81

Tijaarib Falsafi

تجارب فلسفية

Noocyada

ليس صحيحا ما قاله المؤلف (ص126-127) من أن أفلاطون قد ساوى بين الرجل والمرأة في القدرات العقلية؛ فآراؤه عن المرأة مهينة لإنسانيتها وكرامتها، وقد اختزل وجودها إلى «ولادة» وربة منزل، وحرمها من المشاركة في المسئوليات العامة، ورؤيته لها بوجه عام ليست إيجابية أبدا كما ذكر المؤلف، حتى ولو زعمنا بأنه اختار امرأة - وهي الكاهنة ديوتيما - لتعلم سقراط معنى الفلسفة في محاورة المأدبة.

لا علم لي كذلك بأن العلماء العرب بدءوا يتوافدون على شمال إيطاليا بدعوة من نبلاء هذه المنطقة؛ وبذلك عرفت كتابات أرسطو وترجمت عن اليونانية أو من العربية إلى اللاتينية (ص236)، فمبلغ علمي أن الاتصال قد تم عن طريق قرطبة وصقلية والحروب الصليبية، ثم بعد هجرة علماء بيزنطة إلى إيطاليا بعد فتح القسطنطينية سنة 1453م على يد محمد الفاتح. والمراجع المتاحة بلغات مختلفة عن انتقال التراث اليوناني عن طريق المسلمين إلى الغرب المسيحي، أو عن تأثير العرب والمسلمين على الحضارة الغربية لا تؤكد كلامه.

يذكر المؤلف المثل اللاتيني المشهور، وهو

Carpe Diem ، وهو «تمتع بيومك.» لا، «عش يومك فقط.» كما نقله المترجم الفاضل (ص299) في سياق حديثه عن الاستمتاع بالحاضر الذي كان سمة ملازمة للحياة في عصر الباروك. وليت المؤلف تذكر أيضا أن هذه الدعوة كانت موجودة عند قدماء المصريين، وأنها كانت ملازمة للدعوة إلى تذكر الموت، وبخاصة في الموائد والاحتفالات التي يقيمونها، كما كانت أيضا هي دعوة ساقية الحانة للبطل جلجاميش السومري في طريقه إلى أرض الحياة بحثا عن الخلود.

يذكر جون استيوارت مل على أنه معاصر لجون لوك (ص353)، وأعتقد أن الخطأ هو خطأ المترجم، ولا بد أن يكون المؤلف قد قصد في النص الأصلي أنهما مواطنان إنجليزيان؛ إذ توفي الأول سنة 1873م والثاني سنة 1704م .

يذكر (في ص359) أن أفكار ديكارت المشهورة واضحة ومحددة، والأصح أنها «واضحة ومميزة».

يقول المؤلف (ص430) عن كانط إنه كانت لديه معرفة واسعة بالتراث الفلسفي. صحيح أنه - كما يقول - قد عرف عقلانية ديكارت واسبينوزا، كما عرف تجريبية لوك وبركلي وهيوم، ولكن الصحيح أيضا أن معلوماته عن تاريخ الفلسفة بوجه عام كانت - بالقياس إلى المعلومات المتوافرة اليوم - شحيحة ومحدودة. وهذا وحده يشهد شهادة بليغة على أن اتساع العلم والخبرة بتاريخ الفلسفة أو العلم أو الفكر عموما ليس هو الذي يصنع الفيلسوف أو العالم أو المفكر الأصيل، وإن أمكن أن يصنع معلما جيدا أو خبيرا واسع الاطلاع. وربما كانت آفة عصرنا هي جناية المعلومات على أصالة الفكر وقدرته على الإبداع. وترد في الفصل الخاص بهيجل، وفي الشعار الموضوع للفصل نفسه (ص473)، عبارته المشهورة: «المعقول هو الواقع، والواقع هو المعقول.» على هذه الصورة التي لا أدري مدى صحتها أو صحة ترجمتها: أن المعقول هو ما يكتب له البقاء. ومبلغ علمي أن العبارة قد وردت في المدخل إلى الظاهريات، وأنها من العبارات التي يستشهد بها كثيرا عند الكلام عن هيجل. وربما لا يمنع هذا من ورودها بالصيغة التي ذكرتها الترجمة العربية في بعض كتاباته. ولن يفوتني أن أشيد بهذا الفصل الرائع الذي لا يقل في جماله وإشراقه عن بقية الفصول، على الرغم من وعورة هيجل والتجريد الشديد الذي يلف أسلوبه في كثير من الأحيان في متاهات ضبابية محيرة.

وأخيرا ذكر المؤلف (ص651) أن الرؤية الدورية للتاريخ - في مقابل الرؤية الخطية المسيحية ابتداء من القديس أوغسطين - موجودة في الشرق. وقد فات المؤلف أنها موجودة أيضا عند اليونان القدماء، كما نرى مثلا في فكر الدورات الكونية عند الفيثاغوريين، وفي تصور مسار التاريخ على غرار المسار الطبيعي.

وأخيرا أجدني مدفوعا بكل الحب والعرفان للإشادة بالترجمة العربية البديعة لهذا الأثر الفني المبدع، ولا أملك إلا أن أزجي التهنئة القلبية الصادقة للأستاذ «أحمد لطفي»، الذي تصدى لهذا العمل الرائع، وأن أشد على يديه وأنا أهمس: شكرا لك، وشكرا باسم جميع القراء، على الرغم من بعض الهنات النحوية التي تؤكد سوء التفاهم بينك وبين خبر «كان»، الذي تنسى في بعض الأحيان أنه منصوب لا مرفوع!

1

Bog aan la aqoon