رجل يقال له: «كابى» [١] من أثناء [٢] العامة، وكان الضحّاك قتل له ابنين. فلما بلغ الجزع من كابى هذا على ولديه ما بلغ، أخذ عصا، فعلّق بطرفها [٣] جرابا [٤] .- ويقال: إنّه كان حدّادا وإنّ الذي علّقه نطع [٥] كان يتوقّى به من النار- فجعله علما ودعا الناس إلى مجاهدة بيوراسب [٦]، فأجابه خلق كثير، لما كانوا فيه من البلاء وفنون الجور. فاستفحل [٧] أمره وقوى، وتفأل الفرس بذلك العلم، وعظّموا أمره، وزادوه ورصّعوه بعد ذلك بالجوهر، حتى جعله ملوك العجم علمهم الأكبر الذي يتبرّكون به، وسمّوه «درفش كابيان» . فكانوا لا يسيّرونه إلّا في الأمور العظام.
ولما استعلى كابى الإصبهانى، وأشرف على بيوراسب، هرب [١٣] عن منازله.
واجتمع أشراف الناس على كابى، وناظروه في الملك. فقال لهم كابى: إنّه لا يتعرّض للملك، لأنه ليس من أهله. وأمرهم أن يملّكوا بعض ولد جمّ. وكان أفريذون [٨] بن أثفيان [٩] مستخفيا من الضحّاك في بعض النواحي، فوافى هو ومن معه إلى كابى، فاستبشر الناس به، لأنّه كان مرشّحا للملك. فصار كابى أحد أعوان أفريذون حتى احتوى [١٠] على منازل بيوراسب [١١]، وحتى تبعه وأسره