265

وإذا ظهر أنه يروي من حفظه ويخطئ فهذا الحديث وأشباهه مما يخالف فيه رواية الجمهور يكون مظنة الخطأ، فهو محمول على أنه الذي رواه المحدثون عن شعبة بلفظ: فكانوا يستفتحون القراءة أو الصلاة ب ] الحمد لله رب العالمين [، لأن هذا عن شعبة، فحفظ أبو داود المعنى الذي اعتقده ورواه فغلط بسبب غلطه في فهم المعنى، لأن الذي ظهر من الأولين أنهم إنما كانوا يحفظون الألفاظ في الغالب تبعا لحفظ المعنى، ولذلك تجد الحديث الواحد يأتي بألفاظ مختلفة، إنما يحافظون على اللفظ بخصوصه في القرآن والأذكار من الأدعية وغيرها. فأما في الأحكام فإن أذهانهم تتوجه نحو المعنى المقصود فيحفظونه، ويعبرون عنه باللفظ الذي يفيده مع تحري اللفظ تبعا لتحري المعنى لا أصالة كألفاظ القرآن والأذكار، فلهذا تختلف الألفاظ إذا اشتهر الحديث وكثرت رواته اختلافا كثيرا. وحديث شعبة، عن قتادة عن أنس باللفظ المذكور في النوع الأول: يستفتحون ب ] الحمد لله رب العالمين [ أو نحوه يروى عنه من طريق حفص بن عمر، وعمرو بن مرزوق، ومحمد بن جعفر، الذي يقال له غندر، وأبي داود الطيالسي في مسنده ( ج 1 ص 52 ). فهي أوثق من رواية أبي عبدالله السلمي عن أبي داود الطيالسي وعن شعبة، لأن روايتهم وهم أكثر أقوى من رواية أبي داود وحده. ورواية أبي داود الموافقة لهم المثبتة في كتابه أقوى من روايته التي ليست في كتابه، فالظاهر أنه رواها من حفظه وغلط فيها كما قلنا.

هذا وأبو عبدالله السلمي لا أعرفه، ولعله غلط فيه كما غلط مقبل، أو دلس بنسبته إلى مسلم ( ج 4 ص 111 ) والذي فيه إنما هو في حديث: فلم أسمع أحدا منهم يقرأ ] بسم الله الرحمن الرحيم [ وهذا يخبر عن عدم السماع بخلاف حديث عبدالله في زوائد المسند فإنه نفاها جزما.

Bogga 271