231

Tahsin

التحصين لأسرار ما زاد من كتاب اليقين‏

فقالوا ما لك لا تأكل معنا؟

قال نزل بي أمر يعوقني عن الأكل والشرب.

قالوا يا تمليخا قد علمت أنه لا يطيب لنا العيش ولا الطعام ولا الشراب إلا معك.

قال إخواني كلوا فإنه أمر لا أقدر أن آكل شيئا معه.

قالوا يا تمليخا أخبرنا بعلتك فإن كنت مغتما من أجل الملك وما نزل به فإنا شركاؤك في ذلك وإن كان لعلة مرض فإنا علماء بالطب وإن كان أمرا دون ذلك فلا ينبغي لك أن تغتم ولا أن تغمنا فأخبرنا بأمرك فرب أمر هو شديد على صاحبه عسر عليه وعند غيره كشف له وفرج منه.

فقال إخواني إن الذي منعني من الطعام فكرة فكرت ليلتي هذه فيها.

فقالوا أخبرنا.

فقال إخواني فكرت في إلهنا دقيوس فقلت لو كان دقيوس إلها كما زعم ما كان له أن يغتم ولا أن يفرح ولا أن يمسه هم فأنا أراه كأحدنا يأكل ويشرب ويتغوط ويقوم ويقعد ويركب ويحتاج إلى الأهل وينام فكيف يكون دقيوس إلها؟!

وفكرت في نفسي فقلت من أخرجني جنينا ومن خلقني في بطن أمي من ماء أبيض سويا ومن رباني ومن غذاني إذ كنت طفلا رضيعا ثم فطيما ثم أمرد ثم إلى الشباب ثم أصير كهلا وشيخا ثم الموت لا بد منه؟

ثم فكرت في نفسي من سوى فوقنا سقفا مرفوعا بلا عمد هواه ولا علاقة ولا متكإ ومن زينها بالكواكب الطالعات ومن أجرى الشمس والقمر ومن يأتي بالليل المظلم والنهار المبصر ومن يأتي بالسحاب فيسقي البلاد والعباد منه ومن ينبت الحب في الثرى هو الذي خلقنا وخلقه.

وقلت ما دقيوس إلا بشر مثلنا وخلق من خلقه وعبد من عبيده ملكه إله السماوات وأعطاه النعمة السابغة والعمر الطويل والجند الكثير والمال المزيد فكفر به وعصاه وطغى وادعى الربوبية ودعا الناس إلى نفسه

Bogga 647