Tahkim Cuqul
تحكيم العقول في تصحيح الأصول
Noocyada
قلنا: وما المانع؟. فإذا جاز أن يخلق الضلال جاز أن يبعث من يدعو إليه؛ لأنه دون خلق الضلال.
وإن قالوا: نعم.
قلنا: فما الأمان من جميع من بعث دعوا إلى الضلال؟.
ويقال لهم: أليس يجوز أن يفعل ما هو قبيح في الشاهد يقبح منه أم لا؟ وعلى الوجهين وجب أن يجوز أن يكون في إخباره كذب، ولا نثق بوعده ووعيده، وأن تكون أوامره أمرا بقبيح ونواهيه نهيا عن الحسن.
ويقال لهم: أيجوز أن يفعل كل قبيح ولا يقبح منه عندكم؟ فلا بد من: بلى، فيقال لهم: فجوزوا أن يعاقب الأنبياء والمؤمنين ويثيب الفراعنة، ومن جاز هذا عليه لا يؤمن منه.
فإن قال: لا يجوز عليه الكذب؛ لأنه صادق لذاته.
قلنا: هذه العبارات عندكم فضلة، وبعد فإذا وعد النبي بالثواب أيقدر أن لا يثيبه؟ فلا بد من : بلى، فيقال: فإذا لم يثبه كان وعده كذبا.
ويقال لهم: إذا جاز أن يفعل الظلم والكذب والعبث وجب أن تشتق له منها أسماء، فيقال ظالم كاذب عابث.
فإن قال: أليس يفعل الحركة وليس بمحترك؟ كذلك يخلق الظلم ولا يسمى ظالما.
قلنا: المحترك اسم لما حلته الحركة، لا لمن فعل الحركة، والله تعالى يفعل الحركة ولا تحله، والظالم اسم لمن فعل الظلم.
ويقال: لو وجد في زيد حركة من فعل عمرو أيسمى محتركا؟ فلا بد من: بلى، فيقال: لو وجد ظلم من فعل زيد في عمرو من يسمى به؟.
فإن قال: عمرو، كابر؛ لأنه المظلوم، وإن قال: زيد فقد ظهر الفرق.
ويقال لهم: القبيح إنما يقبح لوقوعه على وجه، نحو كونه كذبا وظلما وعبثا، فإذا وجد منه وجب أن يقبح، كما أن الصدق والعدل يقع على وجه فيحسن، ثم يحسن منه إذا وقع على ذلك الوجه كذلك هذا.
فإن قيل: القبيح يقبح للنهي، ولا نهي عليه لأنه مالك.
Bogga 100