وقال عفان: كان همّام لا يكاد يرجع إلى كتابه ولا ينظر فيه، وكان يُخالَف فلا يرجع إلى كتابه، وكان يكره ذلك. قال: ثم رجع بعدُ فنظر في كتبه، فقال: يا عفان كنا نخطئ كثيرًا، فنستغفر الله ﷿ (^١).
ولا ريب أنه ثقة صدوق، ولكنه قد خولف في هذا الحديث، فلعلَّه مما حدَّث به من حفظه فغلط فيه، كما قال أبو داود والنسائي والدارقطني (^٢). وكذلك ذكر البيهقي (^٣) أن المشهور عن ابن جريج، عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن أنس: "أن النبيّ ﷺ اتخذ خاتمًا من وَرِق، ثم ألقاه".
وعلى هذا فالحديث شاذّ أو منكر، كما قال أبو داود، وغريب كما قال الترمذي.
فإن قيل: فغاية ما ذُكِر في تعليله تفرّد همّام به.
وجواب هذا من وجهين: أحدهما: أن همامًا لم ينفرد به، كما تقدم. الثاني: أن همّامًا ثقة، وتفرُّد الثقة لا يوجب نكارة الحديث، فقد تفرَّد عبد الله بن دينار بحديث النهي عن بيع الوَلاء وهِبَتهِ (^٤).
وتفرّد مالك بحديث دخول النبي ﷺ مكة وعلى رأسه المِغْفر (^٥). فهذا غايته أن يكون غريبًا كما قال الترمذي، وأما أن يكون منكرًا أو شاذًّا فلا.
_________
(^١) انظر قول يزيد وعفان في "الضعفاء": (٤/ ٣٦٧ - ٣٦٨) للعقيلي.
(^٢) انظر "سنن أبي داود" (١٩)، و"السنن الكبرى" (٩٤٧٠) للنسائي، و"العلل": (٢٥٨٦) للدارقطني.
(^٣) "الكبرى": (١/ ٩٥).
(^٤) أخرجه البخاري (٢٥٣٥)، ومسلم (١٥٠٦).
(^٥) أخرجه البخاري (١٨٤٦)، ومسلم (١٣٥٧).
1 / 16