243

وأما ما روي من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( إحشهما في الليل حشوا ))، فهو محمول على أن المراد به صلهما في وقت يلي الليل بدلالة ما مضى.

والنظر أيضا يدل على ذلك، وذلك أنا وجدنا نافلة كل مكتوبة تفعل في وقتها قبلها، أو بعدها، ولم نجد شيئا منها يفعل(1) في غير وقت المكتوبة التي هي نافلتها، فوجب أن تكون نافلة صلاة الفجر مفعولة في وقتها، وليس لأحد أن يتأول ما رويناه من أنهما بعد الفجر (على الفجر الأول)(2)، فإن الفجر الأول لا يسمى فجرا على الإطلاق، بل لا حكم في الشرع(3) يتعلق به، فلا يجوز حمل اللفظ عليه عقلا، ولا شرعا، وأيضا أجمع المسلمون على تسميتهما بركعتي الفجر، ووردت الأخبار بذلك، فدل ذلك على أن وقتهما بعد طلوع الفجر، ألا ترى أنه لا يقال في صلاة وقتها قبل الليل أنها صلاة الليل، ولا في صلاة وقتها قبل النهار أنها صلاة النهار، فكذلك ركعتا الفجر، فكل ذلك يؤكد ما ذهبنا إليه في هذا الباب، وهو مذهب زيد بن علي عليه السلام.

وروى محمد بن منصور، عن أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، قال: سألت زيدا عليه السلام، فقلت: صليت ركعة قبل طلوع الفجر، وركعة بعد طلوع الفجر. فقال: أعدهما فإنهما بعد طلوع الفجر.

مسألة [ في حكم الوتر وعدد ركعاته]

والذي يدل على أن الوتر من النوافل قول الله تعالى: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى}[البقرة:238].

ووجه الاستدلال منه أن الله تعالى أمر بالمحافظة على الصلوات التي لها وسطى، والصلوات التي لها وسطى تكون وترا لا شفعا، فإذا ثبت (ذلك ثيت) (4) أن الصلاة الواجبة خمس صلوات، وأن السادسة ليست بواجبة، فثبت أن الوتر ليس بواجب. ويدل على ذلك:

Bogga 243