[132] ثم قال ابو حامد مجيبا للفلاسفة عن المتكلمين فى معارضة هذا القول قلنا المفهوم الاصلى من اللفظين وجود ذات وعدم ذات . والامر الثالث الذى فيه افتراق اللفظين نسبة لازمة بالاضافة الينا بدليل انا لو قدرنا عدم العالم فى المستقبل ثم قدرنا لنا بعد ذلك وجودا ثانيا لكنا عند ذلك نقول كان الله ولا عالم ويصح قولنا سواء اردنا به العدم الاول أو العدم الثانى الذى هو بعد الوجود وآية ان هده نسبة ان المستقبل يجوز أن يصير ماضيا فيعبر عنه بلفظ الماضى . وهذا كله لعجز الوهم عن توهم موجود مبتدأ إلا مع تقدير قبل له وذلك القبل الذى لا ينفك الوهم عنه يظن أنه شىء محقق موجود هو الزمان . وهو كعجز الوهم عن أن يقدر تناهى الجسم فى جانب الرأس مثلا الا على سطح له فوق فيتوهم ان وراء العالم مكانا اما ملاء واما خلاء واذا قيل ليس فوق سطح العالم فوق ولا بعد ابعد منه امتنع الوهم من الاذعان لقبوله كما اذا قيل ليس قبل وجود العالم قبل هو وجود محقق نفر عن قبوله وكما جاز أن يكذب الوهم فى تقديره فوق العالم خلاء هو بعد لا نهاية له بان يقال له الخلاء ليس مفهوما فى نفسه وأما البعد فهو تابع للجسم الذى تتباعد أقطاره فاذا كان الجسم متناهيا كان البعدالذى هو تابع له متناهيا وانقطع الملاء والخلاء غير مفهوم فثبت ان ليس وراء العالم لا خلاء ولا ملاء وان كان الوهم لا يذعن لقبوله . فكذلك يقال كما ان البعد المكانى تابع للجسم فكذلك البعد الزمانى تابع للحركة فانه امتداد الحركة كما ان ذلك امتداد اقطار الجسم وكما ان قيام الدليل على تناهى اقطار الجسم منع من اثبات بعد مكانى وراءه فقيام الدليل على تناهى الحركة من طرفيه يمنع من تقدير بعد زمانى وراءه وإن كان الوهم متشبثا بخياله وتقديره ولا يرعوى عنه ولا فرق بين البعد الزمانى الذى تنقسم العبارة عنه عند الاضافة الى قبل وبعد وبين البعد المكانى الذى تنقسم العبارة عنه عند الاضافة الى فوق وتحت فان جاز اثبات فوق لا فوق فوقه جاز اثبات قبل ليس قبله قبل محقق، الا خيال وهمى كما فى الفوق وهذا لازم فليتأمل فانهم اتفقوا على أن ليس وراء العالم لا خلاء ولا ملاء
Bogga 73