يتحرك من المشرق إلى المغرب والذي تحته بالعكس، وكل ما يمكن تحصيله بهذا يمكن تحصيله بعكسه وهو أن يتحرك الأعلى من المغرب إلى المشرق وما تحته في مقابلته فيحصل التفاوت، وجهات الحركة بعد كونها دورية وبعد كونها متقابلة متساوية فلم تميزت جهة عن جهة تماثلها؟
قولهم الجهتان متضادتان
فإن قالوا: الجهتان متقابلتان متضادتان فكيف يتساويان؟
قولنا والأوقات!
قلنا: هذا كقول القائل: التقدم والتأخر في وجود العالم يتضادان فكيف يدعي تشابههما؟ ولكن زعموا أنه يعلم تشابه الأوقات بالنسبة إلى إمكان الوجود وإلى كل مصلحة يتصور فرضه في الوجود. فكذلك يعلم تساوي الأحياز والأوضاع والأماكن والجهات بالنسبة إلى قبول الحركة وكل مصلحة تتعلق بها. فإن ساغ لهم دعوى الاختلاف مع هذا التشابه كان لخصومهم دعوى الاختلاف في الأحوال والهيئات أيضًا.
الاعتراض الثاني صدور حادث من قديم
الاعتراض الثاني على أصل دليلهم أن يقال: استبعدتم حدوث حادث من قديم، ولا بد لكم من الاعتراف به فإن في العالم حوادث ولها أسباب. فإن استندت الحوادث إلى الحوادث إلى غير نهاية فهو محال، وليس ذلك معتقد عاقل. ولو كان ذلك ممكنًا لاستغنيتم عن الاعتراف بالصانع وإثبات واجب وجود هو مستند الممكنات. وإذا كانت الحوادث لها طرف ينتهي إليه تسلسلها فيكون ذلك الطرف هو القديم، فلا بد إذن على أصلهم من تجويز صدور حادث من قديم.
قولهم في حصول الاستعداد وحضور الوقت
فإن قيل: نحن لا نبعد صدور حادث من قديم أي حادث كان، بل نبعد صدور حادث هو أول الحوادث من القديم، إذ لا يفارق حال الحدوث ما قبله في ترجح جهة الوجود، لا من حيث حضور وقت ولا آلة ولا شرط ولا طبيعة ولا غرض ولا سبب من الأسباب. فأما إذا لم يكن هو الحادث الأول
1 / 107