمستأجر في اشتراط ذلك كان القول للمؤجر؛ لأنه أنكر الإجارة، ولو أقاما البينة كانت بينة المستأجر أولى وفي الخلاصة ولو استأجر ليقعد قصارا فله أن يقعد حدادا إن كان ضررهما واحدا، وفي المحيط أو كان ضرر الحداد أقل وإن كان أكثر، فليس له ذلك وكذلك الرحى اه.
قيد بالدور؛ لأن استئجار البناء وحده لا يجوز في ظاهر الرواية؛ لأنه لا ينتفع به وحده
Bogga 11