250

لما تقدم ذكر الآيات الباهرة، والمعجزات الظاهرة، وبين ما أتوا به بعد من العصيان، قال تعالى: ثم قست قلوبكم قيل: اشتدت ويبست، عن الكلبي، وقيل: غلظت، وقيل: اسودت، وقيل: ذهب منها اللين والرحمة والخشوع، عن الزجاج قلوبكم قيل: هو خطاب للقائلين؛ لأنهم بعد أن حيي وذكر أنهم قتلوه ومات أنكروا وحلفوا ما قتلوه، وقيل: خطاب لأحبار اليهود؛ لأنهم لأجل طلب الدنيا والاستكبار لا يقبلون الحق، ولا تنجع فيهم العظة، عن الأصم، وقيل: خطاب لجميع اليهود، وقيل: خطاب لمن كان في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - من اليهود، عن أبي مسلم من بعد ذلك قيل: من بعد إحياء الميت، وقيل: بعد تلك الآيات المتقدمة من إحياء الميت، والمسخ، ورفع الجبل، وغير ذلك، عن الأصم، قال ابن عباس: لما ضرب المقتول ببعض البقرة جلس حيا، وقال: قتلني بنو أخي، ثم قبض فأنكروا، وحلفوا ما قتلوه، والمعنى من بعد أن أحيا القتيل حتى أخبرهم كذبوا فهي كالحجارة شبه قلوبهم بالحجارة لصلابتها، يعني لا تلين لموعظة وآية، فهي كالحجر أو أشد قسوة قيل: لأن الحجارة تتصرف على مراد الله تعالى، وقلوبهم تنفر من ذلك، وقيل: أراد ما يظهر منهم من الأفعال القبيحة، ولا يظهر من الحجر، ثم بين منافع الحجارة، وأن قلوبهم لا منفعة فيها، فهي أقسى من الحجارة، فقال وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار يعني يتشقق عن الماء، فيسيل منه الأنهار، وقيل: المراد به الحجر الذي كان مع موسى إذا وضعه يتفجر منه اثنتا عشرة عينا، وقيل: هو عام وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء يعني: ومن الحجارة لما يتشقق فيخرج منه الماء، والضمير في منه يرجع إلى (ما)، وروي عن بعضهم منها يرجع إلى الأحجار وإن منها لما يهبط من خشية الله الضمير في منها قيل: يرجع إلى الحجارة، يعني: وفي الحجارة ما يهبط من خشية الله، وعليه أكثر أهل التفسير، وقيل: يرجع على القلوب، وتقديره: من القلوب ما يهبط من خشية الله تعالى، يعني يخضع فيكون مستثنى من قلوب الفاسقين، وهم من آمن من أهل الكتاب، عن أبي مسلم، ومن قال: إنه يرجع إلى الحجارة اختلفوا في معناه، فقيل: هو البرد يهبط لخشية الله، كقوله تعالى: (يحفظونه من أمر الله)

Bogga 441