كالخضرة والصفرة في المثالين السابقين أم بقيت عرفا واما البقاء الحقيق فغير ممكن لحصول الضعف فيها لا محالة لحقت الصورة الثانية أعني الاستهلاك من الطرفين بالأولى وان قلنا إن المناط تأثر الماء عن النجاسة بالقوة بمعنى كونها بحيث لو خالف لونها لون النجاسة لاستهلكته وعدم المخالفة بين الطرفين وتارة لعدم اللون لها واخرى لتوافق اللونين عم الحكم الصورة الثالثة بقسميها واما الفرق بين قسميها بان التغير في القسم الثاني محسوس لكنه مستور فلم يفهم محصله فان الجسم الواحد لا يتصف بلونين إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم أن الاظهر في معنى الروايات هو المعنى الثاني وعليه فلا يعتبر التغير التقديري باقسامه المتقدمة أعني ما لو كان النجاسة فاقدة أو كانت ذات صفة في الماء صفة مانعة عن تأثيرها ذاتية كانت كماء الزاج والكبريت أو عرضية كالمصبوغ بطاهر احمر وهذا هو كل من اطلق التغير غلافا للمنتهى وعد حيث قال فيهما لو وافقت النجاسة الماء في صفاته فالأقرب الحكم بنجاسة الماء إن كان يتغير بمثلها على تقدير المخالفة والا فلا ويحتمل عدم التنجيس لعدم المقتضى وهو التغير انتهى ولعل الوجه في ذلك ما اختاره في موضع اخر من أن التغيير كاشف عن مؤثر التنجيس لا انه نفس المؤثر ولازم ذلك أنه إذا حصل ما يكون علة تامة للتغير لا مانع منه الأسبق الماء بعلة أخرى له فتخلف المؤثر لقصور المتأثر عن التأثر لا لنقص في المؤثر فيحصل النجاسة وفيه أولا منع كون التغير كاشفا وطاهر الاخبار كونه نفس المؤثر نعم قد يتراءى من بعض الأخبار إناطة الحكم بالغلبة والاستيلاء الظاهر بن في اعتبار النجاسة من حيث الكمية لكن الظاهر منها بعد التأمل إرادة الغلبة من حيث الوصف مع أن اعتبار الغلبة من حيث الكم يوجب عدم الحكم بالنجاسة الا مع استهلاك الماء وخروجه عن حقيقته لكثرة النجاسة ولم يقل به أحد وثانيا منع تحقق المؤثر فيما نحن فيه لعدم الكاشف عنه غير التغير المفقود بالفرض ثم إن ظاهر العبارة صيرورة النجاسة كالماء في كيفية الأصلية الغالبة فيها من عدم الوصف لا صيرورة لماء كالنجاسة في وجود الصفة الثابتة لها غالبا فلا وجه لما اورده عليه جامع المقاصد من أن حق العبارة أن يقول لو وقعت نجاسة مسلوبة الصفات لان موافقة النجاسة الماء في الصفات صادق على نحو الماء المتغير بطاهر احمر إذا وقع فيه دم فيقتضى ثبوت التردد في تقدير المخالفة في هذه الصورة وينبغي القطع بوجوب التقدير المصباح لان التغير هنا تحقيقي غاية الأمر انه مستور عن الحس انتهى ولا يخفى عدم صدق العبارة المذكورة على الصورة التي ذكرها كما لا يخفى على العارف التأمل ثم الظاهر من جامع المقاصد انه لا ينبغي التأمل في التقدير فيما ذكره من صورة عروض وصف للماء مانع من ظهور التغير لما ادعاه من كون التغير تحقيقا مستورا وحكى نحوه عن المدارك والعالم وسبقهم إليه الشهيد قده في البيان قال إن الماء إذا كان مشتملا على ما يمنع من ظهور التغير فح يكفي التقدير وعن الحدائق انه قطع به متأخروا الأصحاب من غير خلاف معروف بينهم في هذا الباب وعن المصابيح إما إذا كانت النجاسة موافقة في صفته الأصلية كما في المياه الزاجية والكبريتية أو العارضة كما لو وقع في الماء المتغير بطاهر احمر دم فان الماء ينجس قطعا الظهور وصف النجاسة عليه حقيقة بل قد يقال إنه لا بد ان تؤثر النجاسة فيه اشتداد التحقق التغير حسا انتهى أقول لا خفاء في امتناع لون محل واحد شخصي بلونين وقد عرفت ان لون الماء بالنجاسة لا يكون الا مع تأثيرها فيه فعلا وانه لو فرض ممازجة جسمين متساويين في اللون لم يصر أحدهما منفعلا بلون الأخر بل كان جزء من المجموع مركب من جزئين لون كل منهما قائم بنفسه غير مؤثر في الأخر لامتناع الترجيح بلا مرجح فلا أجد معنى لظهور وصف النجاسة وتحقق التغير والاستيلاء ودعوى استتاره عن الحس ولا لما ذكر من أنه لابد من تأثير النجاسة اشتداد في الون الماء الموافق له وقد مثلنا لك ان زيادة اللبن على اللبن لا يؤثر في بياضه ولأجل ما ذكرنا اعترف العلامة والشهيد قده فيما تقدم من كلامهما بان التغير هنا تقديري ثم الفرق بين صورتي التوافق مشكل كما يظهر من الحدائق ومحكى حاشية المدارك بل جزم في الروض بعدمه وهو الظاهر لاشتراكهما في كون التغيير الفعلي معلقا غاية الا متوقفه في أحدهما على وجود المقتضى وفى الأخرى على انتفاء المانع بل الظاهر كونه من قبيل الثاني في كليهما لأن الماء وإن كان فاقد للصفة عرفا كالنجاسة الا انهما لا يخلون عن لون قطعا ولذا قد يستهلك الفاقد الواجد ويسلبه صفته فيقال انه صار بصفة ما استهلكته فالتأثير المصباح يتوقف على عدم هذا الوصف الذي يطلق عليه مسامحة عدم الصفة ويتلوا الفرق المذكور في الاشكال بل الضعف ما عن المحقق الخونساري في المشارق من الفرق في صورة وجدان الماء للصفة المانعة بين كونها أصلية كالمياه الزاجية والكبريتية وكونها عارضية كالمصبوغ بطاهر فيعتبر التقدير في الثاني دون الأول ولعله يعتبر استيلاء النجاسة على أوصاف الماء الأصلية ولو من حيث الصف لا من حيث خصوص النوع ولا يعمهما والشخص ثم إن بعض من اعترف بعدم تحقق التغير الصنفي في صورة عروض الصفة المانعة من التغير للماء اختار الحاقه به في الحكم وبنى على أن المراد بصفات الماء صفاته الأصلية لا الصفة الطارية بمغير عن صفته الأصلية ومرجعه إلى كفاية كمال التأثير في النجاسة وان قصر الماء عن التأثر لتأثره قبلها وذكر لذلك وجوها نذكرها ملخصا مع الجواب عنها الأول ان التأثير المذكور لا يكون الا مع اثر للنجاسة صالح للتغير لو فرض وهذا الأثر يجب ازالته في تطهير الماء لو فرض تغيره حسا بنجاسة أخرى كما يشهد به اخبار البئر فهو مؤثر في التنجيس أيضا وفيه ان المتيقن من أدلة الانفعال الأثر المغير فعلا واما الأثر الصالح للتغير فمشكوك التأثير فيرجع في حكمه إلى الأصول ومقتضاها الحكم بعدم النجاسة مع الشك في حدوثها بسبب هذا الأثر وببقائها مع الشك في ارتفاعها إذا لم يرتفعا ذلك الأثر مع أنه قد يمنع وجوب ازالته لمنع الاستصحاب في مثله أو لقيام
Bogga 6