الثاني الدليل الثاني لا يعقل سبب معدم ... لهم في استحالة عدم العالم أن قالوا: العالم لا تنعدم جواهره لأنه لا يعقل سبب معدم له، وما لم يكن منعدمًا ثم انعدم فلا بد وأن يكون بسبب، وذلك السبب لا يخلوا إما من أن يكون إرادة القديم، وهو محال لأنه إذا لم يكن مريدًا لعدمه ثم صار مريدًا فقد تغير، أو يؤدي إلى أن يكون القديم وإرادته على نعت واحد في جميع الأحوال، والمراد يتغير من العدم إلى الوجود ثم من الوجود إلى العدم. وما ذكرناه من استحالة وجود حادث بإرادة قديمة يدل على استحالة العدم.
ولا فعله فإن الأقوال بهذا الأمر باطلة
ويزيد هاهنا إشكال آخر أقوى من ذلك، وهو أن المراد فعل المريد لا محالة، وكل من لم يكن فاعلًا ثم صار فاعلًا فإن لم يتغير هو في نفسه فلا بد وأن يصير فعله موجودًا بعد أن لم يكن موجودًا. فإنه لو بقي كما كان إذ لم يكن له فعل، والآن أيضًا لا فعل له، فإذن لم يفعل شيئًا. والعدم ليس بشيء فكيف يكون فعلًا؟ وإذا أعدم العالم وتجدد له فعل لم يكن، فما ذلك الفعل؟ أهو وجود العالم؟ وهو محال إذا انقطع الوجود، أو فعله عدم العالم؟ وعدم العالم ليس بشيء حتى يكون فعلًا، فإن أقل درجات الفعل أن يكون موجودًا وعدم العالم ليس شيئًا موجودًا حتى يقال: هو الذي فعله
1 / 128