291

Taghr Bassam

الثغر البسام في ذكر من ولى قضاة الشام

[186]

القضاة الحنابلة

وقد علم من كلام الشيخ تقي الدين الأسدي المذكور قبل ذلك أن أول من ولي قضاء الحنابلة بدمشق مستقلا شمس الدين بن أبي عمر محمد بن أحمد بن قدامة.

شمس الدين بن قدامة

وهو: قال ابن كثير في سنة اثنتين وثمانين وست مئة: شيخ الجبل الإمام العلامة شمس الدين أبو محمد عبد الرحمن ابن الشيخ أبي عمر محمد بن أحمد بن قدامة الحنبلي. أول من ولي قضاء الحنابلة بدمشق، ثم تركه، وولي تدريس الأشرفية بالجبل. وقد سمع الحديث الكثير، وكان من علماء الناس وأكثرهم ديانة في عصره وأمانة، مع هدى وسمت صالح حسن، وخشوع ووقار. توفي ليلة الثلاثاء سلخ ربيع الأول من هذه السنة عن خمس وثمانين سنة، ودفن في مقبرة والده خارج الحواقة. انتهى.

قال بعضهم: وكان رحمة للمسلمين، ولولاه لراحت أملاك الناس لما تعرض إليها السلطان فقام فيها المؤمنين، وعاداه جماعة الحكام، وتحدثوا فيه بما لا يليق، ونصره الله عليهم بحسن نيته. أخذ عنه الشيخ محيي الدين النووي، وكان يقول: هو أحد شيوخي. وكانت مدة توليته القضاء تزيد على اثنتي عشرة سنة، ولم يتناول عليه معلوما، ثم عزل نفسه في آخر عمره.

نجم الدين بن قدامة

وبقي قضاء الحنابلة شاغرا مدة حتى وليه ولده نجم الدين أحمد. ميلاده سنة إحدى وخمسين وست مئة. وسمع حضورا من خطيب مردا، وسمع من إبراهيم بن خليل، وأحمد بن عبد الدايم، كان شابا مليحا مهيبا تام الشكل، ليس له من اللحية إلا شعرات يسيرة. وكان له مع القضاء الخطابة بالجبل والإمامة بحلقة الحنابلة. وكان حسن السير في أحكامه، مليح الدرس، وله قدرة على الحفظ ومشاركة جيدة في العلوم. تولى القضاء في أيام والده لما عزل نفسه كما تقدم، وتوفي في ثالث جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وست مئة، ودفن عن والده في مقبرة جده.

شرف الدين المقدسي

Bogga 291