قلنا: عند الزيدية هو حجة، واستدلوا بقوله تعالى: ?إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا?[الأحزاب:33]، وبقوله - صلى الله عليه وآله -: ((إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا))، وذكر شيخنا أبو علي - رحمة الله عليه - أنه لو صح هذا الخبر دل على كون إجماعهم حجة، فأما سائر شيوخنا فلا يجعلونه حجة؛ لأنهم بعض الأمة.
فإن قيل: هل يجوز أن تستوي الدلائل في مسألة فيها خلاف؟.
قلنا: أما في الأصول فلا؛ لاستحالة أن يكون كلامهما حقا، فأحدهما يكون حجة والآخر شبهة، كما نقول فيما نفى التشبيه أنه أدلة، وما أثبته فشبهة؛ لاستحالة أن يكون لله تعالى شبه ولا شبه له، وكذلك المكان، وكذلك الرؤية، وجميع مسائل التوحيد، فلهذا أبطلنا قول من قال بتكافؤ الأدلة، وكفرنا القائلين بها.
فأما في فروع الشرع ومسائل الاجتهاد، فعند مشايخنا يجوز أن تستوي، ويكون التعبد لكل واحد بما أدى اجتهاده إليه ويكون كل مجتهد مصيبا.
ومنهم من جعل ذلك بمنزلة الأصول في أن كل مسألة فيها دليل قاطع على الحق، وإلى ذلك ذهب جماعة من البغداديين.
ومنهم من قال: لا بد من ترجيح، على ما يحكى عن أبي الحسين.
فإن قيل: كيف يصح قولكم في الأصول أن الحق فيها واحد وعليه دليل قاطع، ونحن نجد العقلاء مختلفين فيه، ونرى من يعتقد اعتقادا زمانا طويلا ثم يتركه ويعتقد غيره؟.
Bogga 34