120

وأما الغامضة فمؤداها ظنون يمكن النزاع في اشتراطها، وقد قال محمد بن إبراهيم الوزير في تنقيح الأنظار ( ج 1 ص 13 ): فإن كثيرا من العلل التي يعلل بها المحدثون لا تجري على أصول الفقهاء. قال ابن الأمير في شرحه: فليست عندهم شرطا. انتهى المراد. وعلى هذا فلا يحتاج علماء الزيدية إلى أن يكون لهم مؤلفات في العلل. مع أن كلام محمد بن إبراهيم إنما هو في الرد على من يمنع من النظر في كتب المخالفين وغرضه بيان الحاجة إليها. وهذا الاعتراض إنما يتم على فرض أنه لا سبيل لعلماء الزيدية إلى الجرح والتعديل ومعرفة العلل إلا بالنظر في كتب المخالفين في الجرح والتعديل، وأنهم لا ينظرون فيها، فهم لا يعلمون الجرح والتعديل والعلل بزعمه. وقد أجبنا عن توهم أنه لا سبيل إلى الجرح والتعديل ومعرفة العلل إلا بالنظر في كتب المخالفين في علم الجرح والتعديل وعلم العلل.

ونجيب عن توهم أنهم لا ينظرون في كتب المخالفين بأنه غير صحيح، بل علماؤهم المحققون ينظرون فيها ولكنهم لا يقلدون أهلها، لأنه يمكن منها تحصيل فوائد كثيرة في الجرح والتعديل والعلل، مع التمسك بأصول الزيدية، وتحرير الفكر وتجنب التقليد، والتجربة تدل على ذلك، وإنما ينبغي أن يحذر منها القاصر الذي يخشى عليه التقليد أو الاغترار، لعدم اتقانه للأصول التي تنبني عليها قواعد الجرح والتعديل، والتمييز بين الصحيح وغيره.

قال مقبل: فإذا عرفت أن مؤلفيهم يعتمدون على الضعفاء والوضاعين، وأن المحدثين يعتمدون على جبال الحفظ والاتقان كسفيان الثوري وأحمد والبخاري، الذين هم في غاية الزهد والورع، ورحم الله القائل إذ يقول:

ذهبت دولة أصحاب البدع***ووهى حبلهم ثم انقطع

Bogga 123