فللفرس هاهنا خرافات، وتزعم أنّ الشياطين كانت مسخّرة لكيقابوس. وقوم يزعمون أنّ سليمان بن داود- ﵉ أمرهم بذلك، في خرافات كثيرة ظاهرة الإحالة، من الصعود إلى السماء، وبناء مدينة كنكرز [١] بأسوار ذهب وفضّة وحديد ونحاس، وأنّها بين السماء والأرض، وأشباه ذلك مما لا فائدة في ذكره.
إلّا أنّ جملة أمره، أنّه تجبّر لما تمّ له أكثر ما كان يقصده. وسار من خراسان حتى نزل بابل، وترك ما كان يسوسه بنفسه، ويباشره برأيه. وأوحش الناس بالحجّاب والتعظّم، وآثر الخلوة. فكان من عاقبة ذلك أن فسد عليه ملكه، وكثرت الملوك في النواحي، حتى كان يغزوهم بعد ذلك ويغزونه، [٣٧] فيظفر مرّة وينكب أخرى، إلى أن غزا بلاد اليمن والملك يومئذ بها ذو الأذعار بن أبرهة بن ذى المنار بن الرايش. فلمّا أظلّه [٢] كيقابوس، خرج إليه ذو الأذعار في جموع حمير وولد قحطان، فظفر بكيقابوس، وأسره واستباح عسكره، وحبسه في بئر وأطبق عليها طبقا.
فخرج من سجستان رستم الشديد في من أطاعه من الناس. وأمّا الفرس فتحكى حكايات لا فائدة فيها عن شدّة رستم وبأسه، وأنّه وغل في البلاد بلاد اليمن، واستخرج كيقابوس من محبسه [٣] . وأما اليمن فتزعم أنّه لم يكن من ذلك شيء، وأنّ ذا الأذعار لمّا بلغه إقبال رستم، خرج إليه في جنود عظيمة، وخندق