تحرير المنقول وتهذيب علم الأصول
تأليف
الإمام علاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان المرداوي (المتوفى سنة ٨٨٥ هـ)
تقريظ
صاحب الفضيلة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل
عضو هيئة كبار العلماء - رئيس الهيئة الدائمة بمجلس القضاء الأعلى بالمملكة العربية السعودية سابقا
تحقيق
عبد الله هاشم
باحث بمجمع الفقه الإسلامي الدولي معلمة القواعد الفقية
د. هشام العربي
دكتوراة في الشريعة الإسلامية
إصدارات
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
إدارة الشؤون الإسلامية - دولة قطر
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تَحْرِيْرُ المنقُوْلِ وَتَهْذِيْبُ عِلْمِ الأُصُولِ
جميع الحقوق محفوظة الطبعة الأولى ١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م رقم الإيداع بدار الكتب المصرية ٢٢٠٧/ ٢٠٠٨
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تَحْرِيْرُ المنقُوْلِ وَتَهْذِيْبُ عِلْمِ الأُصُولِ
جميع الحقوق محفوظة الطبعة الأولى ١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م رقم الإيداع بدار الكتب المصرية ٢٢٠٧/ ٢٠٠٨
Bog aan la aqoon
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة لكتاب (تحرير المنقول وتهذيب علم الأصول)
الحمد للَّه وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر -وقد وفقها اللَّه لأن تضرب بسهم في نشر الكتب النافعة للأمة- لَتحمد اللَّه ﷾ على أن ما أصدرته قد نال الرضا والقبول من أهل العلم.
والمتابع لحركة النشر العلمي لا يخفى عليه جهود دولة قطر في خدمة العلوم الشرعية، ورفد المكتبة الإسلامية بنفائس الكتب القديمة والمعاصرة، وذلك منذ تسعة عقود، عندما وجه الشيخ عبد اللَّه بن قاسم آل ثاني حاكم قطر آنذاك بطباعة كتابي (الفروع) و(تصحيح الفروع)، سنة ١٣٤٥ هـ، وكان المؤسس الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني رحمه اللَّه تعالى قد سن تلك السنة من قبل.
وقد جاء مشروع إحياء التراث الإسلامي والنشر العلمي؛ الذي بدأته الوزارة في السنوات الأخيرة امتدادًا لتلك الجهود، وسيرًا على تلك المحجة التي عُرفت بها دولة قطر.
ومنذ انطلاقة هذا المشروع المبارك يسَّر اللَّه جلَّ وعلا للوزارة إخراج مجموعة من أمهات كتب العلم والدراسات المعاصرة المتميزة في فنون مختلفة، تُطبع لأول مرة، نذكر منها:
1 / 1
* في التفسير وعلوم القرآن:
أصدرت الوزارة عدة كتب، منها: (فتح الرحمن في تفسير القرآن) للعُليمي، و(المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز) لابن عطية في طبعته الثانية.
وفي علم رسم المصحف أصدرت الوزارة: كتاب (مرسوم المصحف) للعُقيلي، و(الدرة الصقيلة في شرح أبيات العقيلة) لأبي بكر اللبيب.
وفي علم القراءات أصدرت الوزارة كتاب: (البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة) لأبي حفص النشار، و(معانى الأحرف السبعة) لأبي الفضل الرازي.
* وفي السنة النبوية وشروحها:
أصدرت الوزارة عدة كتب، منها: (التقاسيم والأنواع) لابن حبان، و(مطالع الأنوار) لابن قرقول، (التوضيح شرح الجامع الصحيح) لابن الملقن، و(حاشية مسند الإمام أحمد) للسندي، وشرحين لموطأ الإمام مالك؛ لكُلٍّ من (القنازعي)، و(البوني)، و(المخلصيات) لأبي طاهر المخلص، و(شرح مسند الإمام الشافعي) للرافعي، و(نخب الأفكار شرح معاني الآثار) للعيني، و(مصابيح الجامع) للدَّمَاميني.
ومما تشرفت الوزارة بإصداره في تحقيق جديد متقن: (صحيح ابن خزيمة)، و(السنن الكبرى) للإمام النسائي، والمحقَّق على عدة نسخ خطية، و(جامع الأصول في أحاديث الرسول)، و(النهاية في غريب الحديث) لابن الأثير.
* وفي الفقه وما يتصل به:
أصدرت الوزارة عدة كتب في المذاهب الأربعة، منها: كتاب: (الأصل) لمحمد بن الحسن الشيباني (ت ١٨٩ هـ) كاملًا محققًا على
1 / 2
أصول عدة، و(التبصرة) للخمي، و(نهاية المطلب في دراية المذهب) للإمام الجويني بتحقيقه المتقن للأستاذ الدكتور عبد العظيم الديب رحمه اللَّه تعالى عضو لجنة إحياء التراث الإسلامي، و(حاشية الخلوتي).
كما أصدرت الوزارة: (الأوسط من السنن والإجماع والاختلاف) للإمام ابن المنذر بمراجعة دقيقة للشيخ الدكتور عبد اللَّه الفقيه عضو لجنة إحياء التراث الإسلامي، و(بغية المتتبع لحل ألفاظ روض المربع) للعوفي الصالحي، و(منحة السلوك في شرح تحفة الملوك) للعيني.
* وفي السيرة النبوية:
أصدرت الوزارة الموسوعة الإسنادية: (جامع الآثار في السير ومولد المختار) لابن ناصر الدين الدمشقي، وغيرها.
* وفي العقيدة والتوحيد:
أصدرت الوزارة كتابًا نفيسًا لطيفًا هو: (الاعتقاد الخالص من الشك والانتقاد) لابن العطار تلميذ الإمام النووي رحمهما اللَّه تعالى، كما أعادت نشر كتاب (الرد على الجهمية) للإمام أحمد رحمه اللَّه تعالى، وغيرها من كتب عقيدة أهل السنة والجماعة.
* وفي مجال الدراسات المعاصرة المتميزة:
أصدرت: (القيمة الاقتصادية للزمن)، و(نوازل الإنجاب)، و(مجموعة القره داغي الاقتصادية)، و(التعامل مع غير المسلمين في العهد النبوي)، و(صكوك الإجارة)، و(الأحكام الفقهية المتعلقة بالتدخين)، و(التورق المصرفي)، و(حاجة العلوم الإسلامية إلى اللغة العربية)، و(روايات الجامع الصحيح ونسخه دراسة نظرية تطبيقية)، وغيرها.
كما قامت الوزارة بشراء وتوزيع بعض الكتب المطبوعة لما لها من أهمية، منها: (مسند الإمام أحمد)، و(صحيح الإمام مسلم)، و(الجامع
1 / 3
لأحكام القرآن) للقرطبي، و(الجامع لشعب الإيمان) للبيهقي، و(تاريخ الخلفاء) للسيوطي، و(التاريخ الأندلسي) لعبد الرحمن علي الحجي، و(الإقناع في مسائل الإجماع) لابن القطان الفاسي، و(شرح العقيدة الطحاوية) لابن أبي العز الحنفي، و(قواعد الأحكام في إصلاح الأنام) للعز ابن عبد السلام، و(ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين) لأبي الحسن الندوي، و(الرسالة المحمدية) لسليمان الندوي وغيرها.
ويسرنا اليوم أن نقدم لإصدار جديد، هو كتاب (تحرير المنقول وتهذيب علم الأصول) للقاضي علاء الدين علي بن سليمان المرداوي (المتوفى سنة ٨٨٥ هـ) رحمه اللَّه تعالى، شيخ المذهب الحنبلي في عصره، والمجتهد في تصحيحه وتنقيحه.
وهذا الكتاب جليل القدر، عظيم المنزلة، حيث إنه شمل أهم مسائل الأصول في المذهب الحنبلي خصوصًا، والمذاهب الأربعة عمومًا، وذلك بأسلوب واضح ومختصر، مع النقل عن الكثير من مؤلفات الحنابلة وغيرهم، كما امتازت طبعة الكتاب الجديدة بكونها كتبت من نسخة كاملة مكتوبة من أصل المؤلف، وقابلها كاتبها على المؤلف نفسه مرارًا، وخطها واضح، وحالتها جيدة.
وتتشرف الوزارةُ بإخراج هذه الطبعة المتميزة، خدمة للمشتغلين بأصول الفقه خاصة، وطلبة العلم عامة.
والحمد للَّه على توفيقه، ونسأله المزيد من فضله.
وصلى اللَّه وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إدارة الشؤون الإسلامية
1 / 4
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
عبد اللَّه بن عبد العزيز بن عقيل العقيل. . . التاريخ ٣٠/ ١٠/ ١٤٣٠
الحمد للَّه رب العالمين، وأصلي واسلم على عبده ورسوله محمد، وآله وصحبه.
وبعد: فقد عرض علي الأستاذان عبد اللَّه هاشم عبد اللَّه، وهشام يسري العربي مشروع إعادة طبع كتاب: (تحرير المنقول وتهذيب علم الأصول) للإمام الفقيه الأصولي المحدث منقح المذهب الشيخ علي بن سليمان المرداوي، فرحبت بهذه الفكرة وشكرتهما علي هذه الهمة المباركة؛ لأن هذا الكتاب لم يعط حظه من النشر ولأن طبعته الأولى لا تخلو من ملاحظات ولأنه كما وصفه مؤلفه: جامع لمعظم أحكامه، حاو لقواعده وضوابطه وأقسامه، مشتمل على مذاهب الأئمة الأربعة وآرائهم وغيرهم، اجتهد مؤلفه في تحرير نقوله وتهذيب أصوله.
وحسبك بمؤلفه العلامة الأصولي الذي خدم المذهب خدمة لم يقم به أحد غيره وذلك في كتابه الإنصاف الذي أصبح موسوعة فقهية للعلماء والطلاب.
وأما كتاب التحرير فقد جمع معظم بحوث هذا الفن بعبارات رشيقة وإشارات لطيفة، أضاف إلى وجازة اللفظ غزارة المعنى،
وقد قام الشيخان بتحقيق المتن خير قيام، ووضعا له مقدمة مهمة بالتعريف بالكتاب وبمؤلفه ومنهج التحقيق، مع وضع فهارس تخدمه وتسهل على القارئ الوصول إلى بغيته بأيسر طريق، فشكرت لهما هذه الهمة العالية، ودعوت اللَّه أن ينفع بجهودهما.
وإني أوصي إخواني وأبنائي بالاعتناء بهذا الكتاب والاستفادة منه، إذ هو كما تقدم من أهم المصنفات في علم أصول فقه الحنابلة، وباللَّه التوفيق.
وكتبه الفقير إلى اللَّه: عبد اللَّه بن عبد العزيز بن عقيل رئيس الهيئة الدائمة بمجلس القضاء الأعلى سابقا، حامدا للَّه، مصليا مسلما على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين.
1 / 5
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد للَّه، والصلاة والسلام على رسول اللَّه، وآله، ومَن والاه
وبعد: فهذه هي الطبعة الثانية من كتاب "تحرير المنقول وتهذيب علم الأصول" للإمام علاء الدين المَرْدَاوي؛ نقدِّمها للقارئ الكريم مشتملة على مزيد عناية بعد أن نفدت الطبعة الأولى.
وكتاب "تحرير المنقول" يُعَدُّ من المتون التي تَعكِس جهود علماء الحنابلة في التأليف الأصولي؛ وذلك لما يتميز به من جودة في السبك؛ تُقرِّبه من التقعيد، وسهولة في العرض؛ تُبعده عن التعقيد.
فهو مرْجِع أصليٌّ مفيدٌ لمن رام إعادة عرض مسائل الأصول على هيئة قواعد متماسكة البنية، قليلة الألفاظ، غزيرة المعاني.
ومفيدٌ في قاعة الدرس لمن رام الإمساك بالقواعد الأصولية والإحاطة بها حفظًا وفهما.
وقد اهتم المَرْدَاوي ﵀ في هذا الكتاب ببيان أقوال الأئمة الأربعة وأتباعهم، في المسائل الأصولية، وعُنِيَ عناية خاصة بإبراز مذهب الإمام أحمد وأقوال أصحابه. مع تحرير ذلك كُلِّه، وعزو الأقوال والآراء إلى قائليها.
ومع ذلك فلم يَنَلْ الكتاب حَظَّه من النشر، ولم يتبوَّأ مكانه في المكتبة الأصولية، فلا زال حبيسَ دورِ المخطوطاتِ حتى وفَّقَنا اللَّه تعالى للعناية به وطباعته.
والمَرْدَاوي -كما سيرى القارئ الكريم- واحد من أعلام المذهب الحنبلي الذين يُمَثِّلون علامات مميزة في تاريخ المذهب، وقد حباه اللَّه سبحانه بدِينٍ متينٍ، وذكاءٍ
1 / 7
وافرٍ، واطلاعٍ واسعٍ، ودَأْبٍ (١) في تحصيل العلم والاشتغال به، وقد انعكس ذلك على مؤلَّفاته كلِّها، وسيجد المطالع لهذا الكتاب نموذجًا واضحًا لتلك الصفات في قراءته لهذا الكتاب.
وقد قدمنا للكتاب بمقدمة نرى أنه لابد منها، كما أتبعناه بمجموعة من الفهارس التي تخدمه وتسهِّل على قارئه ومطالعه الحصول على بغيته في أقصر وقت ممكن، ودون معاناة.
وكان كلُّ اهتمامنا وانشغالنا منصبًا على ضبط نص الكتاب، ومحاولة إخراجه أقرب ما يكون لما أراد له مؤلفه ﵀، مستعينين باللَّه تعالى، ومتبعين في ذلك القواعد المرعية في تحقيق التراث، ولم نُرِد إثقالَ الكتاب وتضخيمَه بالحواشي والتعليقات الكثيرة؛ لأننا نؤمن أن الغرض الأساسي من تحقيق التراث هو إخراجه على النحو الذي أراده له مؤلفوه، وليس تذييله بالحواشي والتعليقات التي لا نهاية لها. وقد اشتملت هذه المقدمة على النقاط التالية:
أولا: التعريف بالكتاب
وذلك من خلال ما يلي:
• تحقيق عنوان الكتاب ونسبته إلى مؤلفه.
• أهمية الكتاب ومدى اهتمام العلماء به.
• عرض عام للكتاب.
• سبب تأليف الكتاب.
_________
(١) الدَأْب: بسكون الدال، أو فتحها: الشأن، والعادة، والملازمة.
انظر: تاج العروس للزبيدي (مادة: دأب).
1 / 8
• منهج المؤلف في الكتاب.
• مصادر الكتاب.
ثانيًا: التعريف بالمؤلف
وذلك ببيان:
• نسبه ولقبه وكنيته.
• مولده ونشأته.
• طلبه للعلم ورحلاته.
• شيوخه وتلاميذه.
• مؤلفاته وآثاره العلمية.
• مكانته العلمية وثناء العلماء عليه.
• وفاته ودفنه.
ثالثًا: منهج التحقيق
ويشمل:
• مخطوطات الكتاب.
• المنهج المتبع في التحقيق.
• صور من الأصل المخطوط.
وهذا أوان الشروع في المقصود:
1 / 9
أولا: التعريف بالكتاب
تحقيق عنوان الكتاب ونسبته إلى مؤلفه:
اتفق المؤرخون للقرن التاسع الهجري ممن ترجم للإمام علاء الدين المرداوي على نسبة كتاب "تحرير المنقول" له، وأنه هو الذي ألفه وحرره، فلا يوجد شك في نسبته إليه، كما اتفقوا أيضًا على أن كتاب "التحرير" هذا كتاب في أصول الفقه.
كذلك من يطالع مخطوطة الكتاب المحفوظة بدار الكتب المصرية (١) -حرسها اللَّه- يجد أن نسبته إلى مؤلفه واضحة على طُرَّة الكتاب؛ فقد كتب عليه: "تحرير المنقول وتهذيب علم الأصول، تأليف شيخنا الإمام العلامة البحر الحبر الفهامة ذي الدين الشامخ والعلم الراسخ علاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان بن أحمد بن محمد المرداوي الحنبلي المقدسي متع اللَّه تعالى المسلمين ببقائه، وختم له بخير العزية".
كما ذكره أيضًا الذين عُنوا بذكر كتب السادة الحنابلة في أصول الفقه (٢)؛ فهي نسبة صحيحة تواتر جميع المؤرخين عليها.
ولكن عنوان الكتاب قد اختلفت فيه الأقوال اختلافًا يسيرًا؛ فبعضهم ذكره بعنوان: (تحرير المنقول في تهذيب -أو تمهيد- علم الأصول) (٣)، وبعضهم سماه:
_________
(١) وسيأتي ذكر بياناتها مفصلة عند الحديث عن مخطوطات الكتاب.
(٢) راجع مثلا: المدخل لابن بدران ص (٤٦١)، ط. مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الثالثة سنة ١٤٠٥ هـ/ ١٩٨٥ م بتحقيق الدكتور/ عبد اللَّه التركي، المدخل المفصل للدكتور/ بكر أبي زيد (٢/ ١٠٥٣)، ط. دار العاصمة - الرياض، الطبعة الأولى سنة ١٤١٧ هـ / ١٩٩٧ م.
(٣) انظر: الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع للسخاوي (٥/ ٢٢٦)، ط. منشورات دار مكتبة الحياة - بيروت، معجم الكتب لابن المبرد ص (١٠٨)، ط. مكتبة ابن سينا بالقاهرة بتحقيق يسري عبد الغني البشري، السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة لابن حميد ص (٢٩٧)، ط. مكتبة الإمام أحمد، الطبعة الأولى سنة ١٤٠٩ هـ / ١٩٨٩ م. وكذا ذكره صاحب "مفاتيح الفقه الحنبلي" (٢/ ١٧٤ - ١٧٥)، الطبعة الثانية ١٤٠٢ هـ / ١٩٨٢ م.
1 / 10
(تحرير المنقول في تهذيب -أو تمهيد- الأصول) (١)، وبعضهم قال: (تحرير المنقول في تهذيب علم الأصول) (٢)، وبعضهم: (تحرير المنقول وتهذيب علم الأصول) (٣)، أو: (تحرير المنقول وتهذيب الأصول) (٤)، أو: (تحرير المنقول في تمهيد علم الأصول) (٥)، أو: (تحرير المنقول وتمهيد علم الأصول) (٦)، أو: (تحرير المنقول في علم الأصول) (٧)، واكتفى البعض بتسميته: (تحرير المنقول) (٨)، أو: (التحرير في أصول الفقه) (٩). . . . . . . .
_________
(١) انظر: المذهب الحنبلي للدكتور/ عبد اللَّه بن عبدالحسن التركي (٢/ ٤٥٩)، ط. مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الأولى ١٤٢٣ هـ / ٢٠٠٢ م.
(٢) انظر: معجم الكتب ص (١٠٨).
(٣) انظر: شرح الكوكب المنير لابن النجار الفتوحي (١/ ٢٨)، ط. مكتبة العبيكان بالرياض، الطبعة الثانية سنة ١٤١٨ هـ/ ١٩٩٧ م، بتحقيق الدكتور/ محمد الزحيلي، والدكتور/ نزيه حماد، المدخل لابن بدران ص (٤٦١)، تاريخ الأدب العربي، لكارل بروكلمان: القسم السادس ص (٤٣٣)، ترجمة د/ محمود فهمي حجازي، د/ حسن محمود إسماعيل، ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب بالقاهرة سنة ١٩٩٥ م، وكذا ذكره صاحب "المدخل المفصل" (٢/ ١٠٥٣). وهو العنوان الموجود على طرة مخطوطة دار الكتب المصرية لوحة (١/ ب).
(٤) انظر: كشف الظنون لحاجي خليفة (١/ ٣٥٧)، ط. دار الكتب العلمية - بيروت، سنة ١٤١٣ هـ/ ١٩٩٢ م، هدية العارفين بأسماء المؤلفين وآثار المصنفين لإسماعيل باشا البغدادي (١/ ٧٣٦)، مطبوع مع كشف الظنون بدار الفكر - بيروت ١٤٠٢ هـ / ١٩٨٢ م.
(٥) انظر: معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة (٧/ ١٠٢)، ط. مكتبة المثنى - بيروت/ دار إحياء التراث العربي - بيروت، بدون تاريخ.
(٦) انظر: تاريخ الأدب العربي، لكارل بروكلمان: القسم السادس ص (٤٣٣).
(٧) انظر: طُرَّة مخطوطة مكتبة مكة المكرمة التابعة لوزارة الشئون الإسلامية والأوقاف بالسعودية، تحت رقم (١٣) أصول الفقه.
(٨) انظر: الأعلام للزركلي (٤/ ٢٩٢)، ط. دار العلم للملايين - بيروت، الطبعة السابعة ١٩٨٦ م.
(٩) انظر: المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد للعليمي (٥/ ٢٩١)، بتحقيق عبد القادر الأرناؤوط، حسن إسماعيل مروة، ط. دار صادر - بيروت، الطبعة الأولى ١٩٩٧ م، شذرات =
1 / 11
وربما: (التحرير في الأصول) (١).
وهذا الاختلاف غير مؤثر؛ فهم متفقون على أصل العنوان، وهو (تحرير المنقول)، أما اختلافهم فيما عداه فلا يضر، ويبدو لنا أنه من باب حكاية عنوان الكتاب بالمعنى، طالما أنهم متفقون على أصل عنوانه.
وقد أرجع محققو كتاب "التحبير في شرح التحرير" للمرداوي -وهو شرح من المؤلف لكتابه هذا- الاختلاف في عنوان الكتاب إلى أن مؤلفه وإن كان قد فرغ من تأليف كتابه هذا في الرابع عشر من شهر شوال سنة (٨٧٧ هـ) (٢)، إلا أنه ظل يراجعه ويحرره حتى قبيل وفاته، ويدل على ذلك أن الكتاب قوبل عليه في الحادي عشر من شهر رجب سنة (٨٨٤ هـ) (٣). قالوا: "وقد تسبَّب هذا الأمر في اختلاف المترجمين للمرداوي في تسمية هذا المتن المشهور، تبعًا لاختلاف ما اطلعوا عليه من نُسَخِه". (٤)
ولكن هذا لو صدق على بعض التسميات؛ فلا يصدق عليها كلها؛ فمثلا إطلاق: (تحرير المنقول)، و(التحرير في أصول الفقه)، و(التحرير في الأصول) على
_________
= المذهب لابن العماد (٤/ ٣٤١)، ط. دار الكتب العلمية - بيروت، بدون تاريخ، مختصر طبقات الحنابلة للشطي ص (٧٧)، ط. دار الكتاب العربي بيروت، بعناية فواز الزمرلي، الطبعة الأولى ١٤٠٦ هـ / ١٩٨٦ م.
(١) انظر: الجوهر المنضد لابن عبد الهادي ص (١٠٠)، ط. مكتبة الخانجي بالقاهرة، بتحقيق د/ عبد الرحمن بن سليمان العثيمين، الطبعة الأولى سنة ١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م.
(٢) راجع: المنهج الأحمد للعليمي (٥/ ٢٩١).
(٣) انظر: مخطوطة دار الكتب المصرية: الورقة (٧٧/ أ).
(٤) راجع: مقدمة التحقيق لكتاب التحبير شرح التحرير للمرداوي (١/ ٩١)، ط. مكتبة الرشد بالرياض، بتحقيق الدكاترة/ عبد الرحمن بن عبد اللَّه الجبرين، عوض بن محمد القرني، أحمد بن محمد السراح، الطبعة الأولى ١٤٢١ هـ/ ٢٠٠٠ م.
1 / 12
الكتاب لا يمكن اعتباره مبنيًا على اختلاف النسخ، وإنما واضح أنه من باب الاختصار وحكاية عنوان الكتاب بالمعنى لشهرته.
وأيًّا ما كان سبب هذا الاختلاف اليسير في عنوان الكتاب؛ فإننا نرجح تسميته بـ (تحرير المنقول وتهذيب علم الأصول) حيث إن هذا الاسم هو الموجود على نسخة دار الكتب المصرية التي هي أصح نسخة للكتاب -كما سيأتي، كما أنها نُسخت سنة (٨٨٦ هـ) أي بعد وفاة المؤلف بحوالي العام.
وقد جاء في آخرها: "وكتبت هذه النسخة من نسخة كُتبت من أصل المصنف -تغمده اللَّه تعالى برحمته- وقابلها كاتبها على المصنف مرارًا، آخرها في حادي عشر شهر رجب الفرد سنة أربع وثمانين وثمانمائة، وهي المعتمدة، وللَّه الحمد والشكر على كل حال، والحمد للَّه وحده" اهـ (١).
ولعل هذه التسمية أيضًا متفقة مع ما قالدالمرداوي نفسه عن كتابه؛ حيث قال في مقدمته: "أما بعد فهذا مختصرٌ في أصول الفقه، جامعٌ لمعظم أحكامه، حاوٍ لقواعده وضوابطه وأقسامه، مشتملٌ على مذاهب الأئمة الأربعة الأعلام وأتباعهم وغيرهم، ولكن على سبيل الإعلام، اجتهدتُ في تحرير نُقوله وتهذيب أصوله" (٢).
وقد فرغ المرداوي من تأليف هذا الكتاب -كما سبقت الإشارة - في الرابع عشر من شهر شوال سنة سبع وسبعين وثمانمائة (٨٧٧ هـ) (٣)، إلا أنه ظل يراجعه ويحرره ويهذبه -كما هي عادته كما سيتضح من ترجمته- حتى قبل وفاته بقليل (شهر رجب سنة أربع وثمانين وثمانمائة ٨٨٤ هـ)، وكانت وفاته في شهر جمادى الأولى سنة خمس وثمانين وثمانمائة (٨٨٥ هـ).
_________
(١) مخطوطة دار الكتب المصرية: الورقة (٧٧/ أ).
(٢) مخطوطة دار الكتب المصرية: الورقة (٢/ أ).
(٣) راجع: المنهج الأحمد (٥/ ٢٩١).
1 / 13
أهمية الكتاب ومدى اهتمام العلماء به:
يعتبر كتاب "تحرير المنقول" للمرداوي من أهم الكتب التي ألفت في أصول الفقه، لاسيما في المذهب الحنبلي، وذلك لأن مؤلفه (المرداوي) من أعلام الحنابلة المطلعين على أصول المذهب وفروعه، بل هو محقق المذهب ومنقحه، وشيخ الحنابلة في وقته، ولازال الحنابلة من وقته حتى الآن يرجعون إلى كتبه ويستقون منها.
وأيضًا فإنه ممن لهم نصيب وافر من الذكاء وسعة الاطلاع والقدرة على التحرير والتدقيق، وهذا واضح في كل مؤلفاته، وليس كتاب "التحرير" فحسب.
كذلك فإن كتابه هذا قد جمع أقوال الأئمة الأربعة وأتباعهم وغيرهم من الأصوليين، وعني عناية خاصة بإبراز مذهب الإمام أحمد وأقوال أصحابه، مع تحرير كل ذلك، فهو -على اختصاره وصغر حجمه- قد حوى علم أصول الفقه وآراء العلماء فيه على اختلاف مشاربهم ونزعاتهم (١).
كذلك من الدلائل على أهمية هذا الكتاب ما نجده من اهتمام العلماء به، وتناولهم له شرحًا واختصارًا:
• فقد شرحه مؤلفه في مجلدين أجاد فيهما وأفاد، كما يقول ابن بدران (٢)، وسمى هذا الشرح "التحبير في شرح التحرير".
وقد حُقِّق في ثلاث رسائل جامعية، تقدَّم بها السادة الأساتذة: عبد الرحمن بن عبد اللَّه الجبرين، وعوض بن محمد القرني، وأحمد بن محمد السراح، لنيل درجة الدكتوراه من قسم أصول الفقه بكلية الشريعة بالرياض، بإشراف الأستاذ الدكتور/ أحمد بن علي سير المباركي، وقد نوقشت هذه الرسائل عام ١٤١٦ - ١٤١٧ هـ،
_________
(١) راجع: مقدمة المرداوي للكتاب.
(٢) المدخل لابن بدران ص (٤٦٢).
1 / 14
وطبع في تسعة مجلدات بالفهارس، في مكتبة الرشد بالرياض، الطبعة الأولى سنة ١٤٢١ هـ /٢٠٠٠ م.
• كما شرحه الشيخ أبو الفضل أحمد بن علي بن زهرة الحنبلي (من علماء القرن التاسع)، وهو شرح ملخص من شرح المؤلف، وعنوانه: "شرح التحرير ملخص كتاب التحبير". وتوجد منه نسخة في مكتبة الحرم المكي برقم (١٤٧)، ومنها صورة في جامعة أم القرى برقم (٣) (١).
• وأيضًا فقد اختصره العلامة الفقيه الأصولي محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي، الشهير بابن النجار، صاحب "منتهى الإرادات"، وعرف مختصره هذا بـ "مختصر التحرير"، ويسمى أيضًا "الكوكب المنير باختصار التحرير"، ثم شرح مختصره في كتاب "شرح الكوكب المنير"، ويسمى "المختبر المبتكر شرح المختصر" (٢).
وقد ذكر الفتوحي في شرح مختصره أنه اختار كتاب التحرير للمرداوي لاختصاره دون بقية كتب هذا الفن؛ لأنه جامع لأكثر أحكامه، حاوٍ لقواعده وضوابطه وأقسامه (٣).
كما شرح هذا المختصر أيضًا الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد اللَّه البعلي الحلبي (المتوفى سنة ١١٨٩ هـ) بشرح سماه "الذخر الحرير في شرح مختصر التحرير" (٤).
_________
(١) انظر: المدخل المفصل (٢/ ٩٥٣)، المذهب الحنبلي (٢/ ٤٦١).
(٢) انظر: المدخل لابن بدران ص (٤٦١)، المدخل المفصل (٢/ ٩٥٣ - ٩٥٤)، المذهب الحنبلي (٢/ ٤٩٧ - ٤٩٩).
(٣) انظر: شرح الكوكب المنير (١/ ٢٩).
(٤) انظر: المدخل لابن بدران ص (٤٦١)، المدخل المفصل (٢/ ٩٥٤)، المذهب الحنبلي (٢/ ٥٤٣ - ٥٤٤).
1 / 15
وذكر الدكتور/ بكر أبو زيد أن له شرحًا آخر بالعنوان نفسه "الذخر الحرير في شرح مختصر التحرير" لمحمد بن عبد الرحمن بن عفالق الأحسائي (المتوفى سنة ١١٦٣ هـ) (١)، فهو سابق على شرح الشهاب البعلي.
كما أن هناك حاشيةً على شرح الكوكب المنير لابن النجار، وهي المسماة بـ "مشكاة التنوير"، لعبد الرحمن بن محمد الدوسري (المتوفى سنة ١٣٩٩ هـ). (٢)
ونستطيع أن نجمل القول في أهمية هذا الكتاب في أنه من أهم متون أصول الفقه التي أُلفت في المذهب الحنبلي واعتمد عليها المتأخرون من علماء الأصول.
* * *
_________
(١) المدخل المفصل (٢/ ٩٥٤).
(٢) انظر: المدخل المفصل (٢/ ٩٥٤).
1 / 16
عرض عام للكتاب:
الكتاب الذي بين أيدينا -كما سبقت الإشارة- هو كتاب في أصول الفقه، وبخاصة على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ﵁؛ حيث إن مؤلفه حنبلي -بل شيخ الحنابلة في عصره- وقد عُني بإبراز مذهب الإمام أحمد في كل ما عرض له في كتابه، كما صرَّح في مقدمته.
والكتاب متن جامع محرر، حوى معظم مسائل الأصول.
وقد بدأ المرداوي كتابه بمقدمة، تحدَّث فيها عن موضوع علم أصول الفقه، فعرَّف (أصول الفقه) باعتباره مركبًا إضافيًّا، وباعتباره عَلَمًا على هذا العلم المعروف، وذكر الغاية منه، وحكم معرفته، والعلوم التي يستمد منها.
ثم عقد فصلا لبيان معنى الدليل، وتكلم عن العلم وحدِّه، والعقل وتعريفه، والحدِّ ومعناه.
وعرض للغة وسببها، وتقسيمها إلى مفرد ومركب، وما يراد بالكلمة، وبيَّن المقصود بالدلالة، وتعرَّض للمشترك، والمترادف، والحقيقة والمجاز، وآراء العلماء في وقوع المجاز، وعرَّف الكناية والتعريض في غضون ذلك.
وبيَّن معنى الاشتقاق وشرطه، وتعرَّض لمسألة ثبوت اللغة بالقياس.
وعقد فصلا عن الحروف، وآخر عن مبدأ اللغات، وختمه ببيان طريق معرفة اللغة.
ثم عقد فصلا عن الأحكام، فتحدث عن الحسن والقبح، وعن شكر المنعم، والفرق بين الشكر والمعرفة، وعن مسألة تعليل أفعال اللَّه تعالى، ثم تحدَّث عن الأعيان المنتفع بها قبل الشرع، وعرَّف الإلهام، وبيَّن هل هو طريق شرعي.
1 / 17
ثم عقد فصلا عن الحكم الشرعي، وتعريفه، وهل الوقف يعد مذهبًا أم لا، وآخر عن الواجب: تعريفه، وأنواعه، والفرق بينه وبين الفرض، وصيغ كل منهما.
وتحدَّث عن العبادة وأوصافها من أداء وقضاء وإعادة، وفرض العين والكفاية، وتعرَّض لسنة الكفاية، وبعض القواعد الأصولية المتعلقة بالواجب، ثم عرَّف الحرام وبيَّن مسمياته، وتحدَّث عن المندوب، والمكروه، والمباح.
ثم بيَّن معنى خطاب الوضع وأقسامه، وتحدَّث عن الصحة والفساد والبطلان، والإجزاء والقبول، والعزيمة والرخصة.
وعقد فصلا عن التكليف، وبيَّن رأيه في مسألة تكليف الكفار بفروع الشريعة، وذكر شروط التكليف.
ثم تحدَّث عن مصادر التشريع الأساسية، فعقد بابًا للكتاب، فعرَّفه، وتحدَّث عن إعجاز القرآن، والقراءات السبع، والمحكم والمتشابه، وتفسير القرآن بالرأي والاجتهاد بلا أصل، وبمقتضى اللغة.
وعقد بابًا للسنة، بيَّن فيه معناها، وتكلم عن عصمة النبي ﷺ، وأفعاله الجبلِّية وغيرها، ودلالة سكوته ﷺ عن إنكار فعل أو قول بحضرته، وتحدَّث عن مسألة تعارض فعله وقوله ﵊، وبيَّن كون فعل الصحابي مذهبًا له.
وعقد بابًا للإجماع، عرَّفه، وتحدَّث عن الخلاف في ثبوته وحجيته، ومن يعتبر قوله في الإجماع، وتحدَّث عن إجماع الصحابة، وأهل المدينة، والخلفاء الأربعة، وأهل البيت، والإجماع السكوتي، ومسألة انقراض العصر، ودليل الإجماع، وغير ذلك من المباحث المتعلقة بالإجماع.
1 / 18
ثم عقد فصلا فيما يشترك فيه الكتاب والسنة والإجماع، فبيَّن المقصود بكل من السند والمتن، والخبر والإنشاء، وتقسيم الخبر إلى متواتر وآحاد، وما يتعلق بكل منهما، وشروط الراوي، ومن تقبل روايته، وما لا يعتبر في الراوي من الأوصاف، ورواية المجهول، والجرح والتعديل، ومراتبهما، وحكم العمل بالحديث الضعيف، والتدليس وحكمه، والإسناد المعنعن وما يشترط فيه، وعدالة الصحابة، ومستند الصحابي، ومستند غير الصحابي، وطرق التحمل ومراتبها، ومسألة رواية الحديث بالمعنى، وحمل الصحابي ما رواه على أحد محمليه، وخبر الواحد المخالف للقياس. كما تحدَّث عن المرسل، والمنقطع والموقوف.
ثم عقد بابًا للأمر، فبيَّن حقيقته، وصيغه، ودلالته، وغير ذلك مما يتعلق به من مباحث.
وبابًا للنهي، فتكلَّم عن صيغه، ودلالته.
ثم تحدَّث عن العام، وأنواعه، وصيغه، ومدلوله، وما يتعلق به، والتخصيص، ومعناه، والاستثناء، وأدواته، وشروطه، وأنواع التخصيص.
وعقد بابًا للمطلق، وبيَّن متى يحمل على المقيد، وبابًا للمجمل، فبيَّن معناه وحكمه، وآخر للمبين، وما يتعلق به.
وعقد بابًا للظاهر، وبين معنى التأويل وأنواعه. وتحدَّث عن المنطوق والمفهوم، ومعنى كل منهما، وأقسام المنطوق، ودلالته، ومفهوم الموافقة وأنواعه، ومفهوم المخالفة وأقسامه، وما يتعلق بكل منها.
ثم عقد بابًا للنسخ، فبيَّن معناه، ومدى جوازه، ووقوعه، واختلاف العلماء فيه، وأنواعه، وحكم كل منها.
1 / 19
كما عقد بابًا للقياس، فعرَّفه وبيَّن أركانه وشروطه، وتحدَّث عن العلة ومسالكها، وتقسيم القياس إلى جلي وخفي، وحكمه، وما لا يدخله القياس، وتحدَّث عن الاعتراضات وقوادح العلة.
وعقد بابًا للاستدلال، وفصلا عن الاستصحاب، وآخر عن شرع من قبلنا، وثالث عن الاستقراء، ورابع عن مذهب الصحابي، والتابعي، ومثله للاستحسان، وسد الذرائع، والمصالح المرسلة، وبعض أدلة الفقه.
وعقد بابًا للاجتهاد، فبيَّن معناه وشروطه، وتكلَّم عن تجزئه، وحكم تغيُّرِه، والتقليد وما يجوز فيه وما لا يجوز، ومن الذي يستفتيه العامي، وشروط المفتي وآداب الإفتاء، وحكم التمذهب بمذهب معين، وحكم تتبع الرخص، ومتى يلزم العمل بالفتوى، وآداب المستفتي.
وأخيرًا عقد بابًا لترتيب الأدلة والترجيح، فبيَّن المرجحات بأنواعها، وتحدَّث عن تعارض المعقولين وطرق الترجيح بينهما، وبيَّن ترجيح المقاصد الضرورية الخمسة على غيرها، وكيفية الترجيح بين المنقول والقياس.
سبب تأليف الكتاب:
ذكر المرداوي في مقدمته سبب تأليفه لهذا الكتاب، فذكر أنه ألفه ليكون مختصرًا في أصول الفقه جامعًا لمعظم أحكامه، حاويًا لقواعده وضوابطه وأقسامه، مشتملًا على مذاهب الأئمة الأربعة وأتباعهم وغيرهم، مع تقديم الصحيح من مذهب الإمام أحمد وأقوال أصحابه (١).
_________
(١) راجع: مخطوطة دار الكتب المصرية: الورقة (٢/ أ).
1 / 20