195

ثم ذكر تعالى نعمة أخرى فقال: (وإذ آتينا) يعني اذكروا إذ أعطينا (موسى الكتاب) يعني التوراة والفرقان اختلفوا فيه، قيل: المراد به الكتاب، وصفه بصفتين كقوله: بعدا وسحقا، قال: وألفى قولها كذبا ومينا وتقول: هو الرجل الكريم، قال الشاعر: إلى الملك القرم وابن الهمام ... وليث الكتيبة في المزدحم عن الفراء والزجاج، وقيل: وصفه بصفتين مختلفتين في المعنى، فالكتاب المكتوب، والفرقان يفرق به بين الحق والباطل، تقول: هو الرجل الكريم العادل، عن ابن عباس وأبي مسلم، قال الكسائي: كأنه وصف الكتاب بالفرقان، وتكون الواو صلة، وقيل: الكتاب: التوراة، والفرقان: الأدلة التي تفرق بين الحق والباطل سوى ما في التوراة، وقيل: الفرقان النصر على أعدائه، وقيل: انفراق البحر لبني إسرائيل، وقيل: ما أوتي موسى من المعجزات الباهرة، وقال قطرب: ويغلب الفرقان على القرآن، وتقديره: وإذ آتينا موسى التوراة، ومحمدا الفرقان، وهذا بعيد؛ لأنه لم يجر له ذكر، ولأنه تعالى أخبر أنه آتى موسى الفرقان وقوله تعالى: (ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان)

(لعلكم تهتدون) وقيل: لكي تهتدوا، وقيل: عرضناكم للاهتداء.

ويقال: لعلكم تهتدون خطاب لمن؟

قلنا: لبني إسرائيل، الذين كانوا أيام موسى، وتقديره: وقلنا لهم: لعلكم تهتدون، وقيل: هو خطاب لمن كان في عصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقديره: لكي تهتدوا للإيمان لما دعوتكم إليه.

ويقال: كيف يقع به الاهتداء، وقد انقطع نقله؟

قلنا: فيه قولان: أحدهما: أنه خطاب لأسلافهم، والثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يخبرهم بذلك فيمكنهم أن يستدلوا ويعرفوا.

Bogga 386