(المعنى)
ثم بين تعالى عصيانهم فيما أمروا به، قال: فبدل الذين ظلموا يعني غيروا ما أمروا به فقالوا غير ذلك، واختلفوا في ذلك الغير، فقيل: قالوا: حنطة حمراء فيها شعيرة، وقيل: قالوا: حنطة تجاهلا واستهزاء، عن ابن عباس، وقيل: أمروا بالطاعة فبدلوها بالمعصية، وقيل: غيروا القول ولم يبين ما قالوا، عن الأصم، وقيل: دخلوا مقنعي رؤوسهم على أستاههم، وقد أمروا بالسجود فأنزلنا على الذين ظلموا يعني: عصوا ربهم بالتبديل، فصاروا ظالمين لأنفسهم بما وجب لهم من العذاب رجزا قيل: عذابا، عن ابن عباس والحسن وقتادة والأصم وأبي علي وأبي مسلم، وقيل: بعث الله عليهم الطاعون فهلكوا، وبقي الأبناء بما كانوا يفسقون قيل: (ما)
بمعنى المصدر، أي بفسقهم، وقيل: بكونهم فاسقين، هو خروجهم عن طاعة الله.
* * *
(الأحكام)
الآية تدل على أن جميعهم لم يغيروا، وإنما غير بعضهم، لذلك قال: فبدل الذين ظلموا.
وتدل على أن ذلك التبديل منهم كان كبيرة حتى استحقوا الوعيد.
وتدل على أن الفسق يقتضي استحقاق العقاب في شرعهم وشرعنا؛ لأن حكاية ذلك عنهم من غير بيان اختلاف الشريعتين تدل أنهما سواء قوله تعالى: (وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين (60)
* * *
(القراءة)
قراءة العامة (اثنتا عشرة عينا) بسكون الشين على التخفيف، وقرأ أبو جعفر بكسر الشين، وعن بعضهم بفتح الشين، والوجه الأول؛ لأنه أخف، ولأن عليه القراء.
Bogga 402