258

[13باب القول في التوجه وفي البقاع التي يصلى عليها وإليها]

باب القول في التوجه وفي البقاع التي يصلى عليها وإليها

[ في التوجه للكعبة أو التحري لجهتها ]

يجب على كل مصل أن يتوجه إلى الكعبة إن أمكنه ذلك، فإن لم يمكنه، تحرى جهتها، وصلى إليها.

قال في (المنتخب)(1): فالقليل(2) من الكعبة والكثير يجزئ إذا كانت نية المصلي إليها، وقال في قوله تعالى: {فولوا وجوهكم شطره}، أي جانبا منه، أي ناحية كانت من نواحيها.

وقال(3) في راكب السفينة "يصلي على قدر ما يمكنه، غير أنه يتبع القبلة"(4)، فنبه على التحري.

وقال في (المنتخب)(5): من أخطأ القبلة، وصلى، ثم لم يعلم حتى خرج الوقت، لم يعدها؛ لأنه قد تحرى القبلة عند توجهه.

فدل ذلك على أنه يرى وجوب التحري، وهذا مما لاخلاف فيه بين الأمة، وقد قال تعالى: {فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره}[البقرة:144]، والشطر لا بد من أن يكون معلوما، أو مظنونا؛ لأن أحكام الشريعة كلها راجعة إلى العلم، أو غالب الظن، ومن المعلوم أن العلم يحصل بالمعاينة، وأن الظن يحصل بالتحري، أو ماقام مقامه، فثبت أنه لا بد من التحري مع الغيبة عن الكعبة.

ومعنى قولنا: يجب على كل مصل أن يتوجه إلى الكعبة، أو يتحرى جهتها إذا لم يكن الحال حال العذر؛ لأن المتنفل على الراحلة، والمصلي على السفينة(6)، والخائف لهم أن يصلوا إلى غير القبلة، وسنبين ذلك بعد هذا، إنشاء الله.

مسألة [ في انكشاف خطأ المتحري في الوقت وبعده ]

قال: ولو أن رجلا تحرى القبلة فأخطأ وصلى، ثم علم بخطئه بعد مضي الوقت، لم يعد تلك الصلاة، وإن علم وهو في الوقت أعادها.

Bogga 258