266

Xorriyadda Xarashka

تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القرآن

Baare

الدكتور حفني محمد شرف

Daabacaha

الجمهورية العربية المتحدة-المجلس الأعلى للشئون الإسلامية

Goobta Daabacaadda

لجنة إحياء التراث الإسلامي

ومن التوهيم قسم آخر، وهو أن يأتي المتكلم بلفظة يوهم بها أن في كلامه لحنًا، فإذا انتقد من جهة المعنى وجد فيه جناس من البلاغة يصححه ويمشيه على طريق الإعراب، كقول الرسول ﵇: " وما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله تعالى من هذه الأيام العشر " فإن لفظة العشر توهم أنها جاءت على غير الصواب، إذ كانت مؤنثة، والمعدود بها مذكر.
والانفصال عن هذا الإشكال أنه لما كان العمل في العشر لا يخص الأيام دون الليالي، والمراد التحضيض على العمل فيها، اقتضت البلاغة الإتيان بما يدل عليهما فصرح بلفظ الأيام ليدل بها على ظرف الصيام، وأبدل منها لفظًا مؤنثًا ليدل به على ظرف القيام، ولما كان لفظ الأيام مؤنثًا ساغ أن يبدل منه المؤنث لكون الصناعة لفظية، ولهذا الموضع من البدل نظائر في القرآن: منها قوله تعالى: " أيامًا معدودات " وقوله تعالى " وتلك الأيام نداولها بين الناس " وقد تخالف طريق الإعراب لأجل صحة المعنى المراد، وفي ذلك قوله تعالى: " وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون " والقياس أن يكون ينصرون مجزومة لأنها معطوفة على مجزوم، ولكن لما كان المراد الإخبار بأنهم لا ينصرون أبدًا ألغى العطف، وأبقى صيغة الفعل على حالها، لتدل على الحل والاستقبال، ولو جزم لما دل إلا على الحال.

1 / 350