77

Tafsirka Qur'aanka

تفسير القرآن الكريم (ابن القيم)

Baare

مكتب الدراسات والبحوث العربية والإسلامية بإشراف الشيخ إبراهيم رمضان

Daabacaha

دار ومكتبة الهلال

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٠ هـ

Goobta Daabacaadda

بيروت

الناس وقضاء حوائجهم، ومساعدتهم بالمال والجاه والنفع أفضل. فتصدوا له وعملوا عليه واحتجوا بقول النبي ﷺ «الخلق كلهم عيال الله، وأحبهم إليه أنفعهم لعياله» رواه أبو يعلي. واحتجوا بأن عمل العابد قاصر على نفسه وعمل النفاع متعد إلى الغير، وأين أحدهما من الآخر؟. قالوا: ولهذا كان فضل العالم على العابد: كفضل القمر على سائر الكواكب. قالوا: وقد قال رسول الله ﷺ لعلي بن أبي طالب ﵁ «لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم» وهذا التفضيل للنفع المتعدي، واحتجوا بقوله ﷺ «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من أتبعه، من غير أن ينتقض من أجورهم شيء» «١» واحتجوا بقوله ﷺ «إن الله وملائكته يصلون على معلمي الناس الخير» وبقوله ﷺ «إن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض، حتى الحيتان في البحر والنملة في حجرها» . واحتجوا بأن صاحب العبادة إذا مات انقطع عمله، وصاحب النفع لا ينقطع عمله ما دام نفعه الذي نسب إليه. واحتجوا بأن الأنبياء إنما بعثوا بالإحسان إلى الخلق وهدايتهم، ونفعهم في معاشهم ومعادهم، لم يبعثوا بالخلوات والانقطاع عن الناس والترهب، ولهذا أنكر النبي ﷺ على أولئك النفر الذين هموا بالانقطاع للتعبد، وترك مخالطة الناس، ورأي هؤلاء التفرق في أمر الله ونفع عباده والإحسان إليهم أفضل من الجمعية عليه بدون ذلك. الصنف الرابع: قالوا: إن أفضل العبادة: العمل على مرضاة الرب

(١) أخرجه الترمذي عن أبي هريرة برقم ٢٦٧٤.

1 / 82