وبعد هذا الأَخِيرِ اضطربت الدَّولة، واستولى الطامعون عَلى بعضِ الأَقاليم، وبَقوا عَلى ذلك زَمنًا حتَّى تغلَّب عليهم محمَّدُ (١) بن المظفَّر الَّذي لَمْ يُوفّق في تَرْسيةِ قواعد متينةٍ لدولتهِ الفَتيَّة، وذلك عندما ارْتكب خَطأً فادحًا بتقسيمِ البلادِ بين ابْنيه المتنافِسين؛ حيثُ ولَّى أحدَهما مُلْكَ أَصْبهان، والآخَر مُلْكَ شيراز وكرمان؛ تَاركًا البابَ مفتوحًا لنشوبِ الخلافات المُستمرَّة بينهما؛ مِمَّا أدَّى إلى إِعلانِ الحربِ بينهما أَكْثر من مرَّة، وضعف أَمْرهما، وأَخيرًا اسْتيلاء تيمور لنك عَلى أَمْلاكِهما سنة (٧٨٨ هـ) (٢).
ولَمْ يكن الحالُ في مصر والشَّام آنذاك بأَفضل منه في بلادِ فارس والعراق؛ حيثُ وجدَ الْمَمَاليكُ الَّذين جاءَ بهم الملكُ الصَّالِحُ نجمُ الدِّين (٣)
_________
= وبموته سنة (٧٤٦ هـ) انتهت دولةُ الإيليخانيّين.
ينظر: نهاية الأَرب: (٢٧/ ٤١٩ - ٤٢٠)، صبح الأَعْشى في صناعة الإنْشا؛ للقلقشنديّ: (٤/ ٤٢٠ - ٤٢١).
(١) هو / مبارز الدِّين؛ محمّد بن مظفر؛ مؤسِّس دولة بني مظفّر. وكان أبوه قد هيّأ لقيام الدّولة عندما كان واليًا من قِبَلِ السّلطان أبي سعيد (آخر ملوك الإيليخانيين)؛ فلمّا مات خلفه ابنه محمّد واستطاع الانقلاب على أبي سعيد وسيطر على كرمان وفارس وكردستان، توفِّي سنة (٧٦٥ هـ).
ينظر: كتاب "العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ... " المشهور بتاريخ ابن خلدون: (٥/ ١١٧٧ - ١١٧٩)، و"الدُّول الإسلاميَّة"؛ لستانلي لين: (٢/ ٥٤٥).
(٢) ينظر: إيران؛ ماضيها وحاضرها: (١٢٧)، وتاريخ ابن خلدون: (٥/ ١١٧٧).
(٣) هو أبو الفتوح، أيُّوب بن محمَّد بن أبي بكر بن أيُّوب. ولّاه والدُه بعضَ الدِّيار الشَّاميَّة، فَبقى فيها إلى أَنْ تملكَ الدِّيار المصريَّة بعد وفاةِ والدِه، تُوفِّي سنة (٦٤٧ هـ). =
1 / 41