ومثال ذلك أن الصناعات والهمم والتدابير الإختيارية كلها يقصد بها خير ما وما لم يقصد به خير ما فهو عبث والعقل يحظره ويمنع منه وبالواجب صار الخير المطلق هو المقصود إليه من كل الناس. ولكن بقى أن يعلم ما هو وما الغاية الأخيرة منه التي هي غاية الخيرات التي ترتقي الخيرات كلها إليها حتى نجعله غرضنا وتوجه إليه ولا نلتفت إلى غيره ولا تنتشر أفكارنا في الخيرات الكثيرة التي تؤدي إليه إما تأدية بعيدة وإما تأدية قريبة ولا نغلط أيضا فيما ليس بخير فنظنه خيرا ثم نفي أعمارنا في طلبه والتعب به وكلا سنبينه بمشيئة الله وعونه.
أقسام الخير
الخير على قسمه أرسطوطا ليس وحكاه عنه قرقوريوس غيره قال الخيرات منها ما هي شريفة ومنها ماهي ممدوحة ومنها ما هي بالقوى كذلك وما هي نافعة فيها. فالشريفة منها هي التي شرفها من ذاتها وتجعل من اقتناها شريفا وهي الحكمة والعقل والممدوحة منها مثل الفضائل والأفعال الجميلة الإرداية والتي هي بالقوى مثل التهيء والإستعداد لنيل الأشياء التي تقدمت
1 / 88