242

ثم سألوا عن جنس البقرة، فقال تعالى، يعني موسى (عليه السلام): إنه يعني الله تعالى، يقول إنها بقرة يعني المأمور بذبحها لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث يعني ليست بذلول فتفعل ذلك، عن مجاهد. وقيل: تثير الأرض وتسقي الحرث على الإثبات، عن الزجاج، وهذا غلط؛ لأن أهل العلم على خلافه. قال أبو العالية : ليست بذلول فتثير الأرض، وقال الحسن: هي وحشية، فدل أنه على النفي تثير الأرض أي تقلبها ولا تسقي الحرث يعني: الأراضي المزروعة مسلمة قيل: بريئة من العيوب، عن قتادة وأبي العالية وعطاء. وقيل: مسلمة من الشية، عن مجاهد. والأول أوجه؛ لأنه أكثر في الفائدة مع صحة معناه، وعليه أكثر أهل العلم، وقيل: سليمة من آثار العمل؛ لأن العوامل لا تخلو من أثر العمل في قوائمها وبدنها، لا شية فيها قيل: لا لون فيها سوى لونها، عن قتادة ومجاهد، وقيل: لا أثر فيها سوى لونها، وقيل: لا عيب فيها، عن عطاء قالوا الآن جئت بالحق قيل: الآن بينت، عن قتادة. وقيل: جئت بالحق الذي كنا نطلب من البيان. وقيل: اضطروا إلى بقرة لا يعلمون على صفتها غيرها، فقالوا: الآن جئت بالحق الظاهر، وإن كان ما جاءه قبل ذلك حقا أيضا، وقد قال بعضهم: هذا كان كفرا منهم حيث اعتقدوا أن ما سبق ليس بحق، وهذا فاسد؛ لأنه ليس فيه أن ما سبق ليس بحق، والتأويل ما ذكرنا فذبحوها يعني البقرة على ما أمروا به وما كادوا يفعلون أي قبل الذبح كادوا لا يذبحون، قيل: لغلاء ثمنها، عن محمد بن كعب. وقيل: لقلة وجود مثلها، وقيل: لخوف الفضيحة، عن وهب والأصم. وقيل: لهما، وهذا لا يصح؛ لأن موسى لم يخبرهم بأنه يريد ذبح البقرة لإحياء الميت حتى ذبحوا، وكل ذلك كان خطأ منهم؛ لأن الواجب المبادرة إلى أمر الله وإن لم يتمكن من ذلك إلا بالمال الكثير، والتعب الشديد؛ لأن وجوب الشيء يقتضي وجوب ما لا يتم ذلك الواجب إلا به.

ويقال: لم لم يعذروا في التأخير لخوف الفضيحة؟

قلنا: ذلك لا يكون عذرا كما لا يكون عذرا في القصاص، واستيفاء الحدود، وقد يلزمه للإقرار، وتسليم النفس، على أن موسى لم يخبرهم بما لأجله أمروا بالذبح.

ويقال: أليس عند أبي علي وأبي هاشم الأمر لا يدل على الوجوب؟ فكيف ذمهم بتركه؟

قلنا: الأكثر على أنه على الوجوب، وهو الصحيح، على أنه يجوز أن يكون في شرعهم أنه على الوجوب، ويجوز أن يقترن به ما علموا أنه على الوجوب، ولأن موسى يخاف الفتنة بين قومه فدل على وجوبه، ولأن الأمر إذا كان عقيب سبب، فقد يدل السبب على أن الأمر فيه على الوجوب.

ويقال: بكم اشتريت البقرة؟

قلنا: بملء جلدها ذهبا. وقيل: بوزنها عشر مرات، عن السدي، وقيل: كانت البقرة لشاب من بني إسرائيل بار بوالديه.

* * *

(الأحكام)

الآية تدل على أن هذا تكليف رابع غير ما تقدم؛ لأنه أجزأ فيما تقدم ما لم يجزئ ههنا، ولأنه قال: فذبحوها وما كادوا يفعلون ذما لهم، ولو كان بيانا. لكان

Bogga 433