وغلب وقتل وصلب. بلْ لم يزل / (١/٦٨/أ) آمنًا في سِرْبه١ إلى أن لحق بالله ربه.
ولقد فعل موسى ما هو أعجب من ذلك كله وهو: "أنه ضرب بعصاه بحر النيل بمصر فتحوَّل الماء بسائر أرض مصر دمًا عبيطًا"٢. وكذلك "ألقى عصاه بين عصي بني إسرائيل فاهتزت شجرة ذات أغصان وأفنان وأورقت وأثمرت لوزًا، فبينا هي خشبة إذْ صارت شجرة خضراء مثمرة"٣. فبطل ما عوَّل النصارى عليه، فما أجابوا به عن آيتي موسى واليسع فهو جواب لنا عن آية المسيح.
وقد صرح فولس في الرسالة الرابعة عشرة إلى العبرانيين بأن المسيح ليس ربًّا ولا إلهًا بل إنّه عبد من عباد الله، شرّفه الله كما شرّف غيره من أنبيائه وأهل صفوته. فقال: "إن المسيح هو رئيس أحبارنا وهو الذي صعد إلى السماء وليس لنا رئيس أحبار غيره، ثم قال: إن كل رئيس أحبار إنما يكون من الناس ليقوموا فيما بين الناس وبين الله، وليس أحد ينال الكرامة لنفسه إلاّ من أناله الله مثل هارون، وكذلك المسيح لم يمدح نفسه، بل الله الذي مدحه حيث يقول: أقسم الربّ بأنّك أنت الكاهن المؤيد شبه/ (١/٦٨/ب) ملكي صادق"٤.
فهذا فولس - الذي ليس عند النصارى من يعدله - يشهد بأن المسيح إنسان من بني آدم [وحَبْرٌ] ٥ من أحبارهم كهارون.
٢٩- دليل صحيح على نبوته: قال يوحنا الإنجيلي: "جاء يسوع إلى بئر من آبار السامرة مستسقيًا ماء وقد عيي من تعب الطريق ففاوضته امرأة منهم
١ السرب: النفس، يقال: فلان آمن في سربه، أي: في نفسه. (ر: مختار الصحاح ص٢٩٣) .
٢ سفر الخروج ٧/١٤-٢١.
٣ تقدم تخريجها ر: ص: ٨٤.
٤ الرسالة إلى العبرانيين ٤/١٤-١٦، ٥/١-١٠.
٥ في ص (حبرا) والصواب ما أثبته.