(يعلمُونَ (١٠٢) وَلَو أَنهم آمنُوا وَاتَّقوا لمثوبة من عِنْد الله خير لَو كَانُوا يعلمُونَ (١٠٣) يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَقولُوا رَاعنا وَقُولُوا انظرنا واسمعوا وللكافرين)
﴿ولبئس مَا شروا بِهِ أنفسهم لَو كَانُوا يعلمُونَ﴾ بئس اخْتِيَار اختاروه لأَنْفُسِهِمْ.
فَإِن قيل: أَلَيْسَ قد قَالَ: ﴿وَلَقَد علمُوا لمن اشْتَرَاهُ مَاله فِي الْآخِرَة من خلاق﴾ فَمَا معنى قَوْله: ﴿لَو كَانُوا يعلمُونَ﴾ وَقد أخبر أَنهم قد علمُوا؟
قيل: أَرَادَ بقوله: ﴿وَلَقَد علمُوا﴾ الشَّيَاطِين. وَبِقَوْلِهِ: ﴿لَو كَانُوا يعلمُونَ﴾ الْيَهُود.
وَقيل: كِلَاهُمَا فِي الْيَهُود؛ لكِنهمْ لما لم يعملوا بِمَا علمُوا؛ فكأنهم لم يعلمُوا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَو أَنهم آمنُوا وَاتَّقوا﴾ آمنُوا بك يَا مُحَمَّد ﴿وَاتَّقوا﴾ الْكفْر وَالسحر ﴿لمثوبة﴾ لثواب ﴿من عِنْد الله خير لَو كَانُوا يعلمُونَ﴾ .
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَقولُوا رَاعنا﴾ . مَعْنَاهُ: أرعنا سَمعك واسمع منا وَحَقِيقَته (فرغ) سَمعك لكلامنا.
﴿وَقُولُوا أنظرنا﴾ أَي: انتظرنا، وَقيل: انْظُر إِلَيْنَا.
وَقَرَأَ الْأَعْمَش: " أنظرنا " أَي: أمهلنا. وَقَالَ الشَّاعِر:
﴿أَبَا هِنْد فَلَا تعجل علينا ... وأنظرنا نخبرك اليقينا﴾
أَي: أمهلنا.
﴿واسمعوا﴾ أَي: أطِيعُوا. ﴿وللكافرين عَذَاب أَلِيم﴾ أَي: عَذَاب مؤلم. وَفِي سَبَب نزُول الْآيَة قَولَانِ:
أَحدهمَا: أَن الصَّحَابَة كَانُوا يَقُولُونَ للنَّبِي: " رَاعنا " ويريدون بِهِ مَا ذكرنَا، فَسَمعهُ الْيَهُود. وَكَانَ ذَلِك عِنْدهم سبا وَهُوَ بِمَعْنى يَا أَحمَق.
وَقد قَرَأَ الْأَعْمَش: " رَاعنا " منونا، وَقَرَأَ الْحسن: " راعونا " وهما لُغَتَانِ من الرعونة،