258

الثاني: أنه يحتمل أنه اعتقد أنه لم يسمع لغفلته عن الجهر بالبسملة بعينها فنفى السماع لاعتقاده أنه لم يسمع، ولا يدل ذلك على أنه لم يسمع في الواقع سماعا مع غفلته عن الجهر بالبسملة.

الثالث: أنه وإن لم يسمع فقد أثبت غيره الجهر، ومقتضى ذلك أن أنسا إذا لم يسمع فليس عدم سماعه لعدم الجهر، بل هو لبعده مثلا أو أي مانع. فنفي سماع الجهر ليس نفيا للجهر، فلا يعدل عن رواية الجهر لمجرد استبعاد عدم سماع أنس ثبوت الجهر.

النوع الثالث: ما ورد في رقم ( 3 ) بلفظ: فكانوا لا يجهرون ب ] بسم الله الرحمن الرحيم [ ورقم ( 5 ) « فلم يكونوا يجهرون » ورقم ( 26 ) بلفظ: كان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وابو بكر وعمر لا يجهرون ب ] بسم الله الرحمن الرحيم [.

والجواب، عن هذا النوع: انه يحتمل ان الرواة لهذا النوع سمعوا النوع الأول فتوهموا أن المراد بقوله: كانوا يستفتحون ب ] الحمد لله رب العالمين [ أنهم لم يكونوا يجهرون بها كما توهم غيرهم ممن يحتج بالنوع الأول على ترك الجهر. وقد قدمنا أنه لا يدل على ترك الجهر. وكثير من الرواة يروون على المعنى الذي يعتقدونه، ولذلك فلا يعارض به الروايات المثبتة للجهر. ولو فرض أن أنسا رواه بهذا اللفظ لم يصح أن يعارض به الروايات المثبتة للجهر، لأن المثبت مقدم على النافي، ولأن أنسا طال عمره وبعد عهده برسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فجاز أن يكون نسي الجهر بها واعتقد أنهم لم يكونوا يجهرون بها، ولا سيما مع كبره وتجاوزه في العمر مائة عام، مع أن الرواية الثانية من هذا النوع التي هي رقم ( 5 ) في كتاب مقبل معلة كما بينه مقبل في كتابه.

Bogga 264