270

لما تقدم ذكر الوعيد أعقبه بذكر الوعد، فقال تعالى: والذين آمنوا قيل: صدقوا، وقيل: عملوا خصال الإيمان، والأول أوجه؛ لأنه عطف عليه وعملوا الصالحات يعني الطاعات.

ويقال: لم ذكر العمل الصالح، وهو داخل في الإيمان؟

قلنا: على المعنى الأول - أنه التصديق - السؤال زائل، وعلى المعنى الثاني: جمع بين الصفتين ليدل على أنهم لم يضموا إلى الإيمان عمل الفساد؛ لأنه يقال: مؤمن في الظاهر، ومؤمن في الحكم، فأزال الإشكال، وبالغ في الوصف أولئك أصحاب الجنة يعني: يصحبونها ويلازمونها بالسكون فيها هم فيها خالدون أي دائمون.

* * *

(الأحكام)

الآية تدل على أن الجنة تستحق بالعمل الصالح، فيبطل قول من يقول: لا اعتبار بالعمل، والثواب والعقاب ليس بجزاء على الأعمال.

وتدل على أن الجنة وثوابها تنال بالأعمال الصالحة مع الأنبياء، خلاف قول المرجئة: إنها تنال مع المعاصي والإخلال بالواجبات، وخلاف قول المجبرة: إنها تنال من غير طاعة.

وتدل على أن نعيم الجنة دائم، فيبطل قول من يجوز انقطاعها.

وتدل على أن الخلود عبارة عن الدوام، فيبطل قول المرجئة : إنه عبارة عن غير الدوام.

ويقال: هل يلزم من أجاز الاستثناء في الوعيد أن يجيزه في الوعد؟

قلنا: نعم؛ لأنه خبر كالوعيد، وذلك يؤدي إلى بطلان جميع دلالات القرآن؛ لتجويز التخصيص من غير دليل.

Bogga 461