وللإنسان في ترتيب هذه الآداب وسياقها أولا فأولا إلى الكمال الأخير طريق طبيعي يتشبه فيها بفعل الطبيعة. وهو أن ينظر إلى هذه القوى التي تحدث فينا أيها أسبق إلينا وجودا فيبدأ بتقويمها ثم بما يليها على النظام الطبيعي وهو بين ظاهر. وذللك أن أول ما يحدث فينا هو الشيء العام للحيوان والنبات كله ثم لا يزال يختص بشيء شيء يتميز به عن نوع نوع إلى أن يصير إلى الإنسانية. فلذلك يجب أن نبدأ بالشوق الذي يحصل فينا إلى الغضب ومحبة الكرامة فنقومه ثم بآخره وهو الشوق الذي يحصل فينا إلى المعارف والعلوم فنقومه. وهذا الترتيب الذي قلنا أنه طبيعي إنما حكمنا فيه لما يظهر فينا منذ أول نشونا أعني أن نكون أولا أجنة ثم أطفالا ثم أناسا كاملين وتحدث فينا هذه القوى مرتبة. فأما أن هذه الصناعة هي أفضل الصناعات كلها أعني صناعة الأخلاق التي تعني بتجويد أفعال الإنسان بحسب ما هو إنسان فيتبين مما أقول.
الإنسان
لما كان للجوهر الإنساني فعل خاص لا يشاركه فيه شيء من موجودات العالم كما بيناه فيما تقدم، وكان الإنسان أشرف موجودات عالمنا ثم لم تصدر عنه أفعاله بحسب جوهره
1 / 46