والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد: المبعوث رحمة للعالمين، المنعوت بأوصاف الكمالات، من بين إخوته الأنبياء المرسلين؛ وعلى آله وأصحابه المهتدين، القامعين للمردة الضالين المضلين.
وبعد، فإني لما ظفرت بما ظفرت به من أجزاء منهاج الطالبين وبلاغ الراغبين، للشيخ ضياء الدين خميس بن سعيد العماني عفى الله عنا وعنه، وعن جميع المسلمين؛ على يد بعض الأفاضل، أكرمه الله آمين؛ فوجدته كتابا فائقا، جامعا لكثير من المهمات رائقا، ولغليل الصدور شافيا، ولمؤنة الملمات كافيا.
ولكنه لما فيه من التطويل والتكرار، قابل للتجريد والاختصار، صرفت عنان العناية نحو تحصيله، وشمرت عن ساق الجد في تلخيصه، واستنهضت الخيل والرجل إلى مقاصده، ووجهت ركاب النظر تلقاء مراصده، وسريت بها في ظلم الليالي، حتى ظفرت منه بتلك المطالب، وفزت بعون الله سبحانه بنيل هاتيك المآرب، فطفقت أقتنص الدر من بحور معانيه، وأستعطف المخدرات المحتجبة في قصور مبانيه؛ فكانت تشير إلي بالوصال في الحال، وبإدامته بفضل الله عز وعلا فيه وفي المآل؛ مع ما أنا أكابده من الأمراض وتراكم البلبال [3]، وأعانيه من تفاقم المحن وتكاثر الأشغال، ومع الكبر وجمود القريحة، وخمود الفطنة، بعد توقد الطبيعة.
وقد تعطلت من العلوم مواردها، وانسدت في وجوه الطالبين مصادرها، واندرست أطلالها ومعالمها، وانطمست آثارها ومراسمها؛ وكنت في ذلك متى وجدت فرصة انتهزتها، وإذا بهرني(4) ما أنا فيه استكنت دونها؛ حتى جاء بحمد الله ما طلبته يروق الناظرين، ويعجب الطالبين والمحصلين، مسميا له ب التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم، مضيفا إليه من غيره بعض الفوائد، موشحا له بغرر الفرائد، طالبا من الله أن يصونه من تصحيف المصحفين، ومسخ الضعفاء الماسخين، كما وقع لغالب مصنفات المذهب لقلة تعاطيها بالتدريس والمطلب.
Bogga 11