ويقال: كيف يجوز على الجماعة الكثيرة نسيان شيء؟
قلنا: إذا أمر بترك تلاوته نسي على مرور الأيام، عن أبي علي، وقيل: يكون ذلك معجزا للنبي - صلى الله عليه وسلم - ورووا في ذلك خبرا أنهم كانوا يقرؤون السورة فيصبحون وقد نسوا ذلك.
فأما من قال بالقول الثاني ما ننسخ من آية أي ما ننسخها من اللوح المحفوظ، أو ننسها نؤخرها، وننسها بتركها يعني نترك نسخها، فلا ننسخها بأن نختار منها ما هو أسهل وأنفع وأصلح.
واختلفوا في قوله: ما ننسخ من آية فكل المفسرين حملوه على الآية من القرآن، غير أبي مسلم فإنه حمل ذلك على التوراة والإنجيل وأحكامها، والشرائع التي فيها، وقال: أراد ما ننسخ من آية أي من شرائعهم، وكتبهم أو ننسها يعني لا ذكر له في القرآن، ولم يؤمن به حتى نسي، وهو يعود إلى معنى النسخ (وننسها) نؤخرها، ونبقيها فلا ينسخها القرآن، ونذكرها في القرآن، وقوله: (نأت بخير منها) يعود إلى الضمير في (منها) إلى ما ننسخ. وفي (مثلها) يرجع إلى ما ننسخ، وهو لا يرى نسخ القرآن، وهو محجوج بالإجماع، والذي ذكره ههنا وجه صحيح، وربما تأول الآيات المنسوخة على تأويل بعيد، ويتعسف فيها (نأت بخير منها) قيل: في التسهيل وفي التيسير نحو قوله: (الآن خفف الله عنكم) في الجهاد، أو مثلها في السهولة كالتوجه إلى الكعبة، عن ابن عباس، وقيل: بخير منها في الوقت الأول في الصلاح أو مثلها في ذلك، عن الحسن، وقيل: نأت بخير منها في الصلاح ومثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير قيل: خطاب للرسول، والمراد جميع المكلفين، وقيل: أراد ألم تعلم أيها السامع، أو أيها الإنسان أنه قادر على آيات وسور مثل القرآن ينسخ بها ما أمر، عن أبي علي، وقيل: هو عام في كل شيء، وقيل: ألم تعلم أنه تكفل بنصرك والانتصار ممن يعاديك، وأنه على ذلك قادر.
Bogga 539